قد يكون التساؤل الآتي قُتل طرحا في وسائل الإعلام، وهو: متى وكيف يمكن الحديث عن وصول العالم إلى مرحلة إيقاف دائرة العنف المستمرة بين الإسرائيليين والفلسطينيين؟
سؤال يفرض نفسه كلما نشبت مواجهات أو وقعت أعمال عنف بين الجانبين، بغض النظر عن سبب اندلاع العنف أو طبيعة الشرارة، التي تشعل الموقف، فما يحدث هو تكرار متشابه للتسلسل نفسه من الطرفين، مع اختلافات بسيطة في التفاصيل وحجم الخسائر ونطاق الدمار هنا وهناك، خصوصا في أرواح وممتلكات مدنيين أبرياء.
في الأزمة الأخيرة، ظهرت مؤشرات الحلقة الجديدة من العنف والعنف المضاد مع تشكيل الحكومة الإسرائيلية الجديدة بقيادة نتنياهو، والتي مالت إلى اليمين المتطرف.. وبسبب تصاعد الاتجاه في المجتمع الإسرائيلي نحو التطرف، القومي والديني تصويتيا، مع ندرة فارق الأصوات، التي حصل عليها نتنياهو في الانتخابات الأخيرة، ما دفعه لاختيار التحالف مع اليمين الأكثر تطرفًا ليتمكن من تشكيل حكومته.
وبالتالي من الطبيعي بعد ذلك أن يعمل نتنياهو على استرضاء القوى المجتمعية والتيارات السياسية الشريكة في الحكومة.. وأن يبني منهاجه أو برنامجه الحكومي من منطلق المزايدة على الأحزاب اليسارية والمعتدلة لكسب أصوات "المتطرفين".
وفي حين تبحث الدول المعنية بالقضية الفلسطينية وبالأمن والاستقرار الإقليمي عن حلول سياسية وصيغ للتفاهم وإحلال السلام في المنطقة، ومنها دولة الإمارات التي بذلت جهودا فعالة في هذا الإطار، نجد الفلسطينيين والإسرائيليين ينساقون إلى دائرة العنف، وبدلا من الاستماع إلى صوت العقل نقرأ خبرا عن قتل جندي إسرائيلي لشاب فلسطيني، ليأتي رد الفعل الفلسطيني على يد شاب قام بعملية القدس، فيما هو لا ينتمي إلى جماعة أو فصيل فلسطيني مسلح.. وبدلا من احتواء الموقف وترشيد التصرفات، تم استثارة روح الانتقام، وبدا ذلك بجلاء في مدينة جنين الفلسطينية مؤخرا.
ما يصدر عن الجانبين ينسف أي قدرة على ترتيب حوار وتفاوض وتمهيد الأرض للسلام، فالوضع بين الفلسطينيين لا يختلف كثيرا عنه في الداخل الإسرائيلي، بل يزيده الانقسام الفلسطيني سوءا، ما يضر بصالح القضية الفلسطينية، ليستمر مسلسل العنف والعنف المضاد حاكما للعلاقة بين الجانبين، صواريخ واعتقالات وغارات واجتياحات.. دائرة لا تبدو أنها ستنغلق، بل ربما تقود إلى حرب شاملة تضر بمصالح الجانبين الإسرائيلي والفلسطيني.
هذه هي دائرة العنف المتكررة على مدار العقود الماضية، والتي لا مفر من إنهائها ووقف دورانها، لأن المنطقة تحتاج إلى التهدئة والاستقرار.. فجهود التنمية وخطط تحسين أحوال الشعوب ستظل دائما غير قابلة للتطبيق العملي والمستدام ما دامت سياسات التعاون والتعايش الإقليمي بين دول المنطقة عُرضة للانهيار والعودة إلى المربع صفر بفعل الممارسات غير الحكيمة والسياسات قصيرة النظر.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة