إسرائيل ومقتل قيادي من «حماس» بسوريا.. استثمار أم تصعيد؟
اغتيالٌ جديدٌ قد يجر المنطقة لصراع أكبر؟ أم هو هروب من أهداف لم تتحقق على الأرض في غزة؟ وكيف سيكون رد "الساحات"؟
استفهامات تطرح نفسها بعد إعلان إسرائيل مقتل مسؤول عمليات إطلاق القذائف الصاروخية لحماس حسن عكاشة داخل الأراضي السورية، وذلك بعد أيام من مقتل الرجل الثاني في الحركة بالضاحية الجنوبية في لبنان، وقيادي بارز في حزب الله.
والإثنين، أعلن الجيش الإسرائيلي أنه قتل مسؤولا في حماس بسوريا، قال إنه يقف وراء الهجمات الصاروخية للحركة على إسرائيل، مؤكدا "القضاء" على حسن عكاشة في بيت جن القريبة من مرتفعات الجولان المحتل، دون أن يكشف تفاصيل حول كيفية عملية الاغتيال.
وقال المتحدث باسم الجيش أفيخاي أدرعي على حسابه في "إكس" (تويتر سابقا): "منذ بداية الحرب وجّه المدعو حسن عكاشة خلايا إرهابية لحماس نفذت عمليات إطلاق قذائف صاروخية من سوريا نحو الأراضي الإسرائيلية".
الإعلان عن مقتل عكاشة لم تؤكده أو تنفه حركة حماس التي أغلقت جميع مكاتبها في دمشق بعد وقوفها وإعلان دعمها السياسي والعسكري للمعارضة السورية مع بداية الأزمة عام 2011.
المرحلة الثالثة؟
قيادي فلسطيني رفيع تواصلت معه "العين الإخبارية" من دمشق، رفض التعليق بشأن تأكيد أو نفي إعلان إسرائيل مقتل عكاشة.
لكنه اعتبر أن مثل هذا الإعلان يشكل إيحاء من إسرائيل بانتقالها للمرحلة الثالثة من الحرب وهذه المرحلة تشمل تنفيذ اغتيالات بحق شخصيات في الفصائل الفلسطينية.
وأكد القيادي الفلسطيني عدم تواجد عناصر لكتائب القسام في سوريا، قائلاً: "لا تواجد لكتائب القسام أو عناصرها في سوريا"، واضعا مثل هذه الأنباء التي يتم ترويجها من قبل الجيش الإسرائيلي في إطار "أهداف داخلية لإسرائيل".
وتابع: "لا تواجد عسكري ولا سياسي لحماس في سوريا، والعلاقات بين دمشق وحماس تقتصر على زيارات رسمية ومعلنة قامت بها بعض قيادات الحركة إلى سوريا مؤخراً".
رسائل
وبحسب القيادي الفلسطيني، فإن "مثل هذه الأنباء للاستثمار الداخلي ومحاولة إيهام المجتمع الإسرائيلي بوجود نجاحات على الأرض، بعد الفشل في تحقيق أهداف الحرب في غزة حيث يتم نشر أخبار من هذا النوع يوميا".
من جانبه، يقول الكاتب والباحث السوري في العلاقات الدولية، الدكتور محمد نادر العمري، إنه "حتى هذه اللحظة، لا يوجد أي تأكيد لما أعلنه الجيش الإسرائيلي بخصوص اغتيال قيادي من حماس في سوريا".
مستدركا، في حديث لـ"العين الإخبارية": "لكن في حال ثبتت صحة هذه المعلومات، فإنها دلالة على وحدة الساحات".
واعتبر العمري أن الأهداف الاسرائيلية من عمليات الاغتيال، تكمن في "بعث رسائل هدفها إضعاف المعنويات لدى حماس وحلفائها ومحاولة رفع معنويات الجيش، وتقديم القيادة الإسرائيلية على أنها قادرة على تحقيق الإنجازات" على حد قوله.
العمري أشار أيضا إلى "وجود تناقض بين الجانب الأمريكي والإسرائيلي في التوجهات، فالأمريكي يريد ضبط الصراع في المنطقة، وإعطائه الضوء الأخضر لاستكمال استهداف غزة لا يعني أن يتحول هذا الاستهداف إلى انفجار على مستوى المنطقة".
وعزا ما تقدم إلى أن أمريكا غير جاهزة قبيل انتخاباتها للدخول في أي اشتباك على مستوى المنطقة.
استفزاز؟
في المقابل، وبحسب العمري، فإن إسرائيل وخاصة رئيس وزرائها بنيامين نتنياهو، تريد من خلال هذه الاغتيالات دفع قوى "محور المقاومة" لشن رد عسكري على إسرائيل وهو ما يمنحه ورقة ضغط على الغرب.
واعتبر أن وصول وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن إلى المنطقة بعيد ساعات من الإعلان عن سحب حاملة الطائرات جيرارد فورد، "شكل ضغطا ناعما على إسرائيل".
كما أن زيارة بلينكن لدول المنطقة أولا قبل زيارته لإسرائيل، يوضح الخبير، "بعث رسالة واضحة بأن واشنطن لا تريد التصعيد على مستوى المنطقة، وفي هذا الإطار أيضا سربت معلومات عن قيام واشنطن ببعث رسالة لإيران واستعدادها لحل مشاكل المنطقة بالطرق الدبلوماسية".
لكن العمري ورغم تأكيده أن دول المنطقة والغرب وواشنطن لا تريد التصعيد، تطرق أيضا إلى وجود معطيات ومؤشرات تدفع نتنياهو للتصعيد وقد تكون الاغتيالات إحداها.
ويضيف: ربما يكون الرد من قبل حماس وحزب الله "ردعي وقوي في آن واحد بحيث لا يمنح إسرائيل الذريعة لشن هجوم كبير وبالتالي استدعاء دعم غربي خارجي".
وتوقع العمري استمرار إسرائيل "بنهج استهداف قيادات حماس مع الأخذ بعين الاعتبار أنه في حال وصلت إلى قيادات من الصف الأول فسيكون لذلك تداعيات أكبر".
وختم بالقول إن "الوضع اليوم مختلف عما كانت عليه المنطقة في وقت سابق، والظروف مختلفة وموازين القوى مختلفة، وفي حال ذهاب إسرائيل لاستهداف شخصيات من الصف الأول فستدخل المنطقة في مرحلة تفجير مطلقة".
وجاء مقتل عكاشة بعد أيام قليلة من مقتل الرجل الثاني في حركة حماس صالح العاروري بالضاحية الجنوبية ببيروت، في سلسلة استهدافات تدفع خبراء للقول إن حماس انكشفت بشكل كامل أمام إسرائيل.
ومنذ هجوم حماس المباغت، في السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي، صعّدت إسرائيل من ضرباتها على أهداف تابعة للجماعات المدعومة من إيران في سوريا فضلا عن الدفاعات الجوية التابعة للجيش السوري.