"العين الإخبارية" تستعرض القصة الكاملة للتطبيع بين إسرائيل وتركيا
في ديسمبر/كانون الأول 2021، قام مدير عام وزارة الخارجية الإسرائيلية ألون أوشبيتس بزيارة غير معلنة لأنقرة، مثّلت انطلاق مسيرة عودة العلاقات الكاملة بين البلدين.
زيارة جاءت بعد اتصالات هاتفية أجراها الرئيس الإسرائيلي إسحاق هرتسوغ مع نظيره التركي رجب طيب أردوغان، لتأمين الإفراج عن الزوجين الإسرائيليين موردي وناتالي أوكانين، اللذين اعتقلتهما السلطات التركية بتهمة التجسس.
وفي شهر نوفمبر/تشرين الثاني 2021، جرت اتصالات هرتسوغ-أردوغان والتي على إثرها تم الإفراج عن الزوجين الإسرائيليين في الـ 18 من الشهر نفسه.
ولكن هذا لم يكن الاتصال الهاتفي الأول بين هرتسوغ وأردوغان، ففي يونيو/حزيران 2021، هنأ الرئيس التركي نظيره الإسرائيلي في مكالمة استمرت 40 دقيقة، بمناسبة تولي الأخير منصبه.
وبعد إطلاق سراح الزوجين ووصولهما إلى إسرائيل في 18 نوفمبر/تشرين الثاني، أجرى هرتسوغ وأردوغان محادثة هاتفية أخرى، وللمرة الأولى، تحدث رئيس الوزراء الإسرائيلي آنذاك نفتالي بينيت والرئيس التركي عبر الهاتف لمدة 15 دقيقة.
وشكر القادة الإسرائيليون في بيان علني الرئيس التركي على المساهمة في الإفراج عن الزوجين.
الفرصة وكسر العزلة
وبحسب مراقبين، مثّلت الاتصالات ما بين هرتسوغ وأردوغان فرصة لكلا الطرفين من أجل عودة العلاقات بعد أن كانا يسعيان إليها فعلا.
في حينه، قال الباحثان الإسرائيليان في معهد دراسات الأمن القومي، ريمي دانيال وجاليا ليندينستراوس، في دراسة تلقت "العين الإخبارية" نسخة منها: "من المفارقات أن اعتقال زوجين إسرائيليين يقضيان إجازة في تركيا والإفراج عنهما بعد تسعة أيام يمثل فرصة جديدة في العلاقات بين إسرائيل وتركيا".
وأضافا: "أثناء الحادث وبعده، جرت محادثات بين قادة إسرائيليين وأتراك بطريقة غير مسبوقة في السنوات الأخيرة. خلال عام 2020، حاولت تركيا كسر عزلتها الإقليمية، وإسرائيل هي إحدى الدول التي تميزها أنقرة كهدف لتحسين العلاقات، فعلى الرغم من ازدهار التجارة بين البلدين، إلا أن هناك العديد من العقبات التي تحول دون حدوث تحسن كبير في العلاقات".
ومن أجل ضمان إطلاق سراح الزوجين، يقول الباحثان: "عملت إسرائيل على عدد من المستويات، بين الموساد ونظيره التركي، ومن خلال وزارة الخارجية وممثلي إسرائيل الدبلوماسيين في تركيا مع مسؤولين على صلة وثيقة بأردوغان".
وأشارا إلى أن "الطريق الآخر كان هو التواصل بين الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ونظيره الإسرائيلي إسحاق هرتسوغ الذي تنظر له أنقرة على أنه شخص يمكن أن تتعاون معه، وقد طور علاقات شخصية جيدة مع دائرة القيادة التركية".
إذابة الجليد
كانت إسرائيل وتركيا تسعيان من أجل إذابة الجليد الذي غطى العلاقات منذ عام 2018، حينما عاد السفيران من تل أبيب وأنقرة.
وبالفعل، في أواخر ديسمبر/كانون الأول 2020، قال أردوغان إنه مهتم بتحسين العلاقات مع تل أبيب، لكنه أشار إلى أن لدى تركيا مشكلة مع أولئك الموجودين على أعلى مستوى في إسرائيل.
كانت التقارير في حينها تشير إلى أن أنقرة على استعداد لإعادة سفيرها إلى تل أبيب ولكنها تتحين الفرصة المناسبة.
وفي 2021 أرسلت تركيا ملحقا ثقافيا إلى إسرائيل لأول مرة منذ سنوات.
وعلى الرغم من التصريحات المعادية المتبادلة فإن التجارة بين البلدين كانت تزداد وكذلك أعداد الطائرات التركية المغادرة والعائدة إلى تل أبيب.
