غولدا مائير.. هزمتها مصر وعشقت فلسطينياً
التقته في حفل وأحبته من النظرة الأولى، لم تكن جميلة، لكنها كانت مختلفة، وقد يكون ذلك ما جعلها لاحقاً أخطر رئيسة لوزراء إسرائيل.
غولدا مائير، المرأة الوحيدة التي تقلّدت رئاسة وزراء إسرائيل من 1969 إلى 1974، اختزلت على مدار حقبتها صورة المرأة الحديدية حاملة الآمال، وصاحبة الجبروت الذي لا يهتز.
في الحرب هزمتها مصر، وفي الحب هزمها قلبها حين خضع لجبروت عشق أرضاها حينا وكسرها أحيانا، في قصة عاصفة مع فلسطيني جعلتها مستعدة حتى للتخلي عن مبادئها.
هزمتها مصر
"ليس أشق على نفسي من الكتابة عن حرب أكتوبر 1973"، هكذا بدأت مائير حديثها في كتابها "حياتي" الذي تضمن مذكراتها عن محطات في حياتها واختزل ما يشبه الاعترافات.
وأضافت في كتابها: "لن أكتب عن الحرب -من الناحية العسكرية- فهذا أمر أتركه للآخرين، ولكنني سأكتب عنها ككارثة ساحقة وكابوس عشته بنفسي، وسيظل معي باقيًا على الدوام".
قبيل اندلاع الحرب، كانت مائير في رحلة خارج إسرائيل، وعادت في 4 أكتوبر/تشرين الأول 1973، لتعقد على الفور اجتماعا مع القيادات الإسرائيلية في منزلها، لبحث الموقف.
ومن بين معلومات أخرى، استعرض الاجتماع تأكيدات للمخابرات الإسرائيلية بعدم قدرة القوات المحتشدة على القيام بأي هجوم، قبل أن تستدرك: "لم يجد أحد من المجتمعين ضرورة لاستدعاء قوات الاحتياط، كما لم يفكر أحد في أن الحرب وشيكة الوقوع".
وعن ذلك الاجتماع، تقول: "كان من واجبي أن أستمع لإنذار قلبي، وأستدعي الاحتياطي وآمر بالتعبئة"، قبل أن تصف خيبتها بالقول: "لم يكن منطقيا أن آمر بالتعبئة مع وجود تقارير مخابراتنا العسكرية وقادتنا العسكريين التي لا تبررها، لكنني في الآن نفسه كنت أدرك تماما أنه كان واجبا علي أن أفعل ذلك".
وتابعت: "سأحيا بهذا الحلم المزعج بقية حياتي. ولن أعود مرة أخرى نفس الإنسان الذي كنت عليه قبل حرب يوم كيبور (حرب أكتوبر)".
وكما تقول في اعترافاتها، بلغني، في الساعة الرابعة من صباح يوم السبت 6 أكتوبر/تشرين الأول 1973، أن المصريين والسوريين سيشنون هجوما مشتركا في وقت متأخر بعد ظهر اليوم نفسه".
ومع أنها عقدت اجتماعا على الفور، لكن كان ذلك "اليوم الوحيد الذي خذلتنا فيه قدرتنا الأسطورية على التعبئة بسرعة"، على حد تعبيرها، وعند الظهر عقدت اجتماعا لحكومتها، لكن قبل أن ينتهي، فتح باب قاعة الاجتماعات واندفع سكرتيرها العسكري نحوها ليبلغها بأن الهجوم بدأ بالفعل.
ولم يكن ذلك سوى البداية، حيث دوت بالتزامن مع صرخة الرجل أصوات صافرات الإنذار في تل أبيب وبدأت الحرب.
وتقول مائير عن ذلك إن "التفوق علينا كان ساحقا من الناحية العددية، سواء من الأسلحة أو الدبابات أو الطائرات أو الرجال، وكنا نقاسي من انهيار نفسي عميق".
و"لم تكن الصدمة في الطريقة التي بدأت بها الحرب فقط"، تعترف بمرارة، و"لكنها كانت في الحقيقة أن معظم تقديراتنا الأساسية كانت خاطئة، فقد كان الاحتمال في أكتوبر ضئيلا".
عشق فلسطيني
لم تكن جميلة بالمعنى المتعارف عليه، لكنها كانت تمتلك بريقا يعكس داخلا متميزا بشكل ما، وهذا ما اعترفت به حين قالت "كوني لست جميلة كان نعمة حقيقية، لقد دفعني هذا لتطوير قدراتي الداخلية".
انقلبت حياتها رأسا على عقب، حين التقت فلسطينيا كان يعيش في لبنان يدعى ألبير فرعون، ومع أنها كانت حينها متزوجة إلا أنها جازفت بكل شيء ووقعت في غرامه من النظرة الأولى.
ألبير لبى من جانبه دعوة تلقاها حينها من المندوب السامي البريطاني بفلسطين في 1928، للاحتفال بعيد ملك بريطانيا، ولم يكن بدوره يعلم أنه سيقع في غرام المرأة التي ستصبح لاحقا أخطر رئيسة لوزراء إسرائيل.
قبلها بعام، ترك ألبير -البالغ آنذاك 35 عاما من عمره- زوجته وأطفاله في لبنان، وعاد إلى مدينة حيفا، وبما أنه كان من نخبة المجتمع ومن عائلة ثرية، فقد تلقى دعوة للاحتفال بعيد ميلاد جورج الخامس ملك بريطانيا.
وبالفعل، حضر الاحتفال، وهناك التقى مائير، كانت شابة في الثلاثين من عمرها تعمل في الوكالة اليهودية، تبادلا نظرات الإعجاب، وأحبته في وقت لم يكن فيه الحب يعترف كثيرا بالحواجز السياسية.
اختطف قلبها، وفور استيقاظها من النوم صباح اليوم التالي، اتصلت به ودعته إلى منزلها الثاني في حيفا، بعيدا عن أنظار زوجها في تل أبيب، ومنذ ذلك الحين، تطورت العلاقة بينهما بسرعة إلى غرام عاصف وصار يقضي بعض الليالي في بيتها سرا.
استمرت علاقتهما خمس سنوات كاملة، وحين اكتشفت الوكالة اليهودية العلاقة الغرامية، سارعت إلى إرسال مائير وعائلتها إلى أمريكا.
وحين كتبت عن قصة غرامها، اعترفت بأنها كانت مستعدة للتخلي عن مبادئها الصهيونية من أجل حبها العربي.
aXA6IDMuMTQ1LjEwOS4xNDQg جزيرة ام اند امز