«خلية سموتريتش».. 8 «متطرفين» يديرون حرب غزة «من وراء حجب»

"مجموعة سموتريتش" هم مستوطنون من أشد اليمينيين المتطرفين في إسرائيل، والذين ينسقون مواقفهم،
بشكل جعل منهم مركز قوة للتأثير على القرارات السياسية والعسكرية.
المجموعة التي قالت موقع "واي نت" العبري، إنها من "أشدّ المتعصبين للتيار الصهيوني الديني"، باتت بمثابة "جهاز حكومي مُحكم"، إذ "استولت على وزارة المالية"، ودائرة صنع القرار.
"الخلية" التي تجتمع شهريًا، لم يكن رئيس حزب "الصهيونية الدينية" وزير المالية بتسلئيل سموتريتش يحزب بدونها أي تقدم "في مفترق طرق هام".
"الخلية" أو المجموعة أصبحت "تؤثر بشكل كبير على حياة الإسرائيليين، ويبدو أن الجمهور لا يعلم بذلك".
الاجتماع الشهري
أفرادها يتبنون التوجه الأيديولوجي نفسه، هم متجذرون في "اليمين المتطرف"، وتجتمع كل شهل لمناقشة استراتيجيتها "قبل كل منعطف هام" بالحرب في قطاع غزة.
المجموعة تضم 9 أشخاص، بمن فيهم سموتريتش نفسه، وتناقش اجتماعاتها صفقات الرهائن، استمرار وزير المالية في الحكومة أو أي مداولات هامة أخرى.
المجموعة اجتمعت قبل قرار سموتريتش دعم صفقة الرهائن الأولى، وقبل اجتياح الجيش الإسرائيلي رفح، عندما هدّد وزير المالية بإسقاط الحكومة إذا لم يدخل الجيش رفح، والمضي قدمًا في الصفقة التي كانوا يحاولون صياغتها آنذاك.
وكان هذا هو الحال أيضًا في يونيو/حزيران ويوليو/تموز من العام الماضي، عندما سرّعت فرق التفاوض وتيرة المحادثات للتوصل إلى صفقة لتبادل الأسرى، وكانت المجموعة أيضا على علم بـ"السر" عندما قرر رئيس "الصهيونية الدينية" معارضة الصفقة في يناير/كانون الثاني الماضي، ولكن دون الاستقالة من الحكومة، مدعيًا أن الصفقة قيد التنفيذ بالفعل، وأن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لن يتمكن من معارضة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، وحينها عمل وزير المالية على ضمانات في قرار مجلس الوزراء بتجديد الحرب، وهذا ما تم.
آلية وبنية تحتية
تلك الخلية، وفقا لـ "واي نت" ليست مجرد مجموعة سياسية، ولكنهم "آلية وبنية تحتية أيديولوجية منظمة، نجحت بشكل منهجي في نشر أذرعها والسيطرة على مراكز قوة مهمة في مستوطنات يهودا والسامرة (الاسم العبري للضفة الغربية)، بالإضافة إلى مراكز أخرى في القطاع الديني، بهدف خلق تركيبة متكاملة لا تقتصر على تقديم المشورة فحسب، بل تشمل العمل الميداني أيضًا، وتغير مجرى الأمور من البداية".
وقال الموقع "يتفق كارهو بتسلئيل سموتريتش ومحبوه على أمر واحد: إنه من أكثر الشخصيات تأثيرًا في إدارة الحرب. يرى معارضو الحكومة أنه شخص يتلاعب بنتنياهو مرارًا وتكرارًا، ويُحبط صفقات الرهائن بتهديداته بحل الحكومة، ويسعى إلى تحويل مسار الحرب نحو احتلال كامل وبناء مستوطنات يهودية. أما محبوه، فيزعمون أنه يستخدم نفوذه السياسي لمنع وقف الحرب، ولجذب نتنياهو إلى اليمين وضمان عودته إلى القتال بعد وقف إطلاق النار، ولتغيير آلية توزيع المساعدات الإنسانية حتى لا تصل إلى حماس، وبالتالي، وبالتعاون مع وزير الأمن القومي المتطرف إيتمار بن غفير، لجر نتنياهو إلى ما يُسمى النصر الكامل".
وأضاف "الحقيقة أنه ليس واضحًا من يتلاعب بمن أكثر: سموتريتش أم نتنياهو؟، إذ أظهرت أحداث الأيام الماضية أن سموتريتش قد نفد صبره. هذه المرة، ليس من المؤكد أن الضمانات ستكون كافية لتجديد الحرب، وهو أمر يتطلب مقابل. قد يكون فرض السيادة على يهودا والسامرة (الضفة الغربية) ردًا على الاعتراف بدولة فلسطينية تروج لها دول لا حصر لها. ونتنياهو يدرك ذلك".
