التفكجي لـ"بوابة العين": لهذا تخشى إسرائيل مفاجأة 2040 بالقدس
مدير دائرة الخرائط في جمعية الدراسات العربية يكشف، في حوار خاص لـ"بوابة العين الإخبارية"، عن مخطط إسرائيل لإنهاء قضية القدس الشرقية.
قال خليل التفكجي مدير دائرة الخرائط في جمعية الدراسات العربية، في حوار خاص لـ"بوابة العين الإخبارية"، إن الحكومة الإسرائيلية تعمل بشكل متسارع من أجل إنهاء قضية القدس الشرقية بشكل كامل ومنع أن تكون عاصمة للدولة الفلسطينية المستقبلية.
وأوضح التفكجي أن الدراسات الاستراتيجية الإسرائيلية تقول إنه في عام 2040 ستكون نسبة السكان العرب نحو 55% من مجمل عدد السكان في القدس بشطريها الشرقي والغربي، وهو ما أطلق الحرب الديمغرافية الإسرائيلية ضد الفلسطينيين بالمدينة.
وتشير التقديرات الرسمية الفلسطينية والإسرائيلية إلى أن المقدسيين يشكلون الآن نسبة 39% من عدد سكان المدينة بشطريها الشرقي والغربي.
وأضاف التفكجي: "خرج الجانب الإسرائيلي بفكرة التخلص من عدد من الأحياء الفلسطينية في مدينة القدس الشرقية وبخاصة تلك ذات الكثافة السكانية، وهذا يعني التخلص من السكان، وفي ذات الوقت قلب الميزان الديمغرافي في المدينة للصالح الإسرائيليين بشكل كبير جدا".
ولفت إلى أن إسرائيل تريد أن تكون نسبة الفلسطينيين المقدسيين بحدود 12% من عدد السكان.
وذكر التفكجي في حواره مع "بوابة العين" أنه منذ الاحتلال الإسرائيلي عام 1967 "تمت إقامة 15 مستوطنة داخل القدس الشرقية، وفي عام 1994 تم طرح برنامج القدس عام 2020 الذي وضعه رئيس الوزراء الأسبق إيهود أولمرت، وهذا ما يجري في القدس الآن، أما خطة الخارج فقد قادها رئيس الوزراء الأسبق إيهود باراك لتوسيع المستوطنات في محيط المدينة".
وتابع الخبير الفلسطيني في شؤون الاستيطان: "اليوم يتم الحديث عن ضم هذه الكتل الاستيطانية عن طريق إقامة بلدية كبيرة وهي بلدية القدس وبلديات فرعية مرتبطة بها من خلال أنفاق وجسور.. وفيما يلي نص الحديث مع التفكجي:
* من خلال قراءتك لما يجري على أرض الواقع، هل ترى أن إسرائيل تعمل فعلا على إنهاء قضية القدس؟
- بالطبع؛ لدى الإسرائيليين برنامج واضح باتجاه القدس باعتبارها، من وجهة نظرهم، عاصمة لدولة واحدة هي إسرائيل، لقد تم وضع هذا البرنامج عام 1973 وتم تحديثه في 1994؛ ففي عام 1973 تم تشكيل لجنة وزارية باسم (لجنة غيفني) قررت أن نسبة السكان العرب في القدس بشطريها الشرقي والغربي لا يجب أن تزيد على 22% من مجمل عدد السكان.
وفي عام 1994 تم تشكيل لجنة أخرى وهي (لجنة القدس عام 2020) بهدف حسم قضية الديمغرافية في المدينة للصالح الإسرائيلي من خلال بناء 58 ألف وحدة استيطانية وبنية تحتية من الأنفاق والجسور.
إن السياسة التي حركت الحكومات الإسرائيلية منذ الاحتلال عام 1967 وحتى اليوم تقوم على مسارين؛ الأول وهو الجغرافيا، أما الآخر فهو الديمغرافيا، فبالنسبة للجغرافيا حسمت تل أبيب الأمر بحيث إن 87% من مساحة القدس الشرقية تقع الآن تحت سيطرتها.
أما ديمغرافيا فقد حاولت إسرائيل قدر الإمكان أن تحد من النمو السكاني الفلسطيني في المدينة؛ فبعد مصادرة الأرض سحبت هويات أكثر من 14 ألف مقدسي وهدمت آلاف المنازل وأقامت الجدار العنصري لعزل المدينة.
ومع كل ذلك فإن الدراسات الاستراتيجية الإسرائيلية تقول إنه في عام 2040 ستكون نسبة السكان العرب نحو 55% من مجمل عدد السكان في القدس بشطريها الشرقي والغربي، وهو ما دفع الرئيس السابق لحزب (العمل) الإسرائيلي، يتسحاق هرتسوغ، للتحذير من أن يكون رئيس البلدية في القدس عربيا، وهو ما أشار إليه أيضا رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، بأنه "عندما تتحول الديمغرافيا إلى مشكلة أمنية فيجب أن تتحرك الدولة بسرعة".
لكن الفلسطينيين سكان القدس الشرقية يمتنعون منذ عام 1967 عن المشاركة في الانتخابات لبلدية الاحتلال في القدس
- وعلى هذا الأساس فإن الجانب الإسرائيلي خرج بفكرة التخلص من عدد من الأحياء الفلسطينية في مدينة القدس الشرقية وبخاصة تلك ذات الكثافة السكانية، وهذا يعني التخلص من السكان وفي الوقت ذاته قلب الميزان الديمغرافي في المدينة لصالح الإسرائيليين بشكل كبير جدا.
