رحلة منتصف الليل.. هل تغير سياسة إسرائيل تجاه أزمة أوكرانيا؟
في الساعات الأولى من صباح الخميس وصل وزير الخارجية الإسرائيلي إيلي كوهين، إلى مدينة رزيسزو في بولندا في رحلة جوية.
ومن مدينة برزيميسل الحدودية البولندية استقل الوزير الإسرائيلي في رحلته التي بقيت طي الكتمان، قطارا إلى العاصمة كييف.
وبقي مسار الرحلة سريا حتى وصول كوهين وأعضاء وفده إلى مدينة بوتشا، ليتم الإعلان رسميا عن زيارة أكبر مسؤول إسرائيلي إلى أوكرانيا منذ العملية العسكرية الروسية قبل نحو عام.
- نووي إيران وحرب أوكرانيا.. رسائل أمريكية "لطمأنة" إسرائيل
- بأسلحة 1973.. أمريكا تجر إسرائيل إلى حرب أوكرانيا
وأراد كوهين من خلال رحلة القطار التي مرت في مناطق غطتها الثلوج إعادة الدفء إلى علاقة بلاده مع أوكرانيا.
وتتعرض إسرائيل لضغوط من الولايات المتحدة الأمريكية وعدد من الدول الأوروبية لبذل المزيد من الجهد لدعم أوكرانيا على الجبهات الإنسانية والاقتصادية والأمنية.
ومن جهتها، تريد أوكرانيا من إسرائيل أن تزودها بأسلحة دفاعية ضد الصواريخ والطائرات دون طيار.
وقدمت إسرائيل بالفعل مساعدات إنسانية عديدة لأوكرانيا، لكنها ترفض منحها مساعدات عسكرية خشية الإضرار بعلاقاتها مع روسيا.
وتريد إسرائيل من روسيا الإبقاء على حرية عملها الجوي في ضرب أهداف تقول إنها لإيران ومليشيات حزب الله اللبنانية في سوريا.
وحاولت الحكومة الإسرائيلية السابقة برئاسة نفتالي بينيت التوسط بين روسيا وأوكرانيا لكن دون أن تنجح، وفي عهد رئيس الوزراء السابق يائير لابيد انتقدت روسيا ودعمت أوكرانيا سياسيا لكنها لم تدعمها عسكريا.
ومع ذلك لم يخف المسؤولون الأوكرانيون إحباطهم، ووجهوا انتقادات علنية لإسرائيل عدة مرات لعدم اتخاذ موقف أكثر حزما ورفضها إرسال أنظمة دفاع جوي إلى كييف.
وكان من المتوقع أن يحول رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، الذي تربطه علاقة قوية بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين، إسرائيل في اتجاه روسيا، لكنه بدلاً من ذلك قام بتحويلها نحو أوكرانيا دون أن يكون من الواضح إذا ما كان سيقدم السلاح لأوكرانيا.
والأسبوع الماضي، قال السفير الأوكراني لدى تل أبيب يفغين كورنيتشوك في تصريحات صحفية، إنه "يتعين على حكومة إسرائيل الجديدة الوقوف إلى جانب كييف وإرسال أسلحة دفاعية لحماية المدنيين من الصواريخ الروسية، وهذه هي القضية الأكثر أهمية".
وكان الإعلان عن شراء روسيا طائرات دون طيار وصواريخ دقيقة من إيران واستخدامها في أوكرانيا قد أثار حفيظة إسرائيل وكذلك الولايات المتحدة الأمريكية والدول الأوروبية.
وحولت الولايات المتحدة الأمريكية صواريخ وأسلحة كانت مخزنة في إسرائيل للاستخدام في وقت الطوارئ إلى أوكرانيا.
ولم يعط نتنياهو مؤشرات على أنه سيزود أوكرانيا بالسلاح، ولكن ينظر في إسرائيل إلى زيارة كوهين على أنها خطوة نحو تغيير في السياسة الإسرائيلية.
وكان كوهين أثار غضب المسؤولين في أوكرانيا حينما قال بعيد تشكيل الحكومة الحالية الشهر الماضي إن إسرائيل "ستتحدث أقل"، وهو ما تم تفسيره على أنه إشارة إلى أن "الحكومة الجديدة لن تدين روسيا علانية كما فعل رئيس الوزراء السابق لابيد".
وتحدث كوهين هاتفيا أولا مع وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، خلال الأسبوع الأول بعد تشكيل الحكومة، قبل أن يتحدث مع نظيره الأوكراني الذي دعاه لزيارة كييف.
ويقول موقع "تايمز أوف إسرائيل" الإخباري الإسرائيلي، في تقرير تابعته" العين الإخبارية": "مع تعرض حكومته لانتقادات من الحلفاء الغربيين بسبب الاعتراف بالمستوطنات واقتراح إضعاف القضاء بشكل كبير، يحرص نتنياهو على تعزيز حسن نيته تجاه أوروبا والولايات المتحدة".