خلال زيارته الى أنقرة في ديسمبر/كانون الأول 2021، سعى مدير عام وزارة الخارجية الإسرائيلية ألون أوشبيتس، لوضع الأسس لإعادة العلاقات الكاملة على أن تكون زيارة الرئيس الإسرائيلي إسحاق هرتسوع خطوة على الطريق.
وعلى إثر ذلك وفي شهر فبراير/شباط 2022، وصل إلى إسرائيل وللمرة الأولى منذ سنوات وفد تركي رفيع المستوى ضم مساعد الرئيس التركي والناطق باسمه إبراهيم كالن ونائب وزير الخارجية سادات أونال.
والتقى الوفد التركي في مقر وزارة الخارجية الإسرائيلية مع مدير عام الوزارة ألون أوشبيتس، ثم توجه إلى مقر رؤساء إسرائيل لبحث ترتيبات زيارة هرتسوغ إلى أنقرة.
وفي أول زيارة لرئيس إسرائيلي منذ عام 2007، وصل هرتسوغ إلى أنقرة في شهر مارس/أذار 2022، حيث التقى نظيره التركي أردوغان في القصر الجمهوري.
ولأن صلاحيات الرئيس الإسرائيلي لا تشمل العلاقات الخارجية، فقد كانت الزيارة بمثابة تسليم للملف من الرئاسة إلى وزارة الخارجية.
ووصل وزير الخارجية التركي مولود تشاووش أوغلو إلى تل أبيب، في مايو/أيار 2022، حيث التقى نظيره الإسرائيلي يائير لابيد.
وأعلنا في ختام اجتماعهما عن 3 خطوات أساسية وهي: إعادة تبادل السفراء، وتوقيع اتفاق طيران يُمكن الشركات الإسرائيلية من تسيير رحلات إلى تركيا، وتجديد عمل اللجنة الاقتصادية المشتركة بين البلدين.
وفي الشهر التالي، يونيو/حزيران، وصل لابيد إلى تركيا ليرد زيارة نظيره التركي، حيث تم الإعلان عن خطوات لتوثيق العلاقات بين البلدين.
تعاون أمني
وتخلل ذلك الكشف عن مخططات إيرانية لاستهداف سياح إسرائيليين في تركيا.
وعلى مدى أكثر من أسبوعين كثفت أجهزة الأمن الإسرائيلية والتركية تعاونها في تركيا لإحباط الهجمات الإيرانية المخططة.
وقال رئيس الوزراء الإسرائيلي آنذاك نفتالي بينيت: "أتوجه بالشكر إلى أجهزتنا الأمنية وأجهزة الأمن التركية التي قامت على مدار الأشهر الأخيرة، وبشكل خاص خلال الأسابيع الأخيرة، بعمليات لإحباط المحاولات لاستهداف مواطنين إسرائيليين في تركيا".
وأضاف "أتوجه بالشكر الخاص للرئيس التركي أردوغان ولرجاله عل تعاونهم في إحباط استهداف إسرائيليين في تركيا".
أردوغان يبادر لتهنئة لابيد
وفور تسلم لابيد لمهامه كرئيس للوزراء في إسرائيل، في يوليو/تموز الماضي، بادر أردوغان للاتصال به لتهنئته على توليه المنصب.
وفي حينه، قال مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي: "شدد الزعيمان خلال المكالمة على أن العلاقات الإسرائيلية-التركية ذات أهمية بالغة للغاية بالنسبة للأمن والاستقرار والاقتصاد في الشرق الأوسط".
ومع اقتراب الانتخابات الإسرائيلية في الأول من نوفمبر/تشرين الثاني المقبل، فقد تم الإعلان، أمس الأربعاء، عن قرار التطبيع الكامل للعلاقات وتبادل السفراء.
وقال مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي في بيان تلقت "العين الإخبارية" نسخة منه "لاحقا للاتفاقات التي تحققت أثناء زيارة رئيس الوزراء يائير لابيد إلى أنقرة ولقائه مع وزير الخارجية التركي مولود تشاووش أوغلو، ولاحقا للاتصال الهاتفي الذي جرى بين رئيس الوزراء والرئيس التركي أردوغان وعلى ضوء التطورات الإيجابية التي وقعت في العلاقات بين البلدين على مدار العام الأخير، قرر البلدان العودة إلى تمثيل دبلوماسي كامل".
وأعقب هذا الإعلان اتصال هاتفي جديد بين لابيد وأردوغان، مساء الأربعاء.
واتفق لابيد وأردوغان، حسب البيان "على أن التطور الأخير يشكل لبنة أخرى بالغة الأهمية في توطيد العلاقات، ستؤدي كذلك إلى تحقيق إنجازات عديدة، مع التركيز على مجالي الاقتصاد والسياحة".
aXA6IDE4LjIxNi40Mi4xMjIg جزيرة ام اند امز