وهذا يعني، التخلص من أحياء فلسطينية ودمج المستوطنات الإسرائيلية الكبيرة التي أقيمت خارج حدود القدس في داخل حدود البلدية، وهو ما سيعني في نهاية المطاف أن الفلسطينيين سيشكلون ما نسبته 12% من عدد السكان في المدينة بشطريها والباقي يهود.
ما تخطط له تل أبيب الآن هو العودة إلى حدود المدينة ما قبل عام 1967 والتي تقع في قلبها البلدة القديمة وما حولها، وما عدا ذلك إخراج باقي الأحياء، بحيث لا تكون تحت سيطرة السلطة الفلسطينية أو الإدارة المدنية الإسرائيلية، وإنما تقع أمنيا تحت السيطرة الإسرائيلية، أما مدنيا فإن بإمكان السكان فيها إدارة شؤون حياتهم.
ففي مواجهة التغيرات التي قد تحدث عام 2040، فإن الحكومة الإسرائيلية وضعت برنامج 2050 الذي يقضي ببناء مطار كبير في منطقة النبي موسى (شرقي الضفة الغربية) وإقامة سكك حديدية وأنفاق وشوارع وفنادق وتوسيع المستوطنات القائمة، وبالتالي جعل مدينة القدس يهودية، على أن يتحول من يتبقى من الفلسطينيين في المدينة جاليات تعيش فيها، ويسهل السيطرة عليها.
هذه هي الاستراتيجية الإسرائيلية لمدينة القدس وهي تسير بشكل متسارع خاصة في ظل الصمت الدولي، وتل أبيب تستخدم هذه الظروف من أجل حسم هذه القضية قبل الذهاب إلى مفاوضات الوضع النهائي مع الفلسطينيين بحيث تصبح القدس إسرائيلية، وبالتالي فعلامَ سيتفاوض الفلسطينيون معهم؟
* في ضوء كل ذلك، هل تعتقد أن الحديث عن القدس كعاصمة للدولة الفلسطينية قد انتهى؟
- منذ عام 1990 أطلق رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق، أرئيل شارون، مخططا لإقامة بؤر استيطانية في مدينة القدس الشرقية لمنع تحويلها عاصمة للدولة الفلسطينية، وقد تم الشروع في تنفيذ هذا المخطط عام 2001 عندما توقفت محادثات السلام.
المخطط تحدث عن إقامة مستوطنة في رأس العامود وهي الآن قائمة وعن مستوطنات أخرى في الشيخ جراح وجبل المكبر وجبل الزيتون، وهي مستوطنات أقيمت وتتوسع بشكل مستمر في داخل الأحياء الفلسطينية، وتمنع تحويل القدس الشرقية إلى عاصمة للدولة الفلسطينية.
أيضا ما يجري الآن من عملية تسوية وتمهيد لإقامة البؤرة الاستيطانية (E1)، شرق القدس لتوسع مستوطنة (معاليه أدوميم) باتجاه القدس، بعد أن تمت إقامة مركز الشرطة الإسرائيلية والبنية التحتية في المنطقة، وإذا ما تم كل ذلك تكون قضية القدس الشرقية قد انتهت بشكل كامل.
مخطط فصل الأحياء المقدسية
*هل تعمدت إسرائيل تجميع أعداد كبيرة من المقدسيين في أحياء محددة توطئة لعزل الأحياء التي يقيمون فيها مثل حي كفر عقب؟
- عندما تم توسيع حدود القدس الشرقية لتشمل 28 حيا كان الهدف هو السيطرة على ما يتبقى من الأرض، ولكنهم لم يستطيعوا أن يسيطروا على السكان، وبالتالي فإن حي كفر عقب الجاري الحديث عن عزله هو ليس الوحيد الذي سيتضرر وإنما العديد من الأحياء الأخرى.
الانفجار السكاني في كفر عقب حدث بعد عام 2001 وبالتالي تم ترسيم جدار الفصل العنصري حول القدس لأسباب ديمغرافية.
فصل الأحياء وعزلها لم تكن واردة في المخططات الإسرائيلية، وإنما وردت في عام 1993 وقادها في ذلك الحين القيادي في حزب (العمل) والوزير الأسبق بنيامين بن اليعزر، بتأييد من رئيس الوزراء حينها، إسحق رابين، ثم طرحها إيهود باراك، ولكن أيضا رأيهم كان ضم الكتل الاستيطانية إلى داخل القدس من أجل قلب الميزان الديمغرافي.
ولكن ما بعد 2015 تم الحديث بجدية كبيرة وبشكل علني عن عزل أحياء، بدليل أنه في شهر أكتوبر/تشرين أول 2016 تم وضع كتل اسمنتية لعزل أحياء فلسطينية مثل الصوانة وجبل المكبر وغيرها. وحسم الأمر كله رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في شهر يوليو/تموز 2017 عندما تحدث عن المخاطر الديمغرافية والتخلص من أحياء فلسطينية.
3 أطواق استيطانية في القدس
* كيف يمكنك وصف الأطواق الاستيطانية في القدس ومحيطها؟
- هو استيطان ضمن برنامج وليس وليد الساعة، ويقضي البرنامج بالاستيطان في داخل البلدة القديمة ومحيطها وحول مدينة القدس ككل. فقد تمت إقامة 15 مستوطنة في داخل القدس الشرقية.
وفي العام 1994 تم طرح برنامج القدس عام 2020 الذي وضعه إيهود أولمرت وهذا ما يجري في القدس الآن، أما خطة الخارج فقد قادها إيهود باراك لتوسيع المستوطنات في محيط مدينة القدس.
اليوم يتم الحديث عن ضم هذه الكتل الاستيطانية عن طريق إقامة بلدية كبيرة وهي بلدية القدس وبلديات فرعية مرتبطة بها من خلال أنفاق وجسور، وبالتالي فإن التوسع الاستيطاني يجري في كل مكان.