وأضاف: "من المؤكد أن زيادة الدعم لأوكرانيا -القضية التي تهيمن على النقاش بين صناع السياسة في حلف شمال الأطلسي (الناتو) والاتحاد الأوروبي- ستكسبه بعض النقاط".
وتابع: "كانت هناك مؤشرات أخرى على أن إسرائيل منفتحة على إمالة كفة الميزان قليلاً لصالح أوكرانيا، وخلال لقاء مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في وقت سابق من هذا الشهر، أعرب نتنياهو عن استعداده لإرسال (أشياء عسكرية) إلى كييف"، وفقًا لمسؤول مطلع على المحادثة، ولكنه شدد في الوقت نفسه على أنه لا يمكن أن يذهب بعيدا دون استفزاز روسيا".
ولكن نتنياهو أخبر ماكرون أنه "من السابق لأوانه التفكير في الوساطة"، موضحًا أنه "لن يدفع دوره كوسيط بين روسيا وأوكرانيا حتى تطلب منه روسيا وأوكرانيا والولايات المتحدة القيام بذلك".
وفي وقت سابق من هذا الشهر، قال نتنياهو لشبكة "سي إن إن" الأمريكية إنه "يبحث في تزويد أوكرانيا بأنواع أخرى من المساعدات إلى جانب المساعدة الإنسانية"، وسط مخاوف بشأن العلاقة المعقدة بين إسرائيل وروسيا وحاجتها إلى الاحتفاظ بحرية التصرف في سوريا.
وأشار نتنياهو أيضا إلى أن "إسرائيل كانت تساعد أوكرانيا من خلال العمل ضد منتجات الأسلحة الإيرانية التي تستخدم ضد أوكرانيا".
وقالت تقارير إن "الغارات الجوية المنسوبة إلى إسرائيل أواخر الشهر الماضي في مدينة أصفهان الإيرانية استهدفت برنامج الطائرات دون طيار الانتحاري الإيراني".
وتبيع إيران طائرات كاميكازي المتطورة دون طيار إلى روسيا والتي يُزعم أنها تستخدم بعد ذلك لمهاجمة البنية التحتية المدنية والحرجة في أوكرانيا.
وقال مسؤولون أوكرانيون إن "على نتنياهو أن يقدم بعض الإيماءات الجوهرية، بما فيها طلب كييف للحصول على قرض بقيمة 500 مليون دولار إضافة إلى نظام إنذار مبكر مدني".
وطلبت كييف مرارًا وتكرارًا من إسرائيل توفير بطاريات القبة الحديدية لإسقاط الصواريخ القادمة، لكن إسرائيل امتنعت عن توفير أسلحة دفاعية لأوكرانيا خوفًا من التداعيات الروسية.
وقال مسؤول أوكراني لصحيفة "هآرتس" الإسرائيلية في تقرير تابعته "العين الإخبارية": "تشمل هذه الطلبات مساعدات اقتصادية على شكل قرض بقيمة نصف مليار دولار، ولفتات دبلوماسية وإنسانية مثل الدعم في التصويت المقبل في الأمم المتحدة على مبادرة زيلينسكي للسلام التي تتضمن مطالبة بانسحاب روسي كامل من جميع الأراضي المحتلة من أوكرانيا منذ عام 2014، وأخيراً المساعدات العسكرية".
وأضافوا: "في أكتوبر/تشرين الأول، أرسلت وزارة الخارجية الأوكرانية إلى إسرائيل قائمة مفصلة بأنظمة الدفاع الجوي التي تسعى أوكرانيا لشرائها من إسرائيل، والتي تشمل أنظمة القبة الحديدية، ومقلاع داود وباتريوت وصواريخ السهم".
غير أن المسؤولين أشاروا إلى أن" نظام التحذير من التهديد الجوي الذي وعد وزير الدفاع السابق بيني غانتس بتقديمه لأوكرانيا قد تأخر في الوصول حتى الآن".
وفي غضون ذلك، أكد مسؤول إسرائيلي تحدث لصحيفة "هآرتس" أن اللقاء مع زيلينسكي لم يكن مشروطًا بتلبية طلبات أوكرانيا تجاه إسرائيل.
وقال "لم يعطونا إنذارا، الاجتماع مع زيلينسكي أكده الجانب الأوكراني قبل أيام قليلة من الزيارة".
وأضاف: "فيما يتعلق بتلبية مطالب الأوكرانيين، من المتوقع أن يضمن كوهين دعم مبادرة زيلينسكي في الأمم المتحدة، بما يتماشى مع دعم إسرائيل لأوكرانيا في معظم التصويتات في الأمم المتحدة منذ بداية الحرب، خلال الزيارة نفسها، ومن المتوقع أيضًا أن يؤكد علنًا دعم إسرائيل لوحدة أراضي أوكرانيا، لكنه سيفعل ذلك دون إدانة روسيا وأفعالها صراحة".
ولفت المسؤول إلى أن "القرض المخصص لإعادة تأهيل أوكرانيا مطروح على الطاولة بالنسبة لإسرائيل وكذلك استمرار المساعدات الإنسانية".
aXA6IDMuMTQ0LjIuNSA= جزيرة ام اند امز