إسرائيل تغير قواعد هجماتها في سوريا بعد قرار الانسحاب الأمريكي
يرى محللون إسرائيليون أن إسرائيل أرادت توجيه رسالة بعزمها على مواصلة منع التموضع العسكري الإيراني في سوريا رغم قرار أمريكا بالانسحاب
يرى محللون إسرائيليون أن تل أبيب أرادت بهجماتها الأخيرة على أهداف إيرانية في دمشق توجيه رسالة واضحة بأنها عاقدة العزم على مواصلة منع طهران من تحقيق أي تموضع عسكري على حدودها الشمالية، رغم قرار الولايات المتحدة الأمريكية بسحب قواتها من سوريا.
هاجمت إسرائيل، قبل يومين، وبعد إبلاغ روسيا مسبقا، أهدافا في سوريا، لمنع هبوط طائرة إيرانية تحمل ضباطا من الحرس الثوري في مطار دمشق الدولي.
الدفاعات الجوية السورية تتصدى لهجوم إسرائيلي على المنطقة الجنوبية
بالصور.. 3 قتلى من الجيش السوري بغارات إسرائيلية على القنيطرة
ولكن إيران ردت بعد عدة ساعات بإطلاق صاروخ أرض-أرض باتجاه مرتفعات الجولان الحدودية، حيث قامت منظومة "القبة الحديدية" الإسرائيلية باعتراضه.
وفي الساعات الأولى من فجر الإثنين هاجمت إسرائيل عدة أهداف تابعة لفيلق القدس في سوريا .
وخلافا للعادة، فإن إسرائيل لم تصمت على هذه الهجمات، بل أعلنت مسؤوليتها عنها في بيانات رسمية صدرت عن رئيس الوزراء الإسرائيلي ووزير الدفاع بنيامين نتنياهو، وعن الجيش الإسرائيلي أيضا.
كما أنه خلافا للعادة، فإن إسرائيل هاجمت أهدافا إيرانية في ساعات النهار بعد أن كانت هجماتها تقتصر على ساعات الليل.
والملاحظ أن إسرائيل أبلغت روسيا مسبقا بالأهداف التي تنوي قصفها في سوريا، بحسب قناة التلفزة الإسرائيلية 11.
ونقلت القناة عن مصدر عسكري إسرائيلي كبير قوله: إن "القوات الإيرانية في سوريا أخلت مواقعها قبل الهجوم"، وأضاف أن "هذه الخطوة تظهر خشية الإيرانيين من رد جيش الدفاع على إطلاق الصاروخ أرض أرض من دمشق باتجاه شمال هضبة الجولان".
وكتب إنشيل بفيفر في صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية: "أن التصعيد في الصراع بين إسرائيل وإيران في سماء سوريا خلال الـ24 ساعة الماضية جلب حربهم السرية في العامين الماضيين إلى العلن".
فيما رأى المحلل العسكري في صحيفة "يديعوت أحرونوت" رون بن إيشاي: "أن أحداث عصر الأحد وصباح الاثنين تشكل نقطة تحول في الساحة السورية الإسرائيلية، لم تكن كل واحدة من هذه الحوادث بحد ذاتها غير مألوفة، ولكن حدوثها في تسلسل، واحد تلو الآخر، يمكن أن يشير إلى حقبة جديدة في الحرب التي تشنها إسرائيل حاليًا ضد النظام الإيراني في سوريا وضد نقل أسلحة ذات جودة عالية من إيران إلى حزب الله في لبنان، جميع الأطراف المعنية ترسل إشارات عنيفة إلى بعضها بعضا بشأن مواقفهم وعزمهم على مواصلة هذه الحملة".
وأضاف أنه "لدى إسرائيل مصلحة راسخة في مواصلة الحملة ضد التموضع الإيراني في سوريا، لكنها في الوقت نفسه لديها مصلحة راسخة في العودة إلى الغموض"، وهو حالة اعتبر أنها منحت السوريين والإيرانيين غطاء الإنكار المعقول، مما سهل عليهم عدم الرد على الهجمات المنسوبة لإسرائيل.
وسبق لإسرائيل أن قالت إن انسحاب القوات الأمريكية من سوريا لن يوقف عملها العسكري ضد التواجد الإيراني على حدودها.
وجاءت أحداث الأسابيع القليلة الماضية متوافقة مع هذا التعهد، وإن كان بشكل علني.
وقال نتنياهو: "إن سلاح الجو قد سحق بالأمس بقوة الأهداف الإيرانية في سوريا، وذلك بعدما أطلقت إيران من هناك صاروخًا باتجاه أراضينا، إننا لا نتسامح مع هذه التصرفات العدوانية أمثال المحاولات الإيرانية التموضع عسكريًا في سوريا، ومع التصريحات الواضحة الصادرة عن إيران بشأن تصميمها على تدمير إسرائيل، كما قاله للتو قائد سلاح الجو الإيراني".
