رغم مفاوضات هدنة غزة.. إعلام عبري يكشف عن استعدادات لـ«احتلالها»

تتصاعد التوترات السياسية والعسكرية في إسرائيل مع تنامي الدعوات داخل الحكومة لتنفيذ خطوة حاسمة في الحرب ضد قطاع غزة.
ورغم الجهود المستمرة للتوصل إلى اتفاق وقف إطلاق النار، تبرز بوضوح الأصوات المتزايدة التي تدعو إلى تصعيد العمليات العسكرية ضد حركة حماس، بما في ذلك احتلال القطاع بشكل كامل.
- هدنة غزة.. حماس تطرح صفقة الـ5 سنوات وتغيير بموقف ترامب
- «حماس» تتمسك بـ«صفقة شاملة» في غزة.. «عصا التعنت» تجهض آمال الهدنة
في هذا السياق، ذكرت القناة الـ14 العبرية أن الضغوط على رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع إسرائيل كاتس تتزايد لبدء مرحلة جديدة في الصراع، تتضمن استعادة السيطرة العسكرية الكاملة على غزة بهدف إسقاط حركة حماس نهائيًا.
وبينما تركز الدبلوماسية على إمكانية التوصل إلى هدنة طويلة الأمد، يرى العديد من السياسيين في إسرائيل أن هذا الخيار لم يعد مجديًا في ظل التعنت الفلسطيني من جهة، والإصرار على الحفاظ على الأمن الإسرائيلي من جهة أخرى.
ونقلت إسرائيل هيوم عن مسؤولين كبار، أن «الجيش الإسرائيلي يعمل على تعبئة جديدة في قوات الاحتياط بهدف توسيع المعارك في غزة إذا لم يتم التوصل لاتفاق».
وتتسارع هذه الدعوات في وقت حساس، مع تزايد الحديث عن أن الحرب على غزة قد تأخذ مسارًا أكثر دموية وطويل الأمد، خاصة إذا فشلت المفاوضات في تحقيق تقدم ملموس.
في هذا السياق، تتجه الأنظار إلى خيارات المواجهة العسكرية كأفق محتمل لمستقبل الصراع، مما يضع غزة أمام مرحلة جديدة من العنف والدمار.
ضغوط داخلية
بعض الأصوات السياسية داخل إسرائيل بدأت ترفع صوتها ضد سياسة نتنياهو ووزير الدفاع كاتس، معتبرة أن الوقت قد حان لاتخاذ قرار حاسم.
هؤلاء المسؤولون، ومن بينهم شخصيات بارزة في حزب الليكود مثل وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير ووزير المالية بتسلئيل سموتريتش، يعبرون عن استيائهم من التباطؤ في اتخاذ قرار عسكري حاسم.
ووفقًا لتلك الأصوات، فإن سياسة إطالة أمد الحرب أو محاولة التوصل إلى اتفاق مع حماس لن تؤدي إلا إلى تفاقم الأزمة وتعميق حالة عدم الاستقرار.
ويشعر هؤلاء المسؤولون أن "المناورة الكبرى"، والتي تشمل عملية عسكرية شاملة ضد حماس واحتلال كامل للقطاع، أصبحت الخيار الوحيد المتاح.
في ضوء هذه المطالب، تساءل البعض عن المدى الذي يمكن أن يصل إليه الوضع إذا استمرت الحروب الدبلوماسية في تأجيل الحسم العسكري.
وقد نُقلت بعض هذه المطالب في جلسات داخل الكابينت الإسرائيلي، حيث أصبح واضحًا أن هناك ميلاً متزايدًا بين بعض الوزراء العسكريين واليمينيين في الحكومة للتوجه نحو الحسم العسكري بدلاً من الركون إلى الحلول السياسية.
تدمير غزة أو الانسحاب
ووفق القناة الـ14 العبرية فقد أعرب عدد من الضباط الكبار الذين يقاتلون في قطاع غزة في الوقت الحالي عن غضبهم الشديد إزاء إدارة الحكومة السياسية، بسبب ما يمكن وصفه بـ «التخبط» في الحرب.
وقالوا: «كل مرة نصل إلى هذه النقطة – يجب اتخاذ قرار، إما تدمير غزة أو الانسحاب. دماء جنودنا ليست رخيصة».
بين الأمل والمراوحة في المكان
وعلى الرغم من التصعيد العسكري المتزايد، هناك جهد دبلوماسي مستمر للتوصل إلى اتفاق وقف إطلاق نار مع حركة حماس.
