مكاسب بالجملة.. أسرار إنقاذ "القائمة العربية" ولادة حكومة إسرائيلية
كادت ولادة الحكومة الإسرائيلية أن تتعسر من جديد، لولا جراحة اللحظات الأخيرة، التي أسعفت المعارضة في خروج الجنين المنتظر.
ولادةٌ قيصرية لم تكن سهلة في ضوء الليالي والأيام الطويلة من المفاوضات التي خاضها زعيم المعارضة الإسرائيلية يائير لابيد مع الأحزاب الأخرى، في سبيل إقناعها بالانضمام لحكومته.
ورغم الخارطة السياسية المليئة بالتناقضات التي أفرزتها حكومة المعارضة، تبقى الكواليس والأسرار هي سيدة الموقف الذي أنهى 12 عاما من حكم رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، ما إن لم تحمل الأيام القادمة مفاجآت قد تغير من مسار الأحداث.
"العين الإخبارية" تعقبت تلك الكواليس عبر مقرب من رئيس القائمة العربية منصور عباس، الذي ساعد المعارضة الإسرائيلية في إسقاط حقبة نتنياهو.
فقد كشف المصدر الذي فضّل عدم ذكر اسمه، أن منصور عباس (الطبيب) فاوض الأطراف الرئيسية بحكومة التغيير الإسرائيلية على مدى أيام؛ ولكنه أبقى توقيعه على قائمة الأحزاب المؤيدة حتى النهاية.
وقال المصدر إن "منصور عباس يدرك بأنه مقبل على مجازفة كبيرة فيها فوائد، ولكن فيها مخاطر أيضا، وبطبيعة الحال لأنها المرة الأولى التي يدعم فيها حزب عربي حكومة إسرائيلية فإن الخطوة لن تكون شعبية جدا في أوساط المواطنين العرب".
ويشير المصدر إلى قراءة رئيس القائمة العربية للخارطة السياسية، قبل القرار غير المسبوق، بالقول إن عباس "أدرك أن حزب (هناك مستقبل) برئاسة يائير لابيد، وحزب (يمينا) برئاسة نفتالي بينيت، بحاجة إليه؛ فبدونه لن تتشكل حكومة، ولذلك فقد حاول الاستفادة من هذا الأمر، بعدد كبير من الإنجازات لصالح المواطنين العرب".
المكسب الأبرز
وحول أهم المكاسب من دعم أحزاب حكومة التغيير، أوضح المصدر المقرب من رئيس القائمة العربية، أن "الأمر الهام جدا فيما جرى، هو أن المفاوضات التي جرت مع الدكتور عباس هي أول اعتراف سياسي إسرائيلي بأن العرب طرف مهم في المعادلة السياسية الإسرائيلية، بعد أن تم الاكتفاء سابقا، بالحصول على أصواتهم، وهم على مقاعد الاحتياط فقط".
ووفق المقرب من عباس، فقد شارك في المفاوضات لابيد وبينيت وقادة آخرون، وحصلت القائمة العربية على عدد من المطالب التي طرحها لاحقا مجلس الشورى للحركة الإسلامية (الجناح الجنوبي)، وقد نالت الموافقة وهو ما فتح الطريق للتوقيع على تأييد تشكيل الحكومة.
وبعد أن أيقن أن جميع الأحزاب المشكلة للحكومة قد وقّعت على اتفاق الائتلاف، ذهب منصور عباس ليكون آخر الموقعين، حسب المصدر.
وفي إشارة إلى عدم الرضا الكامل عن المكاسب، اعتبر المصدر أن "ما حصل عليه منصور عباس لم يكن هو المثالي والأفضل ولكنه الممكن في ظل الوضع القائم".
بل إنه توقع عدم ترحيب في الأوساط العربية بخطوة القائمة الموحدة، قائلا: "ندرك أن أحزابا عربية ستوجه النقد وستخوّن القائمة، لكن ما هو مهم هو أنه تم تثبيت العرب على الخارطة السياسية الإسرائيلية، لأول مرة بالتاريخ".
اتفاق غير مسبوق
وبُعيد التوقع على الاتفاق، أصدرت القائمة العربية الموحدة بيانا قالت فيه: "قمنا الليلة بالتوقيع على دخول الائتلاف الحكومي برئاسة بينت- لابيد، بعد التوصل لاتفاق تاريخي مقابل مكاسب وإنجازات هي الأضخم والأوسع لصالح مجتمعنا العربي وحل قضاياه الحارقة، وميزانيات تتعدى الـ 53 مليار شيكل، وترسيخ مكانة الأحزاب العربية كلاعب مؤثر وشرعي في الساحة السياسية، وكذلك وضع الاتفاق آلية دائمة لاستكمال العديد من القضايا والنقاط العالقة خلال المرحلة القادمة".
