الآلة العسكرية الإسرائيلية توظف تقدُّمَها التكنولوجيَّ الهائلَ في حرب لا ترحم، مما يثير السؤالَ: هل يوافق «حزب الله» على إخراج جبهة جنوب لبنان من المواجهة مع إسرائيل عقب اغتيال حسن نصر الله، أمين عام «حزب الله» اللبناني،
قال رئيس الحكومة اللبنانية، نجيب ميقاتي، إن «الخطر يهدد كلَّ لبنان وجميعَ الطوائف»، فيما أعلن متحدثٌ باسم الجيش الإسرائيلي أن إسرائيل في حالة تأهب قصوى، مضيفاً أنها تهاجم حالياً البنيةَ التحتيةَ للحزب. وتابع: «مهمتنا هي إعادة السكان الذين تم إجلاؤهم، وسنفعل كل ما يلزم.. هناك أيام صعبة تنتظرنا، وهذا سيستغرق بعض الوقت»، رادفاً القول: «إسرائيل لا تسعى إلى تصعيد أوسع، بل تسعى إلى إعادة الرهائن والتأكد من أن حدودنا آمنة».
وقال يوآف جالانت، وزير الدفاع الإسرائيلي: «ليس هناك مكان بعيد عن إسرائيل. أصبحت قوة الردع بيد إسرائيل، ونحن نعمل على تغيير الواقع الاستراتيجي في الشرق الأوسط. إسرائيل ستعمل على بناء حاجز في الشمال ودفع (حزب الله) إلى ما وراء الليطاني. ستعتمد إسرائيل أسلوباً استخباراتياً وتكنولوجياً في حربها مع (حزب الله)».
وفيما أشار مسؤولون إيرانيون إلى رغبة بلادهم في التقارب مع أميركا، ملوِّحين بالتراجع التكتيكي، يؤكد محللون أن طهران لا تريد الوقوعَ في فخ تصنعه إسرائيل التي تسعى إلى حرمان إيران من الاستحواذ على النووي، وأن هذه الأخيرة ستُبقي على علاقاتها العضوية مع «حزب الله» وباقي أذرعها الأخرى في المنطقة، والتي تشكّل بالنسبة لها أوراقاً تفاوضية في مساوماتها مع الولايات المتحدة، لاسيما أن واشنطن تحتاج لطهران في مشروعها الشرق أوسطي الجديد، بغية خلق بيئة تسمح بدمج إسرائيل في مشروع إقليمي واسع ومغلق في وجه كل من الصين وروسيا.
وباغتيال أمين عام «حزب الله» في قصف إسرائيلي، الجمعة الماضي، دخل لبنان مرحلةً سياسيةً عاصفة، تبدأ ارتداداتها بالحزب نفسه، والذي يتعين عليه الآن مواجهة الاختراقات الأمنيه التي يتعرض لها، وانتخاب أمين عام جديد بالتشاور مع الحليف الإيراني.
المشاهدُ الواردة من لبنان مؤلمة ومروعة، فهناك حوالي مليون نازح، واللبناني العادي يشعر بالظلم والبؤسِ.. إذ لا رئيسَ في القصر يمكن الرهان على صوته أو دوره، ورئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي يفعل ما في وسعه.
عشرة أيام هزَّت لبنانَ، بدأت بانفجار أجهزةِ الاتصال الخاصة بـ «حزب الله» في السابع عشر من شهر سبتمبر المنصرم، وانتهت في السابع والعشرين من الشهر ذاته باغتيال أمين عام الحزب، حيث تعرَّض الحزب لما يشبه كسراً في عموده الفقري.
ويبدو واضحاً أن رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، عازم على مواصلة هجماته دون توقف، مع التركيز على تصفية عناصر «حزب الله»، ولن يتراجع إلى أن يحقق أهدافَه ويعلن انتصارَه على الحزب ولبنان وغزة.
يَعتبر نتنياهو أنَّ اغتيال نصر الله كان ضرورياً لإحداث تغيير في التوازن، وقد أظهر حجمُ الضربات الإسرائيلية في لبنان أنَّ إسرائيل أطلقت انقلاباً على «محور الممانعة» في المنطقة، وهو انقلاب على مشروع إقليمي بكامله. وليس بسيطاً أن يقولَ الرئيس الأميركي جو بايدن ونائبته كامالا هاريس إنَّ الاغتيالَ «حمل قدراً من العدالة لضحايا (حزب الله)».
قرَّرت إسرائيل إنهاء ما اعتبرته حدوداً إسرائيلية إيرانية في جنوب لبنان، وهي تراهن على أنَّ أي انخراط مباشر لإيران في المعركة سيؤدي إلى مواجهة إيرانية أميركية تبرّر وضع المنشآت النووية الإيرانية على لائحة الأهداف.
المشاهد اللبنانية كارثية، وقد كشفت الحربُ خللاً هائلاً في ميزان القوى. الآلة العسكرية الإسرائيلية توظف تقدُّمَها التكنولوجيَّ الهائلَ في حرب لا ترحم، مما يثير السؤالَ: هل يوافق «حزب الله» على إخراج جبهة جنوب لبنان من المواجهة مع إسرائيل بعد كل ما لحق به؟ وكيف ستكون علاقات الحزب داخل «البيت اللبناني» إذا اقتضى وقف إطلاق النار تطبيقاً جدياً للقرار 1701 ودوراً جدياً للجيش اللبناني إلى جانب «اليونيفيل» هناك؟
تنظر دولة الإمارات بمشاعر الأخوّة الصادقة إلى محنة لبنان وشعبه الشقيق، وتضامناً مع الأشقاء اللبنانيين أمرَ صاحبُ السمو رئيس الدولة بتقديم مائة مليون درهم مساعداتٍ طبية للبنان.
نقلا عن صحيفة الاتحاد
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة