شظايا حرب غزة تصيب المجتمع البريطاني.. انقسامات تهدد الديمقراطية
امتدت انعكاسات الحرب في غزة لتصل إلى بريطانيا، وسط مخاوف من أن يؤدي الصراع إلى إجهاد الديمقراطية متعددة الأديان في بريطانيا.
وقالت مجلة "بوليتيكو" الأمريكية إنه على الرغم من وحدة الموقف البريطاني على أعلى مستويات السياسة والذي يدعم إسرائيل بشكل كامل فإن الأمور على الأرض تختلف بشكل كبير.
ففي أعقاب هجوم حركة حماس غير المسبوق في 7 أكتوبر/تشرين الأول الجاري على إسرائيل، واجه الساسة البريطانيون العواقب، ليس فقط في الشرق الأوسط، وإنما أيضاً في ساحاتهم الخلفية.
ووفقا لشرطة العاصمة لندن، فقد كانت هناك زيادة هائلة في جرائم معاداة السامية وكراهية الإسلام، حيث تم تسجيل 218 جريمة كراهية معادية لليهود خلال الشهر الجاري، مقارنة بـ15 جريمة في نفس الفترة من العام الماضي، في حين ارتفعت الجرائم التي تستهدف المسلمين من 42 إلى 101 جريمة.
ووجه رئيس الوزراء البريطاني وزعيم حزب المحافظين ريشي سوناك وزعيم حزب العمال كير ستارمر مذكرة واحدة في البرلمان الأسبوع الماضي، حيث أدان الرجلان حماس وأعربا عن تضامنهما مع إسرائيل، ودعت المذكرة إسرائيل في الوقت نفسه لاحترام القانون الدولي في ردها.
شعور متزايد بالقلق
لكن أعضاء البرلمان في بريطانيا يشعرون بالتوتر من الصراع الذي يشكل ضغطا على بعض المجتمعات، ويرى البعض أن الصراع يبدو "قريبا جدا من الوطن".
وقال ديفيد سيموندز، النائب المحافظ عن منطقة رويسليب ونورثوود وبينر في شمال غرب لندن "في منطقتنا، من الواضح أن هناك شعورا متزايدا بين الناس بالقلق"، موضحا أنها دائرة انتخابية تضم واحدة من أعلى نسب السكان اليهود في المملكة المتحدة.
وبدا سيموندز حذرا بشأن قدرة السلطات على الاستجابة للقلق المجتمعي المتزايد، وأكد أهمية تعزيز الإجراءات الأمنية في دائرته الانتخابية، قائلا إن "الارتفاع العام في التوتر الذي نعرفه يرتبط بزيادة خطر وقوع حوادث".
وقالت أليسون ثيوليس، عضو البرلمان عن الحزب الوطني الاسكتلندي عن منطقة جلاسكو المركزية التي تعد موطنا لعدد كبير من المسلمين، بالإضافة إلى أتباع الديانات الأخرى "الناس يشعرون بالانزعاج الشديد".
وبحسب ثويليس، فإنها تلقت حوالي 800 رسالة بريد إلكتروني حول الحرب بين إسرائيل وحماس منذ الأسبوع الماضي.
وأضافت أن العديد من الناخبين المسلمين غير راضين عن أداء المملكة المتحدة التي لم تفعل المزيد لحث الحكومة الإسرائيلية على ضبط النفس.
وأوضحت أن المسلمين انزعجوا من قرار ريشي سوناك بالظهور جنبًا إلى جنب مع نظيره الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الأسبوع الماضي.
وأشارت ثويليس إلى وجود تقارير عن جرائم كراهية على كلا الجانبين في مدينتها، وأعربت عن شعورها "بالقلق من أنه كلما زادت الأمور المشحونة كلما تصاعدت الأمور.. إنه مصدر قلق كبير للناس في غلاسكو".
سياسيون عالقون في الصراع
في الوقت نفسه شاهد العديد من الشخصيات السياسية البارزة في المملكة المتحدة عائلاتهم عالقة في الصراع.
ومن بين هؤلاء رئيس وزراء اسكتلندا حمزة يوسف، الذي شارك محنة والدي زوجته، اللذين ما زالا محاصرين في غزة.
ورغم أن يوسف أدان بشدة هجمات حماس على إسرائيل، لكنه اتهم الحكومة البريطانية بالفشل في تقدير حياة الفلسطينيين بقدر حياة الإسرائيليين.
وفي جلسة أمام مجلس العموم قبل أيام، قالت ليلى موران، المتحدثة الرسمية باسم حزب الديمقراطيين الليبراليين للشؤون الخارجية، إن عائلتها في مدينة غزة اضطرت إلى البحث عن ملاذ في كنيسة بعد أن قصف الجيش الإسرائيلي منزلهم.
ضغوط على المجتمع
وفي تصريحات لـ"بوليتيكو" أكد وزير الدفاع البريطاني جرانت شابس، يهودي أيضًا، إنه لا ينبغي للشرطة أن تخجل من التعامل مع الأشخاص الذين يسعون إلى إثارة الكراهية وتأجيج التوترات المجتمعية.
وقال إنه "من المهم سواء كنت مسلماً أم يهودياً أم مسيحياً أم لا شيء، فالجميع يستحق أن يشعر بالأمان".
وأضاف "لا ينبغي أن تشعر الشرطة بأنها في حاجة إلى أي تسامح مع الأشخاص الذين يحاولون إثارة الكراهية بأي شكل من الأشكال، سواء كان ذلك من خلال القيادة على الطريق والتلويح بالأعلام في وجوه مجتمع معين أم الهتافات التي تدعم منظمة محظورة مثل حماس".
وبحسب "بوليتيكو" فإنه سيكون على الشرطة أن تتعامل بحذر، فعليها كبح جماح المظاهرات التي يحتمل أن تكون تحريضية وفي الوقت نفسه ترك مساحة للتعبير عن المخاوف بشأن الحرب.
ويتفق محللو الديمقراطية متعددة الأديان في بريطانيا على أن الصراع في غزة يضيف ضغوطا جديدة على البلاد، لكنهم يؤكدون الحاجة إلى حوار مفتوح ومحترم.
وقال ساندر كاتوالا مدير مركز أبحاث المستقبل البريطاني، الذي يركز على الهوية والهجرة، إن صناع السياسات "لا يحتاجون إلى إثارة المخاوف، ولكن علينا أن نكون يقظين".
وأضاف "ما نحتاجه هو الروح التي تجعل من الممكن أن نكون مؤيدين لإسرائيل ومؤيدين للفلسطينيين في نفس الوقت، لأننا لا نريد تحويل الهويات الدينية للناس إلى هويات حزبية".
وقال لوك تريل من منظمة مور إن كومون، منظمة خيرية وأبحاث تهدف إلى تعزيز التماسك في المجتمع البريطاني، إن هناك خطرا بسبب الذين "يصدرون أصواتا عالية يدفعون الآخرين إلى الخروج من النقاش".
واعتبر أنه "من المهم جدا أن نرى، على سبيل المثال، قيادات كبيرة جدا في المجتمع الإسلامي تدين الهجمات على إسرائيل.. إنه أمر قوي يضعف إذكاء الانقسامات".
aXA6IDMuMTQ1LjY4LjE2NyA= جزيرة ام اند امز