هذا الجهد يترافق مع تصاعد الضغوط الدولية، حيث يسعى الوسطاء الدوليون، تحت تشجيع أمريكي، إلى الوصول إلى اتفاق قبل زيارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب المزمع في منتصف مايو/أيار المقبل.
فقد وصلت المفاوضات إلى مرحلة دقيقة، مع استجابة حماس بعرض "صفقة شاملة" تشمل تبادل الأسرى، وقف كامل لإطلاق النار، وإعادة إعمار غزة، بالإضافة إلى ضمانات بالانسحاب الإسرائيلي من القطاع.
في الوقت ذاته، أعلنت حماس عن استعدادها لعقد "صفقة" تضم إطلاق سراح جميع الأسرى الإسرائيليين مقابل وقف الحرب، وإطلاق سراح الأسرى الفلسطينيين.
في هذا الإطار، استمر المبعوثون الدوليون في العمل على تحريك ملف المساعدات الإنسانية إلى غزة، التي تواجه أزمة شديدة في توفير الغذاء والدواء، وسط حالة من تجويع السكان، وهو ما يزيد من تعقيد الوضع في القطاع.
تحديات أمام الحكومة الإسرائيلية
إسرائيل، من جانبها، تواجه ضغوطًا داخلية كبيرة في ظل الوضع الأمني المتدهور.
الحكومة الإسرائيلية تجد نفسها بين خيارين صعبين: إما الاستمرار في السياسة العسكرية التي قد تؤدي إلى تصعيد أكبر، أو القبول باتفاق جزئي مع حماس الذي قد يثير غضب القوى اليمينية في الحكومة.
والمعضلة تتمثل في كيفية إدارة العملية العسكرية وضمان تحقيق أهدافها دون الانجرار إلى مواجهة مفتوحة قد تستمر لعدة أشهر.
من جانب آخر، تُظهر التقارير من داخل إسرائيل أن هناك انقسامًا متزايدًا بين العسكريين والسياسيين.
في حين أن الجيش الإسرائيلي يبدو مستعدًا لتوسيع العمليات البرية في غزة، بما في ذلك احتلال المزيد من المناطق الاستراتيجية، فإن المستوى السياسي يواصل التأكيد على ضرورة التوصل إلى حل تفاوضي لتجنب مزيد من الدماء والدمار.
هذا التباين يعكس أزمة الثقة داخل الحكومة الإسرائيلية، ويزيد من تعقيد اتخاذ القرارات الحاسمة.
التداعيات الإنسانية
على الرغم من الضغوط العسكرية، تبقى الأزمة الإنسانية في غزة هي القضية الأساسية التي تشغل المجتمع الدولي.
فقد شهد قطاع غزة نقصًا حادًا في الغذاء والدواء منذ بدء الحرب، وهو ما دفع العديد من الدول الغربية إلى الدعوة لوقف الحصار الإسرائيلي والسماح بدخول المساعدات الإنسانية بشكل عاجل.
وزراء خارجية فرنسا وألمانيا وبريطانيا أطلقوا تصريحات قوية تدين استمرار منع المساعدات، محذرين من تفاقم الوضع الإنساني بشكل يهدد حياة المدنيين الفلسطينيين.
وفيما يخص المساعدات الإنسانية، أثارت التقارير الدولية مخاوف حيال الانعكاسات المستقبلية لهذا المنع على استقرار المنطقة، مشيرة إلى أن أي حل سياسي يتطلب إعادة النظر في سياسة الحصار المفروضة على غزة.
ورغم الضغوط الدولية، إلا أن الحكومة الإسرائيلية تصر على أن إدخال المساعدات يجب أن يتم وفق شروط خاصة، مما يضع الحواجز أمام أي تقدم حقيقي في مفاوضات السلام.
ومع اقتراب موعد زيارة ترامب إلى المنطقة، تبقى الفرصة قائمة للتوصل إلى اتفاق هدنة طويل الأمد في غزة.
ولكن مع تصاعد الضغوط الداخلية في إسرائيل، ورفض حماس لأي حل لا يتضمن انسحابًا إسرائيليًا كاملاً، يبدو أن الطريق إلى السلام لا يزال بعيدًا.
وتزداد المخاوف في هذه الأثناء، من أن يؤدي الفشل في التوصل إلى اتفاق إلى حرب شاملة في غزة.
aXA6IDMuMTIuMTYxLjg3IA== جزيرة ام اند امز