أزمة غزة.. كواليس الجهود المصرية الأمريكية وفرص التهدئة
مساعي وساطة مصرية وأمريكية تستمر على قدم وساق للتوصل لاتفاق تهدئة بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي في قطاع غزة.
مصادر دبلوماسية مصرية مطلعة، رجحت أن تكون بداية التهدئة بين "حركة حماس وإسرائيل بحلول بعد غد الخميس، بهدف وقف التصعيد العسكري الإسرائيلي على قطاع غزة وإطلاق الصواريخ من القطاع على تل أبيب.
وقالت المصادر، لـ"العين الإخبارية"، مفضلة عدم الكشف عن هويتها، إن الجهود المصرية الأمريكية أسفرت عن تنفيذ الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي لأحد أهم المطالب خلال اليومين الماضيين، وهو خفض معدل التصعيد لحين التوصل لاتفاق ملزم للطرفين.
والليلة الماضية، شهدت غزة هدوءا قصيرا طوال ساعات الفجر، لكن التصعيد سرعان ما تصدر المشهد بالقطاع لليوم التاسع على التوالي، حيث شنت إسرائيل ضربات جوية فيما استأنف الفلسطينيون إطلاق الصواريخ عبر الحدود.
وكشفت المصادر الدبوماسية المصرية عن أن من نقاط الخلاف الرئيسية إصرار كل طرف على قيام الطرف الآخر بالخطوة الأولى لوقف إطلاق النار، حيث أبدت حركة حماس استعدادها لوقف إطلاق الصواريخ على إسرائيل مقابل وقف التصعيد الإسرائيلي على القطاع، فيما أعربت إسرائيل عن الاستعداد نفسه.
وأضافت أن إسرائيل طلبت وقف استهداف المستوطنين في مناطقها الجنوبية وكذلك وقف إطلاق الصواريخ على المناطق العسكرية.
وكشف أحد المصادر عن أن "الاتفاق يقضي بوقف متبادل للتصعيد بنفس التوقيت حتى لا يظهر أن أحدا تنازل للآخر".
من جانبه، رجح طارق فهمي، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، أن يصل الطرفان الفلسطيني والإسرائيلي بحلول يوم الخميس المقبل،إلى ما أسماه "بدء خط تشغيل التهدئة" بينهما، مشددا على أن التهدئة لا تعني وقفا فوريا لإطلاق النار، ولكن خفضا تدريجيا للعمليات العسكرية بما يسمح ببداية التهدئة حول النقاط التي تم الاتفاق عليها.
وأضاف فهمي لـ"العين الإخبارية"، أن:"كل طرف يسرع وتيرة التصعيد قبل انتهاء المواجهات، لكن بشكل عام انخفض منسوب المواجهات خلال الساعات القليلة الماضية".
وعزز الخبير المصري حديثه بأن قبول تل أبيب بفتح معبر كرم أبو سالم اليوم، يأتي في إطار هذا الخفض، لاسيما أنه كان أحد الشروط الرئيسية.
واليوم الثلاثاء، قررت إسرائيل فتح معبر كرم أبو سالم لساعات محدودة، وإدخال كميات من الوقود إلى القطاع المحاصر.
وأوضح فهمي أن التهدئة تشمل ملفين رئيسين، هما: وقف وإرجاء طرد الفلسطينيين في حي الشيخ جراح وهو ما قبلته إسرائيل منتظرة قرار المحكمة، والثاني عدم تجديد أعمال الاستيطان في مناطق مستهدفة.
ولفت إلى أن بقية الشروط لا تشكل مشكلة في سير التهدئة، مشيرا إلى أن مرحلة صفقة الأسرى سيتم إرجاؤها إلى بعد التهدئة كتتويج لمرحلة بناء الثقة.
ووصف الخبير السياسي صفقة الأسرى بأنها أحد المحفزات التي يستخدمها الوسطاء مع الطرفين للقبول بالتفاوض.
وحول سيناريوهات التصعيد، ذهب فهمي إلى أنه بالرغم من تطوير إسرائيل لأدائها من خلال ضرب الأهداف و البنية الأساسية قبل التهدئة، لكنها لن تخرج عن الخط الأحمر في اغتيال شخصيات من قادة حماس.
وكانت إسرائيل أعلنت، أمس، عن استهداف المقاتلات الإسرائيلية لمنازل 9 قيادات بحركة حماس في غزة.
واستند فهمي، في حديثه، إلى حرب ٢٠١٤ التي انتهت تماما بعد خمسين يوما، حيث تم خفض التصعيد بعد اليوم الـ٢٣، متوقعا أن يتكرر السيناريو لكن في فترة زمنية أقل بكثير.
وتابع موضحا: "في ٢٠١٤ بعد خفض منسوب المواجهات، كانت تقع الخروقات بين ٣ و٤ أيام لحين التوصل لوقف شامل للتصعيد، وهذا ما سيحدث ولكن في مدة زمنية أقل".
وفي العام المذكور، توصل الفلسطينيون والإسرائيليون إلى اتفاق "دائم وغير محدود زمنيا" لوقف إطلاق النار في غزة بعد حرب دامت خمسين يوما، وأدت إلى مقتل أكثر من 2100 فلسطيني.
من جهته، قال خالد عكاشة، المدير العام للمركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية بالقاهرة، إن الجهود المصرية في مكان متقدم بالوساطة، حيث تنسق معها كل الأطراف الدولية والعربية.
وفي حديث لـ"العين الإخبارية"، قال الخبير الأمني إن "المعضلة الحالية هي تطورات الأحداث التي قد تعيدنا للمشهد الأصعب من التصعيد"، مضيفا أن "الجميع يترقب التوصل إلى تهدئة لها طابع شمولي ومستدام".
ويرى مراقبون أن التصعيد الأخير في قطاع غزة هو "الأعنف منذ حرب 2014"، بعد تبادل إسرائيل وحماس إطلاق مئات الصواريخ، لتدخل الأزمة يومها التاسع وسط قلق دولي ودعوات للتهدئة.
ومنذ اندلاع الأحداث، تكثف القاهرة وواشنطن ودول أخرى في المنطقة جهودها الدبلوماسية والسياسية لمنع التصعيد ووقف العنف.