الأب أولا
الخلية تأتي في المرتبة الثانية في قائمة أولويات رئيس "الصهيونية الدينية"، فأكثر الشخصيات تأثيرًا عليه هو والده، الحاخام يروحام سموتريتش. وفي الماضي، حاول نتنياهو إرسال مبعوثين إلى والده في مختلف القضايا، عندما أراد الضغط على سموتريتش في أمور سياسية.
تحدث سموتريتش نفسه الشهر الماضي عن مشاورة أجراها مع والده بعد هجوم 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، والتي قرر بعدها عدم الاستقالة.
ولا يجلس سموتريتش الأب مع المجموعة المؤثرة التي تساعده في اتخاذ القرارات بشأن حل الحكومة، أو دعم الصفقة، أو إنهاء الشراكة مع نفتالي بينيت وأيليت شاكيد".
هذه المجموعة تشكلت في إطار حركة "الكوميت"، التي دعت إلى "النضال من أجل أرض إسرائيل كاملة"، والقاسم المشترك بينهم جميعًا هو الرؤية الأيديولوجية اليمينية المتطرفة، مع التركيز على قضية الاستيطان في الضفة الغربية.
أهم لقاء
وفي شتاء عام ١٩٩٩، ربما تكونت أهم صلة في المجموعة بين سموتريتش ويهودا إلياهو، وهو شخصية مجهولة إلى حد ما في الرأي العام الإسرائيلي، ويشغل حاليًا منصب رئيس مديرية المستوطنات في وزارة الدفاع الإسرائيلية.
وقال مصدر مطلع: "إنه العقل المدبر للمجموعة. يقال إنه الزوجة الثانية لسموتريتش (في إشارة إلى مدى قربهما)، وهو موهوب للغاية ويتمتع بقدرات إدارية استثنائية".
أسس إلياهو حركة "ريغافيم" مع سموتريتش، وخلال الحرب، قتل صهره في قطاع غزة.
أعضاء آخرون
شخصية بارزة أخرى في المجموعة هو شريعة دامسكي، الذي يشغل حاليًا منصبا اقتصاديا في حكومة نتنياهو، ويُعرف بأنه بارع في إدارة التحركات، إذ أدار إلياهو ودامسكي مفاوضات الائتلاف مع الليكود لصالح سموتريتش، وتمكنا من انتزاع صلاحيات في وزارة الدفاع للأخير، أحدث بها ثورة حقيقية في الضفة الغربية.
وتضم المجموعة عكيفا سموتريتش، شقيق وزير المالية، الذي يُعتبر أحد "غلاة الاستيطان"، وهوشع هراري، الذي أدار معهدا دينيا، وعُيّن مديرًا عامًا لقسم الاستيطان في مكتب وزيرة الاستيطان أوريت ستروك، وهو منصب ذو نفوذ واسع في مجال الاستيطان في النقب والجليل والضفة.
ومن بين أعضاء "المجموعة" أيضًا يهوشوا شيرمان، عضو معهد "ألون موريه" الديني، وعيّنه سموتريتش رئيسًا للجنة تطوير الأراضي في الصندوق القومي اليهودي.
وتُعتبر هذه اللجنة صاحبة أكبر ميزانية في الصندوق القومي اليهودي، ولها نفوذ كبير.
أما الجناح الشاب في المجموعة يمثله عمر رحاميم، الذي شغل منصب مستشار سموتريتش على مدار السنوات الثماني الماضية.
وتكتمل صورة "المجموعة" بشخصيتين إضافيتين، أحدهما هو إسرائيل ملاخي ، نائب المدير العام لوزارة المالية، أما الشخصية الثانية فهو الحاخام أرييل دورفمان، المنخرط في نشر اليهودية في تل أبيب، ومؤسس "مركز الثقافة اليهودية".
وللوهلة الأولى، قد يظن المرء أنه لا أهمية تُذكر لمجموعة من ثمانية مستوطنين مُنحوا مناصب لمعرفتهم بوزير المالية، لكن هذا ليس صحيحًا، إذ يعمل سموتريتش و"المجموعة" بشكل تكاملي، وفقا لـ"واي نت".
وأضاف الموقع "ما بدأ كحركة تُعارض فك الارتباط (عن غزة)، تحوّل إلى حركة تُناضل من أجل قيم اليمين، واستولت على مراكز القوة في قطاعي الاستيطان والصهيونية الدينية".
أشارت مصادر إلى أن النقاشات داخل المجموعة كانت حادة ومفتوحة طوال الحرب، وكان التوتر الكبير الذي برز في كل نقاش تقريبًا هو كيفية الاختيار بين الرغبة في تحقيق تطلعات النصر في غزة، والحفاظ على حكومة اليمين في الوقت نفسه، ومواصلة المسار في الضفة، مع تحليل المخاطر السياسية.