جدل بين العلمانيين والمتدينين في إسرائيل بشأن المسؤولية عن التعليم
برز جدا واسع بين العلمانيين والمتدينين في إسرائيل بعد تكليف قيادي يميني متشدد بمنصب رفيع في جهاز التعليم.
وأسند رئيس الوزراء الإسرائيلي المكلف بنيامين نتنياهو وحدة المناهج التعليمية الخارجية وتعزيز الشراكات في وزارة التربية والتعليم إلى رئيس حزب "نوعام" اليميني المتشدد آفي ماعوز.
ويسمح هذا الاتفاق لماعوز بالسيطرة على المحتوى التعليمي واتخاذ قرارات بشأن المنظمات التي ستدخل المدارس في كل إسرائيل.
وجاء الاتفاق في إطار جهود نتنياهو لتشكيل حكومة في ضوء حصول حزب "نوعام" على مقعد واحد في الكنيست.
ويعرف ماعوز بميوله السياسية واليمينية وبتعصبه الديني وهو ما أثار حفيظة العلمانيين في إسرائيل وعلى رأسهم رئيس الوزراء يائير لابيد.
ووجه لابيد رسالة إلى رؤساء السلطات المحلية مناشدا إياهم الامتناع عن التعاون مع الوحدة التي يترأسها ماعوز.
وقال لابيد في رسالته، التي نشر نصها على حساباته في شبكات التواصل: "أكتب إليكم بقلق بالغ على مستقبل جهاز التعليم والدولة، منذ أن تخلت الحكومة الجديدة التي تم تشكيلها في إسرائيل عن تعليم أطفالنا وسلمتهم إلى العناصر الأكثر تطرفاً وظلاماً في المجتمع الإسرائيلي".
وأضاف: "كما نعلم أن هذا حزب متطرف وعنصري ومعاد للمثليين وخطير. أحثكم على عدم التعاون مع الوحدة في البرامج والشراكات الخارجية في وزارة التربية والتعليم طالما أنها تحت سيطرة ماعوز".
وتابع لابيد في رسالته: "المسؤولية الثقيلة عن المحتوى التعليمي الذي سيتعلمه أطفالنا في المدارس، تنتقل إليكم الآن. من أجل الحفاظ على الدولة ونظام التعليم الليبرالي، كما كان حتى الآن، ولممارسة حق الحكومة المحلية في تشكيل التعليم في مجاله، يجب أن تعملوا الآن كحراس. لستم وحدكم في هذا النضال، نحن هنا وسنكون سعداء للمساعدة والتعاون بأي طريقة ممكنة".
وأثارت الرسالة حفيظة نتنياهو التي اعتبرها دعوة من قبل لابيد إلى رؤساء السلطات المحلية" لحثهم على التمرد".
وقال نتنياهو في بيان إن "سلوك لابيد خطير ويمس بالديموقراطية، لقد تم اختياري لقيادة دولة إسرائيل وأعتزم القيام بذلك في بروح المبادئ الوطنية والديمقراطية التي نشأت على أساسها في منزل والدي والتي وجهتني طوال حياتي".
وأضاف: "لدينا دولة واحدة وجيش واحد وشعب واحد ويجب ألا نؤذيهم. وبنفس الطريقة، أرفض الادعاءات الكاذبة ضدنا. ستحمي الحكومة الإسرائيلية تحت قيادتي حقوق جميع المواطنين الإسرائيليين وستكون حريصة على التصرف من منطلق الضمان المتبادل والمسؤولية الوطنية، كما فعلنا في جميع الحكومات تحت قيادتي ".
وتابع نتنياهو: "من سيقود السياسة هو رئيس الوزراء أولاً".
ولكن صحيفة "هآرتس" الليبرالية الإسرائيلية قالت في افتتاحيتها إن الاتفاق بين نتنياهو وماعوز يعني أن الحكومة القادمة "حكومة يمينية بالكامل ورجعية بالكامل: إنها ردة إلى الوراء في كل الإنجازات الليبرالية على كل الجبهات".
وأضافت: "قُرِّر في الاتفاق أن يقيم مكتب رئيس الحكومة دائرة للهوية القومية - اليهودية برئاسة رئيس كتلة "نوعام"، آفي ماعوز، الذي سيعيَّن نائب وزير. وستعمل الدائرة على "تعزيز وترسيخ وتعميق الثقة بالهوية الفردية والعائلية والقومية اليهودية"، إن مجرد سماع ذلك مخيف".
وتابعت: "يُكثر ماعوز من تصريحاته التي يعارض فيها تجنيد النساء.. ولم يتردد عن الاصطدام بالنساء أيضاً خارج الجيش.. لا يستهدف فقط المثليين والنساء، بل يستهدف أيضاً الإصلاحيين، ويرى أنهم يتسببون بتآكل الهوية اليهودية للدولة، وماعوز مع أن تكون الحاخامية الرئيسية هي التي تهتم حصرياً بمسائل اعتناق الديانة اليهودية".
وأعلنت العديد من السلطات المحلية الإسرائيلية، بما فيها بلدية تل أبيب، رفضها للإكراه الديني.
وقالت الهيئة العامة للبث الإسرائيلي: "أكدت السلطات المحلية أنه إذا تم إلغاء مناهج تعليمية ليبرالية في الجهاز التعليمي فإنها ستبقي تلك المناهج على حالها وتمولها من خزانة السلطة المحلية".
وأعلن كرميل شامة هاكوهين، رئيس بلدية رمات غان، إن البلدية ستمول تكاليف حصتين تدريسيتين من البرامج التعليمية الليبرالية، تعويضا عن كل ساعة يلغيها الجهاز التعليمي الرسمي.
وقالت الهيئة العامة للبث الإسرائيلي: "بهذا التطور يبدو أن المعركة بين العلمانيين والمتدينين في إسرائيل أقحمت إلى داخل الجهاز التعليمي أيضا".
وأضافت: "ينوي آفي ماعوز رئيس السلطة للهوية القومية اليهودية في مكتب رئيس الحكومة القادمة أن يفرض إجراءات على المواطنين من أجل ضمان حرمة يوم السبت في الحيز العام وأن يرفع شأن القيم العائلية وفق مفاهيمه الشخصية وأن يشجع الولادة وأن يزيد من قوة الحاخامية اليهودية بصفتها مرجعية دينية عليا".
وتعتبر مدن المركز في إسرائيل مثل تل أبيب ويافا ورمات غان ورمات هشاون وهو هشارون وغيرها من المدن العلمانية.
وتعارض المدن العلمانية أي محاولة من قبل المتدينين الإسرائيليين لفرض قيود دينية مثل إغلاق المقاهي ودور السينما والمسارح في فترة السبت أو الفصل بين الرجال والنساء في الأماكن العامة ومنع مباريات كرة القدم في فترة السبت.