تغيير الاستراتيجية.. لعبة إسرائيل «الخطرة» مع حزب الله
على مدار عام تقريبا كانت إسرائيل عالقة مع حزب الله في تصعيد متبادل على الحدود قبل أن تزداد حدته الأسبوع الماضي من جانب تل أبيب.
ووفقا لبعض التقارير فإن إسرائيل تسعى إلى "التصعيد من أجل خفض التصعيد" عن طريق إرهاب حزب الله وإجباره على التوصل إلى حل دبلوماسي.
لكن هذه الفرضية شديدة الخطورة وربما تكون خاطئة، وربما كانت مصممة لخداع الولايات المتحدة المحبطة من تصرفات تل أبيب وإقناعها بأن إسرائيل لا تزال ترغب في الحل الدبلوماسي، الذي بذلت واشنطن قدرا محرجا من الجهود من أجل التوصل إليه، وفقا لما ذكرته شبكة "سي إن إن" الإخبارية الأمريكية.
ومن المرجح أن تكون الحرب البرية الشاملة بين الجيش الإسرائيلي المنهك والمنقسم، وحزب الله الغاضب المتمرس داخل جنوب لبنان كارثية بالنسبة لتل أبيب وهذا هو بالضبط ما يجيده الحزب وينتظره وهو أيضا المعركة التي لا تحتاج إسرائيل خوضها الآن.
وأظهرت تفجيرات أجهزة الاتصال اللاسلكية الأسبوع الماضي الهوة التكنولوجية بين الجانبين، ففي حين يضطر حزب الله إلى استخدام أجهزة منخفضة التقنية للتهرب من برامج التجسس الإسرائيلية، استطاعت تل أبيب اختراق سلسلة توريد تلك الأجهزة وتفجيرها مما أدى إلى مقتل وتشوه عدد كبير من عناصر الحزب إضافة إلى عدد من الأطفال والمدنيين.
ووسط الذعر الذي تبع تفجيرات أجهزة الـ"بيجر" واللاسلكي الأسبوع الماضي، استهدفت ضربة إسرائيلية اجتماعا لعدد من قادة الحزب في الضاحية الجنوبية لبيروت مما أدى إلى مقتل أكثر من 12 شخصية بارزة إضافة إلى القيادي رفيع المستوى إبراهيم عقيل.
وفي الوقت الحالي تستغل إسرائيل بلا رحمة الفوضى الأولية لضرباتها على حزب الله، فمن المرجح الآن أن أعضاء الحزب لا يعرفون من بقي في صفوفهم للاتصال به أو كيف وسوف يتشتت الحزب وربما يفشل في التوصل إلى استجابة موحدة وربما يضيع القليل من الوقت في الاقتتال الداخلي وفي الوقت المناسب، قد تنهض الجماعة اللبنانية وتضرب بقسوة.
خفض التصعيد
السؤال الآن: أين يقع "خفض التصعيد" الذي تسعى إليه إسرائيل؟ وتفترض الإجابة أن يشعر حزب الله بأضرار بالغة، ويخشى بشدة وقوع المزيد من الضرر للمدنيين في لبنان، وبالتالي يوافق على الانسحاب إلى شمال نهر الليطاني، والخضوع لمطالب تل أبيب بطريقة تسمح بعودة النازحين للعودة إلى منازلهم في شمال إسرائيل.
ومع ذلك فإنه سيكون من الصعب على الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله أن يظهر ضعفا، ورغم أنه يستطيع الحديث عن الضرورة والصبر الاستراتيجي للإشارة إلى أن قبول طلبات إسرائيل هو الخيار الوحيد لإنقاذ لبنان وتأجيل القتال لوقت لاحق، إلا أن ذلك سيكون صعبا على زعيم الحزب.
ويبدو أن إسرائيل اخترقت اتصالات حزب الله بشكل كامل وبالتالي أصبح لديها الآن فهما أفضل للمداولات الداخلية للحزب، وربما قدرت تل أبيب أن نصر الله لابد أن يتراجع في النهاية، خاصة في ظل ضعف الحزب بعد استنزاف مقاتليه في سوريا.
وقد يكون العكس، فربما حسبت إسرائيل أن نصر الله أصبح الآن محاصرا، الأمر الذي قد يدفعه لشن هجوم صاروخي مستمر ضد المدن في الشمال وهو ما يمنح رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو مبررا غير مقنع لبدء حريق أكبر.
وبناءً على نقاط الضعف الملحوظة لحزب الله خلال الأيام الأخيرة، قد تشعر إسرائيل بالثقة في أنها تستطيع الاستمرار في ضربهم بقوة وأن الحزب لم يعد قادرا على الرد بشكل مؤثر حيث يتم اعتراض الصواريخ التي يطلقها.
والسؤال الآن هل يعتقد نصر الله أن هذه هي اللحظة المناسبة لإطلاق وابله الكبير؟ أم أن حلفائه في إيران يفضلون أن ينتظر وقتًا آخر؟.
والآن، تستطيع إسرائيل ضرب أهداف عديدة بقوة جوية متفوقة، دون أن تخشى أن يفرض حزب الله ثمناً باهظاً على مراكزها السكانية مع تجاهلها للأضرار التي تلحق بالمدنيين.
وفي ظل تركيزه على الحلول العسكرية فقط طوال العام الماضي، ربما يعتقد نتنياهو الآن أنه قادر على قصف حزب الله حتى يفقد أهميته وربما تتمكن إسرائيل من إلحاق قدر هائل من الضرر بالحزب إلى الحد الذي قد يؤدي إلى إحداث تغيير نوعي فيما يتعلق بما يمكن أن تفعله الجماعة اللبنانية ومع ذلك فالحروب لا تتوقف أبدا عند هذا الحد.
فحزب الله سيعيد بناء نفسه لأن قضيته تقوم على مكان وشعب محددين هما لبنان وشيعته بحسب تعبير "سي إن إن" التي أشارت إلى الدرس الذي تعلمه حلف شمال الأطلسي ببطء في أفغانستان وهو أن قتل عدد لا حصر له من القادة من المستوى المتوسط في غارات ليلية كل ساعة لا يترك سوى أبنائهم الغاضبين الذين يمكن التحدث إليهم عند الرغبة في التفاوض.
ورغم قدرة إسرائيل على إلحاق خسائر فادحة بحزب الله ورغم أنها لا تبالي عن الخسائر المدنية، إلا أن الطريق الذي تسلكه في المستقبل غير واضح والدرس المستفاد من المنطقة هو أن العنف يتكرر صداه في كثير من الأحيان بطرق غير متوقعة وربما أكثر وحشية في العقود المقبلة.