وفيما يلي أبرز بنود الاتفاق كما وصلت "العين الإخبارية" من القائمة العربية الموحدة:
1- إقرار خطة اقتصادية خمسية للمجتمع العربي هي الأضخم حتى الآن بميزانية 30 مليار شيكل، تشمل كل مرافق الحياة.
2- إقرار خطة خمسية لمكافحة الجريمة والعنف في المجتمع العربي بميزانية 2.5 مليار شيكل.
3- إقرار خطة عشرية بميزانية 20 مليار شيكل للبنى التحتية في البلدات العربية.
4- إقرار ميزانية سنوية بـ 100 مليون شيكل كل سنة، لمدة 5 سنوات، لمشاريع للنهوض بالسلطات المحلية العربية.
5- حصول الموحدة على رئاسة لجنة الداخلية البرلمانية الهامة لسلطاتنا العربية، ورئاسة اللجنة لقضايا العرب، ومنصب نائب رئيس الكنيست.
6- كامنتس: خلال 120 يومًا ستعمل الحكومة على تعديل قانون كامنتس (لا زال يخضع للتفاهمات).
كما تقرر تمديد القرار بتجميد إجراءات الضبط القانوني وفرض الغرامات وهدم البيوت العربية المبنية بشكل غير قانوني، من شهر نوفمبر/تشرين الثاني 2020 حتى نهاية عام 2024.
وسيتم تقديم طلب من رئيس الحكومة القادم والرئيس البديل بخصوص الغرامات للمستشار القضائي للحكومة للبت بشأنها.
7- النقب: خلال 45 يومًا من تشكيل الحكومة: قرار حكومي بالاعتراف بالثلاث بلدات: عبدة، خشم زنة، ورخمة، وخلال 9 أشهر: إقرار خطة للمصادقة عليها حول تطوير وتسوية القرى غير المعترف بها.
خلال ذلك يتم التوجه لسلطات تنفيذ القانون لتجميد أوامر هدم البيوت التي بنيت حتى تاريخ 1/1/2021.
كما تقرر إعداد خطة اقتصادية اجتماعية للنهوض اقتصاديًا وصناعيًا بالبلدات البدوية في النقب، إضافة لخطة تطوير زراعي تشمل موارد للرعي وللمياه، على أن يتم متابعة كافة القضايا العالقة بآلية محددة خلال المرحلة القادمة.
8- اتُفق كذلك على زيادة عدد وحدات السكن المسوّقة في المجتمع العربي لـ 10000 وحدة في السنة.
9- تجديد عمل اللجنة القِطرية للتنظيم والبناء التي تمنح أفضلية لمناطق معينة وتوسيع عملها ليشمل المناطق الصناعية.
10- إقرار خطة حكومية جديدة لتمثيل لائق للعرب في الوظائف الرسمية والشركات العمومية، بما يناسب نسبة العرب في إسرائيل.
11- إقامة لجنة وزارية لقضايا المجتمع العربي، وتشكيل طاقم ثلاثي مكون من رئيس الحكومة ورئيس الحكومة البديل، ورئيس الموحدة لمتابعة قضايا المجتمع العربي، وتسريع إيجاد الحلول لها مباشرة من مكتب رئيس الحكومة.
ويشمل الاتفاق – حسب البيان- عدة بنود تتعلق بقضايا التخطيط والبناء في المجتمع العربي من شأنها تسريع عملية توسيع مسطحات البلدات العربية وتسريع التخطيط، وإيجاد حلول لمشاكل البناء في المجتمع العربي، ورصد الميزانيات لها، إضافة لبنود حول قضايا أخرى متنوعة.
وأكدت القائمة الموحدة في بيانها أن الاتفاقية تسمح باستمرار العمل حول قضايا أخرى في الأيام والفترة القريبة لإتمام البت بشأنها في الائتلاف الحكومي.
وكان اتفاق وُقع في وقت متأخر من مساء الأربعاء، مع القائمة العربية الموحدة، منح لابيد وأحزاب المعارضة الإسرائيلية فرصة تشكيل حكومة تنهي احتكار رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو للسلطة منذ العام 2009.