ضربة «أصفهان» بميزان الخبراء.. هل جف حبر رسائل إيران وإسرائيل؟
في ذكرى ميلاد مرشد إيران علي خامنئي تسلم النظام في طهران رسالة خشنة في "صندوق بريد" مدينة أصفهان، المركز العسكري والنووي بالغ الأهمية.
كانت الرسالة الخشنة عبارة عن غارات عبر طائرات مسيرة محسوبة بدقة، إذ تحفر أحرف الرسالة دون أن تشعل حزام النار في كامل الشرق الأوسط.
وفور الضربة اعتبرت مصادر أمريكية أنها رد إسرائيل على هجوم إيراني غير مسبوق على تل أبيب السبت الماضي.
من جانبها، لم تتبن إسرائيل الهجوم، فيما لم تتهمها إيران، وهو موقف جعل الخبراء يرجحون أن تقف جولة التصعيد بين البلدين عند هذا الحد، إلى حين.
ويقول اللواء سمير فرج الخبير الاستراتيجي المصري، في حديث لـ"العين الإخبارية"، إنه من المرجح أن تتوقف الضربات العسكرية المباشرة ما بين إسرائيل وإيران خلال الفترة الحالية"، مستدركا: "لكن العمليات التي يقوم بها وكلاء طهران في المنطقة سوف تستمر".
جولة وانتهت
وتشن مليشيات موالية لإيران هجمات على إسرائيل منذ اندلاع الحرب في قطاع غزة في أكتوبر/تشرين الأول من العام الماضي.
ويرجح فرج عودة الهدوء نسبيا بين طهران وتل أبيب خلال الفترة المقبلة، وفقا لقواعد الاشتباك بينهما، بناء على طلب الولايات المتحدة من الطرفين.
وأشار الخبير المصري إلى أن إسرائيل اختارت ضرب إيران يوم عيد ميلاد مرشد إيران علي خامئني في رسالة لها دلالتها للشعب الإيراني.
وكان مسؤول إيراني كبير، قال لرويترز، الجمعة، إن طهران ليست لديها خطة للرد الفوري على إسرائيل، وذلك بعد ساعات من إعلان مصادر أن تل أبيب تقف خلف الهجوم على أصفهان.
وأضاف المسؤول، الذي طلب عدم الكشف عن هويته: "لم نتأكد من المصدر الخارجي المسؤول عن الواقعة. لم نتعرض لأي هجوم خارجي والنقاش يميل أكثر نحو تسلل وليس هجوما (من الخارج)".
لماذا أصفهان؟
ومن جانبه، يرجح الدكتور بشير عبد الفتاح، الخبير السياسي بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، عدم التصعيد بين الخصمين الإقليميين، قائلا في حديث خاص لـ"العين الإخبارية" إن "الرد الإسرائيلي يلبي رغبات جميع الأطراف".
وأوضح عبد الفتاح أن "إيران تحاول إنكار أنها تعرضت لهجوم إسرائيلي حتى لا تضطر إلى الرد، وبالتالي الأمور ستقف عند هذا الحد، خاصة أن الولايات المتحدة وحلفاء إسرائيل لا يريدون مزيدا من التصعيد".
وبالنسبة لإسرائيل، والحديث لعبد الفتاح، "فقد أوصلت رسالة ردع جديدة، بأنها قادرة على الوصول إلى مركز الثقل العسكري الإيراني في أصفهان ومركز الثقل النووي بمفردها، وأيضا من دون أن تلحق خسائر جوهرية بشرية أو مادية".
وأوضح: "أصفهان هي المركز العسكري والنووي في إيران، ولها رمزية شديدة الدلالة، كما أنها خرجت منها الصواريخ التي استهدفت إسرائيل، وبالتالي استهدافها كان له رمزية مهمة".
وتوجد العديد من المواقع النووية الإيرانية بإقليم أصفهان، بما في ذلك "نطنز" محور البرنامج الإيراني لتخصيب اليورانيوم.
وفي تحليل لأبعاد الضربة الإسرائيلية، قال الدكتور نصر عارف الخبير في الشأن الإيراني، في حديث خاص لـ"العين الإخبارية": "شاهدنا بشكل عملي من خلال الهجوم الإيراني، والهجوم الإسرائيلي المضاد، الانتقال من الحروب بالوكالة، إلى الحروب بالأصالة".
قواعد اشتباك جديدة
وتابع قائلا: غيرت إيران من خطابها ومن قواعد اشتباكها، وأدواتها، بمعنى أنها هاجمت بشكل مباشر بمسيرات وصواريخ باليستية (إسرائيل)، في المقابل، استخدمت إسرائيل بشكل عملي، مسيرات صغيرة فقط ولم تستخدم عدتها العسكرية القوية.
واستبعد الخبير في الشأن الإيراني، أن ترد طهران على مثل هذا النوع من الهجمات المحدودة نسبيا، ما دامت في حدود امتصاص الجانب الإيراني لها.
وفي ملمح جديد، لفت إلى أنه في الوقت الذي لم يحصل فيه الجانب الدبلوماسي الإيراني على مغريات سياسية تمنعه من التوجه العسكري المباشر وضرب تل أبيب بصواريخ ومسيرات عديدة، فالجانب الإسرائيلي استطاع أن يحصل على مغريات منعته من التوجه العسكري المباشر والرد على إيران بشكل محدود.
وأردف: "من المغريات عدم تصويت الولايات المتحدة لصالح قبول عضوية فلسطين بالأمم المتحدة، وعدم انتقاد إدارة بنيامين نتنياهو، وكذلك عملية إعطاء الضوء الأخضر إلى إسرائيل باجتياح رفح الفلسطينية".
ووفقا لهذا السياق -يضيف عارف- يمكن اعتبار الهجمات الإسرائيلية المحدودة، ما هي إلا للضغط على الغرب، وواشنطن بشكل خاص، لإيصال رسالة بأنه ما لم تخضع إدارة الرئيس جو بايدن إلى المطالب الإسرائيلية فإن الأخيرة ستبدي موقفا حازما وحاسما تجاه إيران يصل إلى مرحلة الاستهداف العسكري المباشر.
في غضون ذلك، وجهت إسرائيل ضربات جديدة ضد أهداف على الأراضي السورية، بالتزامن مع الهجوم على إيران.
وبحسب تقارير إعلامية فقد استهدفت ضربات إسرائيلية موقعا عسكريا في جنوب سوريا.
وأشارت التقارير إلى أن "الضربات وقعت في المنطقة الواقعة ما بين السويداء ودرعا بالتزامن مع تحليق مكثف للطيران الإسرائيلي دون أي صواريخ للدفاع الجوي"، مضيفة أن "المنطقة توجد فيها كتيبة رادار".
وخلال السنوات الماضية تعرضت سوريا لغارات تقول دمشق إن إسرائيل تشنها بين وقت وآخر على أهداف متفرقة في البلاد.
وتزايدت الضربات منذ بدء الحرب في غزة بين إسرائيل وحماس في السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي.
واعترفت إسرائيل بشن هجمات في سوريا بالفعل، وقالت إن "الهدف من ورائها تقويض محاولات إيرانية لتثبيت قواعد قريبة منها أو تهريب أسلحة إلى المنطقة".
aXA6IDMuMTUuMjAzLjI0NiA= جزيرة ام اند امز