تكتيك «العصور الوسطى».. هل ينجو شمال غزة من «خطة الجنرالات»؟
تكتيك من "العصور الوسطى" يعرف إعلاميا بـ"خطة الجنرالات"، يضع شمال غزة على شفا فاجعة لا يتحملها القطاع، وسط إشارات متناقضة على تنفيذها.
وبحسب ما طالعته "العين الإخبارية" في صحيفة "واشنطن بوست"، فإن ما يجري في شمال قطاع غزة "يعكس جزئيًا على الأقل، خطة حصار مثيرة للجدل وضعها جنرال إسرائيلي سابق للسيطرة الكاملة على هذا الجزء من القطاع ثم مساحات أكبر منه".
وتهدف الخطة، التي قدمها جيورا إيلاند، وهو لواء متقاعد ورئيس سابق لمجلس الأمن القومي الإسرائيلي، والتي تواجه معارضة من الجيش الإسرائيلي والبيت الأبيض ومنظمات حقوق الإنسان، إلى "إفراغ المناطق من المدنيين بشكل منهجي وتجويع - أو إطلاق النار - على أي شخص يصر على البقاء في الشمال".
ونقلت الصحيفة الأمريكية عن اثنين من المسؤولين الإسرائيليين ومصدر مقرب من أعضاء مجلس الوزراء الأمني، أن بعض وزراء اليمين المتطرف، وخاصة وزير المالية بتسلئيل سموتريتش ووزير الأمن القومي إيتامار بن غفير، "يصرون على تنفيذها، ما أدى إلى تفاقم الخلافات بين المتشددين في مجلس الوزراء وكبار قادة الجيش".
دور وزير الدفاع
فيما قال مصدر مقرب من وزير الدفاع، يوآف غالانت، إن الأخير "تمكن حتى الآن من التصدي لهذه الخطة، بيْد أنه لم يتضح إلى متى يمكنه الوقوف بمفرده مع الجيش في مواجهة الضغوط السياسية المتزايدة".
ولم يؤيد نتنياهو علنا خطة آيلاند. كما أوضح مسؤول إسرائيلي ثالث مقرب من مكتب رئيس الوزراء، أن التقارير الإعلامية التي تفيد بأن الأول يدرس الاقتراح "لا أساس لها من الصحة وغير صحيحة".
ولكن ربما يسمح نتنياهو لزملائه من اليمين المتطرف بتنفيذ أجزاء منها لأنه يعتمد على دعمهم لمنع الحكومة من الانهيار، وفقًا لما ذكرته جاييل تالشير، أستاذة العلوم السياسية في الجامعة العبرية.
ويحاول رئيس الوزراء أيضًا الحفاظ على ائتلافه معًا لتمرير الميزانية قبل نهاية العام، وهو الموعد النهائي الذي قد يؤدي تلقائيًا إلى انهيار حكومته في حال فشل تمريرها.
"فرصة"
وتعتقد تالشير أن نتنياهو رأى فرصة قبل الانتخابات الأمريكية - وهي نافذة قد يشعر فيها الرئيس جو بايدن بالقيود في انتقاده لإسرائيل - لاختبار كيف سيتم استقبال مثل هذه الخطة المثيرة للجدل من قبل المجتمع الدولي والجمهور الإسرائيلي.
واعتبرت تالشير أن "جزءا مما يحدث في شمال غزة الآن كان بمثابة محاكاة لخطة آيلاند. والآن بعد أن أصبح الأمريكيون واضحين جدًا في معارضتهم لما يحدث، أعتقد أننا نراهم (أي الإسرائيليين) يتراجعون".
وكان آيلاند قد قال في مقابلة مع صحيفة "واشنطن بوست"، إن عزل حماس وقطع الإمدادات عن الشمال بالكامل هو السبيل الوحيد لكسر قبضة المجموعة على السلطة.
وأقرّ بأن "تجويع المدنيين أمر غير قانوني، ولكنه سيكون قانونيا إذا عُرض عليهم وسيلة ووقت للمغادرة قبل أن تبدأ الحرب".
كارثة إنسانية
لكن منظمات إغاثية وحقوقية حذرت من أن غزة لا تستطيع تحمل نزوح جماعي آخر، مشيرة إلى تكدس الفلسطينيين بالفعل في الجنوب.
وعقب حملة التطعيم ضد شلل الأطفال الأخيرة في الشمال، أشارت تقديرات الأمم المتحدة إلى أن حوالي نصف الذين ما زالوا في الشمال هم من الأطفال.
وقالت جماعات حقوق الإنسان إن إجبار الأسر على الخروج تحت تهديد العنف والجوع أمر غير قانوني وغير أخلاقي. بينما دعت مجموعة من المنظمات الإسرائيلية هذا الأسبوع المجتمع الدولي إلى منع الحكومة من تنفيذ المقترحات "بهدوء".
وبالنسبة لجيسيكا مونتيل، رئيسة منظمة هموكيد، وهي منظمة للدفاع عن الحقوق المدنية مقرها القدس، فإن "خطة آيلاند تستحضر تكتيكات المعركة في العصور الوسطى؛ ففرض الحصار على السكان المدنيين من أجل هزيمة العدو يتناقض بشكل صارخ مع المبادئ الأساسية لقوانين الحرب".