اليوم الـ97 للحرب.. قتال «معتاد» بغزة ومعركة قضائية في لاهاي
في اليوم الـ97 للحرب، تلاقى المعتاد مع الاستثنائي؛ لتدوي أصوات الغارات وصرخات المدنيين في لاهاي أمام محكمة العدل الدولية، وسط ترقب كبير.
المعتاد: استمرار الغارات والقتال في القطاع وما يرتبط بهما من معاناة مستمرة للمدنيين، حيث شنّ سلاح الجو الإسرائيلي فجر الخميس غارات مكثّفة على جنوب قطاع غزة.
إذ كثّف سلاح الجو الإسرائيلي قصفه لخان يونس، كبرى مدن جنوب قطاع غزة ومركز القتال في الأسابيع الأخيرة، بحسب شهود عيان.
وبحسب وكالة الأنباء الفلسطينية الرسمية "وفا"، أسفرت الغارات الجوية الإسرائيلية عن مقتل سبعة أشخاص على الأقل وإصابة 25 آخرين بجروح.
وخلال زيارة تفقّد فيها قواته في وسط قطاع غزة، أعلن رئيس الأركان الإسرائيلي هرتسي هاليفي، أمس الأربعاء، أنّ "القتال يدور تحت الأرض، وفوق الأرض، في منطقة معقدة للغاية، في مواجهة عدو أعدّ دفاعه على مدى فترة طويلة جدًا وبطريقة منظّمة للغاية".
القتال المتشعب حول حياة المدنيين إلى جحيما، حيث قالت مقررة الأمم المتحدة الخاصة المعنية بحقوق الإنسان للنازحين داخليا، باولا بيتانكور، إن غزة أصبحت "غير صالحة للعيش"، وإن إعادة التوطين المؤقت لسكانها خارج القطاع خيار غير قابل للتطبيق.
وأشارت بيتانكور في تصريحات لشبكة "سي إن إن" الأمريكية إلى "تدمير البنية التحتية المدنية، وتدمير المنازل والمرافق، وعدم إمكانية وصول المساعدات الإنسانية".
وأضافت "إسرائيل تسعى إلى تغيير تركيبة قطاع غزة بشكل دائم بأوامر الإخلاء المتزايدة باستمرار والهجمات الواسعة النطاق والمنهجية على المدنيين والبنية التحتية المدنية".
بالتزامن مع ذلك، أكد وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن، خلال زيارته لرام الله، أمس الأربعاء، تأييد واشنطن "تدابير ملموسة" لإقامة دولة فلسطينية.
وأشار بلينكن إلى أنه ناقش مع الرئيس الفلسطيني محمود عباس، "أهمية إصلاح السلطة الفلسطينية وسياستها وإدارتها حتى تتمكن من تحمل مسؤولية غزة بشكل فعال، بحيث يمكن إعادة توحيد غزة والضفة الغربية تحت قيادة فلسطينية".
نتنياهو ومستقبل غزة
في المقابل، قال رئيس الحكومة الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو "أودّ أن أوضح بعض النقاط: إسرائيل لا تنوي احتلال قطاع غزة بشكل دائم أو تهجير سكّانه المدنيين. إسرائيل تقاتل إرهابيي حماس وليس السكّان الفلسطينيين ونحن نفعل ذلك مع الاحترام الكامل للقانون الدولي"، ما يعكس رفضه توجه يميني داخل الحكومة بنشر الاستيطان بالقطاع.
وتوعدت إسرائيل بـ"القضاء" على حماس بعد الهجوم غير المسبوق الذي شنّته الحركة على جنوب الدولة العبرية في السابع من أكتوبر/تشرين الأول. وأدى الهجوم إلى مقتل نحو 1140 شخصا غالبيتهم من المدنيين، وفق تعداد لوكالة "فرانس برس" يستند إلى أرقام رسمية إسرائيلية.
كما اقتيد نحو 250 رهينة خلال الهجوم، لا يزال 132 منهم محتجزين في القطاع، بحسب الجيش الإسرائيلي.
وتردّ إسرائيل بقصف جوي ومدفعي عنيف، وعمليات برية اعتبارا من 27 أكتوبر/تشرين الأول، على قطاع غزة المحاصر ما أدى إلى مقتل 23357 شخصًا غالبيتهم من النساء والأطفال، وفق آخر حصيلة لوزارة الصحة التابعة لحماس.
"العدل الدولية"
ومن المعتاد إلى الاستثنائي، إذ تمثل إسرائيل، لأول مرة في تاريخها، اليوم الخميس، أمام أعلى محكمة تابعة للأمم المتحدة (محكمة العدل الدولية) في اتهامات بـ«ارتكاب إبادة جماعية» في غزة.
وتقول إسرائيل إنها استعدت للدفاع عن نفسها ودحض الاتهامات، في الدعوى التي رفعتها جنوب أفريقيا في ديسمبر/كانون الأول، وتقول فيها إن «الحرب الإسرائيلية في غزة تنتهك اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية لعام 1948».
وفي مقر المحكمة في لاهاي، تتناول جلسات الاستماع بشكل حصري طلب جنوب أفريقيا باتخاذ إجراءات عاجلة تأمر إسرائيل بتعليق عملياتها العسكرية في غزة بينما تستمع المحكمة إلى حيثيات القضية في عملية قد تستمر لسنوات. وعبرت كولومبيا والبرازيل عن دعمهما لجنوب أفريقيا في وقت متأخر من أمس الأربعاء.
وفي الدعوى المؤلفة من 84 صفحة، تقول جنوب أفريقيا، إن إسرائيل فشلت في تقديم الأغذية الأساسية والمياه والأدوية والوقود وتوفير الملاجئ والمساعدات الإنسانية الأخرى لسكان القطاع.
ولفتت إلى حملة القصف المستمرة التي دمرت مئات الآلاف من المنازل واضطرت نحو 1.9 مليون فلسطيني إلى النزوح، وأسفرت عن مقتل 23 ألف شخص.
ومن المقرر أن تستمع لجنة من 17 قاضيا، منهم قاضيان من إسرائيل وجنوب أفريقيا، إلى مرافعات مدتها 3 ساعات لكل طرف.
كما من المتوقع صدور حكم بشأن التدابير المؤقتة في وقت لاحق هذا الشهر.
وللدلالة على صعوبة المعركة القضائية، أرسلت إسرائيل قاضيا سابقا بالمحكمة العليا كان قد نجا من المحرقة النازية (الهولوكوست) إلى جلسات المحكمة. فيما ترسل جنوب أفريقيا قاضيا أمضى في شبابه 10 أعوام في جزيرة روبن التي التقى فيها الرئيس السابق لجنوب أفريقيا نيلسون مانديلا.