أنياب الحرب المحدودة.. هل تدفع الخسائر إسرائيل للتصعيد بلبنان؟
يثير مقتل 8 جنود إسرائيليين في لبنان أمس تساؤلات حول عمق ونطاق الهجوم البري الإسرائيلي ضد حزب الله، واحتمالية توسعه لغزو شامل.
ويرى الخبراء أن العدد الكبير من الدبابات والآلاف من القوات المتجمعة الآن في الشمال يشير إلى التخطيط لغزو أكبر بكثير مما قال الجيش الإسرائيلي إنه غارات "محدودة ومحلية ومستهدفة" على بعد أميال قليلة من الحدود، بحسب صحيفة "واشنطن بوست".
بينما يدرس نتنياهو التحركات المستقبلية فسوف يجد نفسه مضطرا للتعامل مع الدعوات المحلية إلى عمل عسكري حاسم في لبنان، ومطالب صقور اليمين المتطرف -بمن في ذلك أعضاء الحكومة- بإنشاء "منطقة عازلة" أكثر ديمومة على الأراضي اللبنانية.
في الوقت نفسه تسعى الولايات المتحدة وحلفاء آخرون لمنع إسرائيل من شن حرب واسعة النطاق، وسط مخاوف من امتداد الصراع الإقليمي وتفاقم الأزمة الإنسانية.
التوغل في العمق اللبناني
رغم إصرار الجيش الإسرائيلي على رفض شن غزو كامل النطاق لكنه أمر أيضاً سكان 30 قرية في جنوب لبنان بالانتقال إلى الشمال، وفي الأوامر التي تم إرسالها إلى سكان هذه المناطق يوم الثلاثاء طالب الجيش الإسرائيلي السكان بضرورة الانتقال إلى الشمال، على بعد أكثر من 30 ميلاً من خط ترسيم الحدود.
ثم أعلن جيش الدفاع الإسرائيلي، يوم الأربعاء، أن وحدات المشاة والمدرعات انضمت إلى القتال، وهو ما يشير إلى أن الجيش يستعد لحملة برية أكبر بكثير.
وقال مايكل هورويتز، رئيس الاستخبارات في شركة لي بيك الاستشارية للمخاطر، "إن جيش الدفاع الإسرائيلي والمستويات السياسية الإسرائيلية لا تريد أن تتورط في عملية مطولة يمكن أن تعزز قوة حزب الله، بعد أن عانى عدة ضربات كبيرة، ولكن هذا أسهل قولاً من الفعل".
وتابع هورويتز إنه في الوقت الذي يرغب فيه الجيش في التركيز على قرى "الخط الأول" الواقعة على بعد ستة أميال من الحدود، إلا أن هناك خطرا دائما لاتساع نطاق القتال.
هناك سابقة تاريخية للتوسع في المهام في جنوب لبنان، ففي المرة الأولى التي غزت فيها إسرائيل في عام 1978، في محاولة لتدمير القواعد التي أنشأها المسلحون الفلسطينيون، سعى الجيش الإسرائيلي في البداية إلى احتلال 6 أميال من الأراضي، ولكن بعد ثلاثة أيام قرر الجيش التقدم حتى نهر الليطاني، ولم ينسحب منها إلا بعد 22 عاماً.
منطقة عازلة
الأكثر من ذلك، يرى هورويتز أن إنشاء إسرائيل منطقة عازلة داخل الحدود اللبنانية من شأنها أن تجعل قواتها عُرضة للخطر، وأن تكون بمثابة "هدية" للجماعة المسلحة، ولكن مع مرور الوقت سوف تزداد الضغوط داخل إسرائيل لإنشاء مثل هذه المنطقة.
تأتي الدعوات إلى إنشاء منطقة عازلة بالفعل من أقصى اليمين في إسرائيل، فكتب وزير الشتات الإسرائيلي اليميني المتطرف عميخاي شيكلي منشورا على موقع إكس، قال فيه "إنشاء منطقة عازلة خالية من سكان العدو هو أمر الساعة، وهو الشيء الصحيح والأكثر عدالة من وجهة نظر أمنية، ومن وجهة نظر سياسية وأخلاقية"، موفقا عدة خرائط تظهر ما وصفه بـ"حدود جديدة" داخل الأراضي اللبنانية.
والأسبوع الماضي، هدد إيتمار بن غفير، وزير الأمن القومي الإسرائيلي، بالانسحاب من الحكومة إذا وافق نتنياهو على وقف إطلاق النار في لبنان، مكررا تهديدا أطلقه بشأن المفاوضات مع حماس.
وقال إيال زيسر، الخبير في شؤون الشرق الأوسط بجامعة تل أبيب، إن العديد من الإسرائيليين يشكون في أن العملية ستجبر حزب الله على الموافقة على شروط إسرائيل.
إسرائيل ليست غريبة على احتلال الأراضي في لبنان، ففي عام 1982 شنت إسرائيل غزوا ثانيا للبنان وصل إلى العاصمة بيروت، ثم انسحبت بعد ثلاث سنوات إلى "منطقة أمنية" أوسع على طول الحدود تتراوح من ثلاثة إلى 12 ميلاً وتغطي نحو 10 في المائة من أراضي لبنان.
لكن هذه الخطة لا تحظى بموافقة الجميع في إسرائيل، إذ يرى إفرايم سنيه، وزير الدفاع الإسرائيلي السابق وقائد القوات الإسرائيلية في "المنطقة الأمنية" في جنوب لبنان في أوائل الثمانينيات، أن بمقدور إسرائيل فرض هذه المنطقة بدلاً من ذلك عبر "سياسة إسرائيلية صارمة للغاية" تستهدف أي شخص يدخل المنطقة المحددة.
وقال سنيه إن من الأفضل نشر قوة لبنانية أو دولية فعالة على الأرض لمنع حزب الله من إعادة بناء قدراته العسكرية.
aXA6IDE4LjExNy4xODguMTA1IA== جزيرة ام اند امز