خطط إسرائيل في لبنان.. شد «حبال الجو» والضغط بـ«عملية برية»
تشن إسرائيل هجمات عنيفة في لبنان، بهدف دفع حزب الله لـ"فصل نفسه" عن وقف إطلاق النار في غزة، ووقف عملياته، ملوحة بـ"العملية البرية".
هكذا يرى المحللون الإسرائيليون التصعيد الكبير لتل أبيب في لبنان خلال الأيام الماضية، إذ تكتفي إسرائيل حاليا بالهجمات الجوية التي تصفها بـ"الموجعة"، ونفذت صباح الثلاثاء موجتين من الهجمات بالتزامن مع إطلاق حزب الله أكثر من 100 صاروخ على شمالي إسرائيل.
ولكن المحللين العسكريين الإسرائيليين، يستبعدون أن يوافق الحزب على الاستسلام، ويتوقعون أن يهاجم بقوة الجبهة الداخلية في إسرائيل، ما سيؤدي إلى خسائر جسيمة.
إذ قال المحلل في صحيفة "يديعوت أحرونوت"، آفي إيسسخاروف في مقال تحليلي تابعته "العين الإخبارية"، "الآن، أمام إسرائيل خياران فقط: خلق معادلة جديدة من خلال وقف إطلاق النار في الجنوب، أو اللجوء إلى عملية برية في لبنان مع المخاطرة بالقتال المستمر مع تكاليف باهظة".
متابعا "الحقيقة المرة يجب أن تقال: حزب الله وزعيمه حسن نصرالله، حتى بعد سلسلة الضربات القاسية التي تعرض لها، لا يعتزمان رفع الراية البيضاء، بل على العكس، سيكون حزب الله مصمما الآن على إثبات أنه لا يزال واقفا على قدميه وقادرا على ضرب العدو الإسرائيلي حتى بعد إصابة الآلاف من عناصره واغتيال آخر رئيسي أركان له، إلى جانب الرتب العليا في قوة الرضوان".
وأضاف "حسن نصر الله ليس فقط مشبعا بالانتقام، ولكن الأهم من ذلك كله، يبحث عن طريقة لإنقاذ شرفه المفقود، وفي الشرق الأوسط، كما تعلمنا، الشرف له معنى. وبالتالي، فإن إطلاق النار على إسرائيل لن يتوقف. بل على العكس من ذلك، سيزداد حدة بالتأكيد بعد مقتل أكثر من 350 شخصا أمس في لبنان".
ولكنه عدّ أن "نصر الله الذي يفتخر بمعرفته الجيدة بإسرائيل، يلعب لعبة خطيرة وإشكالية، وهو يعرف ذلك أيضا"، مضيفا "لن يرغب الأمين العام لحزب الله في حرب شاملة الآن؛ حرب تهز كل لبنان بما في ذلك بيروت؛ حرب من شأنها أن تجعل إيران تفقد أهم أداة ردع ضد إسرائيل في مواجهة احتمال أن تهاجم الأخيرة منشآتها النووية".
عملية برية؟
إيسسخاروف ذكر: "وهو (نصر الله) يعلم أن النيران القاتلة للغاية يمكن أن تؤدي إلى عملية برية واسعة النطاق لا أحد يعرف كيف ستنتهي، ولا حتى الجانب الإسرائيلي".
ومضى موضحا "يود نصر الله أن يرى إسرائيل توقف إطلاق النار وتتوصل إلى اتفاق مع حماس، لكن إسرائيل قررت أن توضح لحزب الله أنها ستدفع ثمنا باهظا جدا، لربط مصير حزب الله بمصير يحيى السنوار".
في النهاية، يرى إيسسخاروف أن "الاستنتاج من التطورات الأخيرة العديدة هو أنه إذا لم نشهد مفاجآت كبيرة، فستضطر إسرائيل إلى العمل على الأرض في لبنان واحتلال مساحة كبيرة هناك".
ولكنه قال: "وحتى مثل هذا الإجراء لن يؤدي بالضرورة إلى وقف كامل لإطلاق النار، لكنه قد يدفع نصر الله إلى النظر في هذا الترتيب أو ذاك".
قبل أن يقول "سيكون للعملية البرية ثمن باهظ على الجانب الإسرائيلي، سواء بين القوات المقاتلة على الجبهة أو على الجبهة الداخلية، حيث سيحاول نصر الله مرة أخرى إثبات أنه يواصل إطلاق النار لأطول فترة ممكنة".
المحلل الإسرائيلي قال أيضا، "مثل هذه الحرب يمكن أن تورط إسرائيل في مستنقع لبناني لعدة أشهر دون التوصل إلى حل. ومع ذلك، لا يبدو أن لدى إسرائيل أي خيار آخر في الوقت الحالي. ربما باستثناء واحد. قد يفكر نصر الله الذي كان يسارع باستمرار إلى الادعاء بأنه كان يقاتل من أجل الفلسطينيين، في الانسحاب إلى ما بعد نهر الليطاني إذا توصلت إسرائيل إلى وقف إطلاق النار في الجنوب (غزة)".
هذا الوضع وفق إيسسخاروف، "سيرسم معادلة جديدة: تنازل نصر الله المزعوم يؤدي إلى وقف إطلاق النار في الجنوب أو إلى وقف النكبة في غزة.. ليس هناك يقين من أن هذه الصيغة ستنجح، لكنها قد تكون الملاذ الأخير قبل حرب برية طويلة وصعبة".
