هجوم القنصلية.. إيران بين الرد والخيارات المحدودة
في أعقاب الهجوم الإسرائيلي على قنصليتها في سوريا، تواجه إيران معضلة الرد دون إشعال فتيل صراع أوسع أو الدخول في حرب مباشرة لا تريدها مع إسرائيل والولايات المتحدة.
ويعد الهجوم الأكبر من نوعه على أهداف إيرانية منذ اغتيال الولايات المتحدة لقاسم سليماني قائد فيلق القدس في بغداد عام 2020 وفقا لما ذكرته شبكة "سي إن إن" الإخبارية الأمريكية.
- صحيفة إسرائيلية تحدد خيارات إيران للرد على هجوم القنصلية
- قصف إسرائيل لقنصلية إيران.. إدانات دولية واجتماع لمجلس الأمن
ويقول محللون إن إيران ستضطر للتحرك نظرا للطبيعة التصعيدية للهجوم، واعتبر فالي نصر، المستشار السابق لوزارة الخارجية الأمريكية، أن "الكرة الآن في ملعب إيران وأن إسرائيل تستفزها للرد".
واستبعدت سانام فاكيل، مديرة برنامج الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في مركز تشاتام هاوس للأبحاث في لندن أن ترد إيران بهجوم عسكري مباشر لكنها ستلعب بأوراق متعددة في وقت واحد بما في ذلك الهجمات الإلكترونية والمواجهات العسكرية منخفضة المستوى عبر الوكلاء والهجمات الدبلوماسية.
ومع ذلك، فإن عدم القيام بعمل عسكري مباشر "يخلق خطرًا كبيرًا بالنسبة لإيران، حيث سيكون لدى إسرائيل الوقت والمساحة لتفكيك جبهات حلفاء إيران واحدة تلو الأخرى بما يؤثر بشكل خطير على قدرات طهران في المنطقة وفقا لما كتبه فرزان ثابت، الباحث البارز في مركز الحوكمة العالمية في سويسرا.
استهداف المصالح الأمريكية
وحمل وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان الولايات المتحدة مسؤولية الهجوم, وقالت تريتا بارسي، نائب الرئيس التنفيذي لمعهد كوينسي لفن الحكم المسؤول في واشنطن: "يبدو أن إيران تحمل الولايات المتحدة مسؤولية ما فعلته إسرائيل بنفس القدر الذي تحمل فيه واشنطن طهران مسؤولية ما تفعله المليشيات العراقية".
وتراجع صراع الوكالة الذي استخدمت فيه إيران المليشيات المتحالفة معها في سوريا والعراق منذ مقتل 3 جنود أمريكيين في الأردن في يناير/كانون الثاني مما دفع واشنطن بتنفيذ عشرات الضربات في العراق وسوريا لكن خطاب إيران منذ الهجوم يشير إلى أن هذه "الهدنة" انتهت وفقا لبارسي.
وقد يترك استهداف المصالح الأمريكية ردا على الهجوم الأخير إسرائيل دون عقاب وربما يدفع طهران وواشنطن إلى مواجهة مباشرة لا يريدها أي من الطرفين.
ونأت واشنطن بنفسها عن الهجوم وقالت إنها ليست متورطة ولم تكن على علم مسبق وأنها أبلغت طهران بذلك كما حذرتها صراحة من مهاجمة قواتها في المنطقة.
وقال مسؤولون أمريكيون تحدثوا شريطة عدم كشف هوياتهم إنهم يراقبون الوضع عن كثب لمعرفة ما إذا كانت الجماعات المتحالفة مع إيران ستهاجم القوات الأمريكية المتمركزة في العراق وسوريا.
حشد الوكلاء ضد إسرائيل
يعد حزب الله اللبناني الوكيل الأكثر قدرة على مواجهة إسرائيل ولديه حوالي 150 ألف صاروخ وذخيرة موجهة بدقة وأثبت قدرته على ضرب عمق الأراضي الإسرائيلية.
لكن إسرائيل استعدت للحرب مع الحزب منذ أشهر، وأخلت أكثر من 40 بلدة في شمالها ويخوض الجانبان مناوشات مستمرة على الحدود.
وتوعد الحزب إسرائيل بـ"العقاب والانتقام"، رغم تشكيك الخبراء في رغبته للدخول في حرب مدمرة مع إسرائيل.
ويقول إليوت أبرامز خبير شؤون الشرق الأوسط في مجلس العلاقات الخارجية، إن "إيران لا تريد حربا كبيرة بين إسرائيل وحزب الله حاليا، وبالتالي أي رد لن يأتي في صورة تحرك كبير من جهة حزب الله".
ويمكن لإيران أيضًا حشد مليشيات متحالفة أخرى في المنطقة، لكن قدرتها على إلحاق الضرر بإسرائيل محدودة بسبب بعدها مثل المليشيات العراقية والحوثيين الذي عطلوا بالفعل التجارة الإسرائيلية والعالمية عبر البحر الأحمر، وقاموا ببعض المحاولات الفاشلة لإطلاق صواريخ باتجاه إسرائيل.
ورجحت سانام فاكيل، من تشاتام هاوس أن تستخدم إيران قواتها بالوكالة إلى جانب الجهود الدبلوماسية لعزل إسرائيل دون أن تتصاعد المواجهات بشكل كبير.
مهاجمة المصالح الإسرائيلية في الخارج
وبعد الهجمات السابقة على إيران، توقعت إسرائيل في كثير من الأحيان الانتقام الإيراني على مصالحها في الدول الأجنبية، وعززت الأمن في سفاراتها.
واتهمت إسرائيل إيران في الماضي بمحاولة استهداف بعثاتها الدبلوماسية في الخارج ردا على عمليات القتل الإسرائيلية المزعومة لعلماء ومسؤولين إيرانيين وكذلك الهجمات على منشآتها النووية. ونفت إيران هذه الاتهامات.
واستبعدت فاكيل أن تهاجم إيران البعثات الدبلوماسية الإسرائيلية في الخارج، حتى لا تفقد أي "امتياز" حصلت عليه من هذا الهجوم.
تسريع وتيرة برنامجها النووي
ويمكن أن ترد إيران بتسريع وتيرة تطوير برنامجها النووي الذي كثفت العمل عليه منذ انسحاب الولايات المتحدة في عهد الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب في 2018 من الاتفاق النووي الموقع في 2015.
وقد ترفع طهران نسبة النقاء الذي تخصب له اليورانيوم إلى 90% وهي نسبة صالحة لصنع قنابل أو تقوم بإحياء العمل على تصميم سلاح فعلي.
وقال مصدر أمريكي: "ستعتبر إسرائيل والولايات المتحدة الحلين بمثابة قرار للحصول على قنبلة.. ستكون مخاطرة كبرى. هل هم مستعدون لها؟ لا أعتقد ذلك".
aXA6IDMuMTQuMTM0LjE4IA== جزيرة ام اند امز