وأضاف نتنياهو: "إننا نعمل ضد إيران وضد القوات السورية التي تساند العدوان الإيراني على حد سواء، فكل من يحاول المساس بنا نضربه، وكل من يهدد بتدميرنا سيتحمل كامل المسؤولية عن ذلك".
الموقف الروسي
يقول بن إيشاي: إن "من مصلحة إسرائيل عدم إثارة الروس، وبالتالي الحفاظ على حرية حركة سلاح الجو الإسرائيلي في الأجواء فوق سوريا، من الواضح أن إسرائيل تركز الآن بقوة على مركز سوريا، وهو أمر من الممكن أن نستخلصه من جزء من التفاهمات الإسرائيلية مع الروس. في الواقع، تركز إسرائيل الآن على الأهداف الإيرانية بالقرب من دمشق، موضحة للروس أنها لن تقبل خرقًا للتفاهمات من جانبهم".
وأوضح في هذا الصدد أنه "وعد الروس إسرائيل بإبقاء الإيرانيين على مسافة 80 كيلومتراً من الحدود الإسرائيلية في هضبة الجولان، شرقاً وغرباً في الأراضي السورية، لكن من الناحية العملية، يتواجد الإيرانيون في مطار دمشق الدولي وفي منطقة الكسوة، على بعد 40 كيلومترًا فقط من الحدود، لديهم مرافق تخزين للصواريخ والأسلحة الأخرى هناك، وكذلك المنشآت الاستخباراتية التي هاجمتها إسرائيل للتو ".
وأشار بن إيشاي إلى أن إسرائيل بهجماتها فجر الإثنين "أرسلت إشارة ليس فقط إلى الإيرانيين ولكن أيضا للروس الذين يجب عليهم الالتزام بكلمتهم".
ولكن في إشارة إلى حادث إسقاط طائرة روسية في سبتمبر/ أيلول الماضي في سوريا، قال الكاتب في صحيفة "إسرائيل هيوم" يؤاف ليمور: "استغرق الأمر عدة أشهر لتهدئة موسكو بعد الحادث الذي وقع في سبتمبر الماضي، والآن لدى إسرائيل وروسيا آلية أكثر شمولاً لمنع التصعيد، يجب على إسرائيل أن تتأكد من أن الترتيبات مع روسيا تظل قوية، لأنها ذات أهمية قصوى".
ومن جهتها، قالت صحيفة "جروزاليم بوست" الإسرائيلية في افتتاحيتها اليوم إن "مفتاح منع المزيد من التصعيد هو الإلحاح على الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بحاجته إلى الالتزام بالوعود التي تمنع تواجد إيران على حدود إسرائيل، وأن توقف وصول إمدادات الأسلحة إلى المنظمات الإرهابية".
ولكن هل ثمة إمكانية لحرب؟
يرى بن إيشاي أن طبيعة الهجوم الإسرائيلي في الساعات الماضية يشي بأنها لا تريد الانجرار إلى حرب مع إيران في سوريا.
وقال إنه "على النقيض مما حدث في منتصف مايو/ آيار حينما هاجمت إسرائيل عشرات الأهداف الإيرانية، ضربت إسرائيل صباح الإثنين ثلاثة أو أربعة أهداف إيرانية، وليس العشرات، هنا أيضاً الرسالة واضحة: إسرائيل تقول للإيرانيين إنها تريد إيقاف ترسيخ فيلق القدس في سوريا، لكنها ليست مهتمة بحرب مع إيران على الأراضي السورية".
غير أن الكاتب في صحيفة "إسرائيل هيوم" ليمور أشار إلى أن "الساعات الأربع والعشرين الماضية تبين أن إسرائيل وإيران على شفا مواجهة عسكرية مباشرة".
وأضاف ليمور "على الرغم من أنه من غير المرجح خروج التصعيد الأخير عن نطاق السيطرة، فإن الجيش الإسرائيلي لن يجازف، وعلى الأرجح سيبقى في حالة تأهب قصوى في المستقبل القريب للتحضير لأي رد إيراني، والذي يمكن أن يأتي أيضًا من وكلاء إيران، بما في ذلك حزب الله".
ومع ذلك، فقد قالت صحيفة "هآرتس" في افتتاحيتها الثلاثاء إن "المناوشات في سوريا تشير إلى احتمال الانزلاق إلى حملة عسكرية أوسع، مما يهدد الطرفين"، في إشارة إلى إسرائيل وإيران.