"استعداد طويل"
أما المحلل العسكري في صحيفة "معاريف" الإسرائيلية، آفي أشكنازي، فقد اعتبر في مقال تحليلي تابعته "العين الإخبارية"، أنه "بعد عام تقريبا من 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، بدأ اللون يعود إلى خدود إسرائيل".
متابعا "يظهر الجيش الإسرائيلي قوته مرة أخرى، لقد عاد سلاح الجو إلى كونه الأقوى في المنطقة وينجح كآلة جيدة في سحق حزب الله. أكثر من 1600 هجوم في 13 ساعة، بمعنى مائة هجوم في الساعة، وبعبارة أخرى، في كل أقل من دقيقة في المتوسط، يتم ضرب وتدمير أحد أصول حزب الله".
وأضاف: "لقد تجاوزت ضربات الأمس المتوسط اليومي لحرب لبنان الثانية عام 2006".
وكشف النقاب، أن "الجيش الإسرائيلي يستعد لهذه الحرب منذ فترة طويلة جدا: سنوات من جمع المعلومات الاستخباراتية، وتحديثها على أساس يومي، والتعرف على نشاط حزب الله في جميع أنظمته".
قبل أن يوضح "لقد تدرب سلاح الجو على جميع الأهداف والسيناريوهات، ولكن ليس فقط القوات الجوية، بل جميع وحدات المناورة، إذ أنشأ الجيش الإسرائيلي قدرات اختراق استخباراتية لحزب الله، لذلك، إذا اتخذت إسرائيل القرار، فقد يلتقي حسن نصر الله بأصدقائه المقربين الذين انفصلوا عنه مؤخرا"؛ في إشارة لاحتمالية اغتيال زعيم المليشيات اللبنانية.
وحول إمكانية الاجتياح البري، قال أشكنازي: "أما بالنسبة للمناورات البرية، فمن الصواب انتظار استنفاد ميزة الضربات الجوية وكذلك هجمات أسلحة المدفعية الدقيقة لجنود المدفعية".
واستدرك: "السؤال الكبير يتعلق بالجبهة الداخلية الإسرائيلية: من المعقول الافتراض أن حزب الله سينجح في إطلاق النار على مناطق مختلفة في الشمال وفي وسط البلاد وحتى في الجنوب".
وأضاف قائلا "إنها (الجبهة الداخلية)، بالمناسبة، مفتاح ما ستبدو عليه الحملة في المراحل التالية"، موضحا "صمود الجبهة الداخلية لا يقل أهمية عن القدرات الهجومية للجيش الإسرائيلي في الحرب".
"استهداف حيفا"
وبدوره، كتب المحلل العسكري في موقع "واللا" الإخباري أمير بوخبوط في تحليل تابعته "العين الإخبارية": "زعمت المؤسسة الأمنية أن حزب الله فوجئ على ما يبدو بقوة نيران ودقة ضربات الجيش الإسرائيلي، التي تمكنت من الكشف عن مدى مواقعه الأمامية ومواقع الإطلاق التي بناها على مدى عقدين".
وأوضح: "وفقا للتقديرات، فإن حزب الله يواجه صعوبة في بناء صورة عامة للوضع وتنفيذ أوامر المخططات بسبب قوة هجمات الجيش الإسرائيلي ودقتها".
غير أنه استدرك: "ومع ذلك، فإن الجناح العسكري لحزب الله أبعد ما يكون عن التفكك ويحافظ على انضباط عال جدا".
بوخبوط تابع "يمكن الافتراض أن نصر الله يجد صعوبة في فهم ما الذي يخطط له الجيش الإسرائيلي في الأيام المقبلة ومدى استعداده للمخاطرة، وبالتالي فهو ليس في عجلة من أمره لإطلاق الصواريخ على حيفا، على الرغم من أنه على ما يبدو في تخطيطه".
خطط إسرائيل
ونقل بوخبوط عن مصدر أمني إسرائيلي، قوله إن "وتيرة الهجمات سترتفع مع مرور الوقت، ونصر الله وحزب الله سيدفعان أثماناً باهظة أكثر مما رأينا".
وأضاف: "بحسب التقديرات في إسرائيل، يجري حزب الله مشاورات مع إيران حول استمرار القتال وطبيعته، لكن في هذه المرحلة لا يعترفون بوجود شرخ في استراتيجيته لربط مصيره بمواصلة القتال الذي يخوضه الجيش الإسرائيلي في قطاع غزة".
وتابع: "تعتقد مصادر في مؤسسة الدفاع أنه إلى أن يتم التوصل إلى اتفاق أو وقف لإطلاق النار مع حماس في غزة، فإن حزب الله، بموافقة إيران، لن يوقف إطلاق النار وسيواصل حرب الاستنزاف، على الرغم من حقيقة أن الجيش الإسرائيلي قد انتقل من الدفاع إلى الهجوم".
وأردف بوخبوط: "تواصل القيادة الشمالية تدريب وإعداد القوات النظامية والاحتياطية لمناورات برية واسعة النطاق في جنوب لبنان، بما في ذلك هذه الأيام، على الرغم من عمليات الإطلاق العديدة على الجبهة الداخلية الإسرائيلية".