«هجمات السكاكين».. شبح يطارد الإسرائيليين
بالنسبة للأمن الإسرائيلي فإن الهجمات الفلسطينية الأكثر خطورة، هي الهجمات الفردية التي تخترق جميع القيود الأمنية.
وترجع خطورة تلك الهجمات إلى أن المهاجمين الفرديين عادة ما يتحركون من تلقاء أنفسهم ولا ينتمون لتنظيمات ولا أحد يعرف شيئا عن تحركاتهم، حتى أقرب الناس لهم.
وعادة ما تكون الهجمات الفردية مدفوعة بحالة من الغضب الشديد على مشاهدات معينة مثل هجوم إسرائيلي على نساء أو أطفال أو مواقع دينية أو رموز وطنية.
ولا يمكن كشف أهداف المهاجمين إلا بعد تنفيذ هجماتهم التي عادة ما تكون عمليات دهس وطعن، وفي أحيان قليلة تكون بإطلاق نار باستخدام أسلحة محلية الصنع متوفرة بالضفة الغربية لمن يريدها.
وتعتمد إسرائيل في صد الهجمات الفلسطينية على تلقيها معلومات استخبارية أو من خلال الرصد للنشطاء والتحقيقات مع نشطاء في السجون، وهو ما يخرج المهاجمين الأفراد من رادار الأمن الإسرائيلي.
والمهاجمون الفرديون هم في غالبيتهم العظمى من الشبان غير المتزوجين وليس لهم ملفات أمنية لدى إسرائيل أو غيرها من أجهزة الأمن وهو ما يجعل من رصدهم مهمة صعبة للغاية، إن لم تكن مستحيلة.
وتحاول إسرائيل رصد توجهات الشبان الفلسطينيين من خلال "الوحدة 8200" الاستخبارية التي ترصد حسابات التواصل الاجتماعي للشباب الفلسطينيين، في محاولة لتحديد توجهاتهم ورصد أي رسائل غير مألوفة مثل رسالة وداع أو وصية.
ولا يتركز المهاجمون الفرديون في منطقة جغرافية واحدة وإنما قد يأتون من جنوبي الضفة الغربية أو وسطها أو شمالها، ولكن ما يجمعهم هو إدراكهم بأن فعلهم سيؤدي لا محالة الى قتلهم.
وبرزت الهجمات الفردية بشكل خاص في العام 2015 عندما ازدادت الانتهاكات الإسرائيلية بالمسجد الأقصى وكثرت مقاطع الفيديو لاعتداءات أفراد شرطة على فلسطينيات.
وقال الباحث الإسرائيلي ميخائيل ميليشتاين من معهد السياسة والاستراتيجية التابع لجامعة رايخمان الإسرائيلية إن نموذج "الذئب المنفرد" ظهر وبلغ ذروته خلال "انتفاضة السكاكين" بين أكتوبر/تشرين الأول 2015 ومارس/آذار 2016.
وأشار في دراسة اطلعت عليها "العين الإخبارية" إلى أن المنفذين: "يتصرفون بشكل مستقل، إما بمفردهم أو في مجموعات صغيرة، وليس كجزء من منظمة قائمة".
وقال: "عادة ما يتم اتخاذ القرارات بتنفيذ هجوم بشكل عفوي ويتأثرون إلى حد كبير بوسائل التواصل الاجتماعي أو مستوحى من الهجمات السابقة.
واعتبر أن التعامل مع مثل هذا النوع من الهجمات "معقد للغاية، لأن التهديد لا يحتوي على "معلومات اتصال" محددة أو إطار تنظيمي واضح، وغالبًا ما يتجلى في أوقات وأماكن غير متوقعة".
ولفت الى أن معظم الهجمات التي وقعت في عامي 2015 و2016 نفذها شباب في العشرينيات من العمر، وكان معظمهم عزاب، واستخدموا أسلحة بيضاء "السكاكين" في المقام الأول.
أما جوناثان ريغيف، المحلل في القناة الإخبارية "إسرائيل 24" فكتب في نوفمبر/تشرين ثاني 2022 قائلا "تعتبر هجمات الذئاب المنفردة أقل خطورة من تلك التي تنفذها منظمة وراءها، فعادة ما يضرب الذئب المنفرد بما يوصف بأنه سلاح بارد ولا يملك أي خطة أخرى بمجرد أن يضرب".
واستشهد بإحدى العمليات قائلا: "لا يحتاج المهاجم إلى الكثير للقيام بذلك.. يلتقط سكينًا من المطبخ أو السيارة التي يقودها وهو مستعد للانطلاق.. الآن الأمر يتعلق فقط بإيجاد هدفه".
وأوضح أن المؤسسة الأمنية الإسرائيلية "لا تستطيع أن تتسلل إلى عقل شاب يستيقظ في الصباح ويقرر قتل أول إسرائيلي يراه. وفي هذه المرحلة، يعتمد نجاحها أو فشلها على مدى سرعة مواجهتها على مسرح الأحداث".
وأضاف "ما دام هناك احتكاك بين الشعبين، فإن تلك الهجمات سوف تستمر، وكما رأينا، فإن السكاكين والسيارات قد تكون قاتلة مثل البنادق والمتفجرات".
وفي آخر هجوم منفرد صباح اليوم الأحد قتل إسرائيليان وأصيب 3 آخرون، بينهم 2 في حالة حرجة، بعد أن هاجمهم شاب من مدينة سلفيت بشمالي الضفة الغربية بسكين في مدينة حولون، جنوب تل أبيب.
وتمت العملية في ذروة رفع إسرائيل حالة التأهب الأمني، تحسبا للرد على اغتيال إسماعيل هنية رئيس المكتب السياسي لحركة حماس الفلسطينية وفؤاد شكر القيادي البارز في حزب الله.