الإسلاموفوبيا.. سلاح إخواني يمزق أوروبا بصمت
على الخيط الرفيع الفاصل بين المفاهيم يلعب إخوان أوروبا متخذين من مكافحة الإسلاموفوبيا سلاحا يستهدف كسب تأييد وتعاطف القارة العجوز.
ففي خضم الحملات والمبادرات الرامية لتقديم الإسلام في حلته الأصلية الخالية من التطرف، وإلغاء وصمه عبر مفاهيم خاطئة تخلط بين الدين والإرهاب، يتسلل التنظيم بصمت ليركب على الجهود ويحول وجهة ثمارها لصالحه.
هكذا يتحرك الإخوان في أوروبا في ظل الضغوط المتزايدة عليهم بالآونة الأخيرة، ومساعي تصنيفهم جماعة إرهابية، محاولين كسب التعاطف للإفلات من زاوية ضيقة تحشرهم بين مطرقة الوسم الاجتماعي والرقابة الرسمية.
تخدم الإخوان
فلورنس بيرجود-بلاكلر، الباحثة في علم الأنثروبولوجيا بالمركز الوطني الفرنسي للبحث العلمي، حذرت في قراءتها للموضوع، من أن مكافحة الإسلاموفوبيا تستجيب لتوقعات نشطاء الإخوان.
وفلورنس بيرجود-بلاكلر، تعمل منسقة لمناهضة الكراهية ضد المسلمين أو ما يعرف بالإسلاموفوبيا.
وتقول بلاكلر، في حديث طالعته "العين الإخبارية" في إعلام فرنسي: "في الأول من فبراير (شباط الماضي)، تم تعيين ماريون لاليس منسقة لمحاربة الكراهية ضد المسلمين من قبل المفوضة الأوروبية للمساواة هيلينا دالي، بمهمة مكافحة "التمييز الهيكلي والفردي" ضد المسلمين".
وأضافت أنه "إذا كان هذا المنصب الذي ظل شاغرا لعدة أشهر، لا يزال مثيرا للجدل، فذلك لأن مكافحة الإسلاموفوبيا تستخدم كسلاح للقوة الناعمة للإخوان والتي تهدف إلى منع أي انتقاد للتطرف".
وتابعت: "لا يهم ما إذا كنا نتحدث عن "محاربة الكراهية ضد المسلمين أو محاربة الإسلاموفوبيا، فإن هذا النضال المؤسسي حول الأنف الزائف للنضال ضد العنصرية يساعد بتحقيق الخطوة الأولى الحاسمة في خطة الإخوان لأدلجة أوروبا".
سلاح صامت
في عام 1997، قدمت مؤسسة أبحاث بريطانية لوزير الداخلية حينها جاك سترو، أول تقرير عن الموضوع بعنوان "الإسلاموفوبيا: تحدٍ لنا"، تناول صعوبة الديمقراطيات الليبرالية في قبول ودمج السكان مع "مشاعر وقيم أخرى".
وعلى سبيل الحلول، يقترح التقرير الاعتراف بالثقافة واللغة والعادات والدين كأساس للتمييز، بينما حتى الآن كان يعتمد فقط على العرق. ولمنع حدوث إشكال، ينصح بأن يعهد بها إلى المجتمع المدني وليس إلى الدولة، أي من الأفضل تجنب قوة العقوبة والعنف الذي يمكن أن تولده بدورها، واتخاذ دروب التسامح و"التربية"، والتفاوض بدلا من القوة.
وبناء على ذلك، يوصي التقرير المقدم للوزير البريطاني حل المشكلة من خلال التدخل المستهدف لقادة الرأي والمؤثرين ووسائل الإعلام ومراكز الفكر على أساس عشرات التوصيات المفصلة بعناية والتي من شأنها أن تحل محل عبارة "مغلقة وسلبية من الإسلام" مفتوحة ورؤية ايجابية.
طرحٌ استثمره إخوان أوروبا خصوصا بالآونة الأخيرة في ظل اشتداد الخناق حول أنشطتهم بالقارة العجوز، وصدور عدة تقارير، منها استخباراتية، ترصد مخاطرهم على المجتمعات ودورهم في نشر التطرف والإرهاب.
فمع انحسار الخيارات، ترى الباحثة الفرنسية أن التقرير البريطاني يشكل نموذجا للتنظيمات الإخوانية التي تتخذ من مكافحة الإسلاموفوبيا أو العنصرية أو الكراهية "البنيوية" كطريق لفرض مخططهم لأدلجة أوروبا وكسب التأييد واختراق المجتمعات.
حصار عالمي
تحرك إخواني صامت يأتي في وقت يواجه فيه التنظيم نفورا عالما بعد أكثر من عقد من ركوبه على موجات الغضب الشعبي في عدد من الدول، وأفوله بشهادة فشل ذريع.
ومؤخرا، انضمت السويد إلى عدد من دول أوروبا التي يقرع باحثوها ومفكروها جرس التحذير من خطورة تغلغل التنظيم في المجتمع، في خطوة سبقتها تدابير تشريعية وأمنية صارمة.
وإجمالا، أظهرت مختلف الدراسات تطابق المبررات التي قدمها باحثون وخبراء في عدة دول أوروبية كانت لها تجارب مختلفة في محاصرة أنشطة التنظيم على غرار فرنسا والنمسا وغيرهما.