كل أنحاء العالم العربي يقف بدوله ومواطنيه مشدوها بما أنجزته الإمارات وما صارت إليه رغم سنوات عمرها القصير.
لا تحتفل دولة بعيدها الوطني كما تحتفل الإمارات، ولا يحتفي شعب بذكرى تأسيس دولته كما يحتفي الإماراتيون، ولا يتفاعل حكام دولة مع شعبها في هذه المناسبة كما يحدث في دار زايد، ولا يتردد صدى مناسبة وطنية خارج حدود دولتها كما يتردد صدى هذه المناسبة الإماراتية في كل أنحاء العالم العربي، الذي يقف بدوله ومواطنيه مشدوها بما أنجزته الإمارات وما صارت إليه رغم سنوات عمرها القصير.
مهما اجتهد المؤرخون فلن يجدوا في تاريخ الدول واقعة واحدة تشير إلى أن حاكما اتصل هاتفيا بكافة مواطنيه لتهنئتهم بمناسبة وطنية كما فعل نائب رئيس دولة الإمارات ورئيس مجلس وزرائها وحاكم دبي الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، عندما هنأ شعب الإمارات داخل الدولة وخارجها بعيدهم الوطني.
لم تأت من فراغ مظاهر الفرحة العارمة التي تواكب اليوم الوطني الإماراتي، والتي تعتري شعب الإمارات والمقيمين على أرضها والمستشعرين خيرها وفضلها خارج حدودها، فرحة لها من الدلالات ما لا يمكن لعين أن تخطئها، فهناك ما يستحق الاحتفال والاحتفاء، وهناك ما يستدعي الفرح في هذه المناسبة، وهناك ما يستوجب استحضار كل مواطن إماراتي مشاعر الفخر الوطني وقيم الولاء والانتماء وحب الوطن في هذا اليوم، فهذه القيم لا تأت مصادفة ولا تنبع من فراغ ولا تكتسب بين عشية وضحاها، وإنما هي عملية طويلة ومتشابكة تبنيها وتعززها سياسات الدولة تجاه مواطنيها، وتتناسب طرديا مع حجم منجزات الدولة ومدى رعايتها مواطنيها، ومدى التلاحم بين حكامها ومحكوميها، ومدى ما وصلت إليه الدولة من مكانة في محيطها الإقليمي وما تقوم به من دور في المحافل الدولية، ومقدار ما تسهم به في العمل الإنساني وقدر ما تحظى به من تقدير دوليا.
وبهذه المعايير فإن الإمارات محقة في احتفالها، ومواطنيها لديهم كل الحق في إطلاق العنان لاحتفالهم بعيدهم الوطني، فالاحتفال هنا ليس مجرد إحياء لذكرى هذا اليوم العظيم الذي شهد تأسيس اتحادهم، ولكنها فرصة للتعبير عما يشعرون به من فخر واعتزاز بما وصلت إليهم دولتهم من مكان ومكانة من الصعب أن ينافسها فيها أحد، وبما حققه وطنهم من مكاسب يشير إلها القاصي قبل الداني والعدو قبل الصديق.
فالإمارات أحدث الدول العربية نشأة لكنها أكثرها إنجازا وتقدما، واستطاعت بعد 47 عاما فقط، وهو رقم ضئيل بمقياس عمر الدول، أن تتبوأ مكانة يغبطها عليها أصدقاؤها ويحسدها عليها من فشلت مؤامراتهم في إيقاف تقدمها ووأد تجربتها والتشويش على إنجازاتها، مكانة لا يضاهيها فيها أحد عربيا ولا شرق أوسطيا، مكانة تستند بقوة على منجزات ملموسة حققتها الإمارات على المستويات كافة محليا وإقليما ودوليا، بفضل حكمة قيادتها ورؤيتها الثاقبة والسير على نهج وخطى مؤسسها، ورغم شمول النهضة وتعدد المنجزات وتنوعها وشمولها كافة مناحي الحياة اقتصاديا واجتماعيا وثقافيا إلا أن الإنجاز الأهم والأبرز لدولة الإمارات يظل هو إنجاز "بناء الإنسان"، الذي نظرت إليه القيادة الإماراتية باعتباره اللبنة الأولى في بناء الدولة، والركن الأهم في بناء المجتمع، وهنا تبنى قادة الإمارات كل السياسات التي من شأنها ترجمة هذه الفلسفة القائمة على الاستثمار في المواطن الإماراتي ومستقبله إلى نتائج ملموسة على أرض الواقع، ومن ثم كانت كل السياسات التعليمية والصحية والثقافية والاجتماعية التي دأبت على اتخاذها القيادة الإماراتية تصب في هذا الاتجاه.. وهو ما تبلور في مؤشرات عدة تعطي دلالة واضحة على المكانة التي وصل إليها المواطن الإماراتي.
آخر هذه المؤشرات وأكثرها دلالة هو ما تواكب الإعلان عنه مع الذكرى السابعة والأربعين لتأسيس اتحاد الإمارات، والمتمثل في حلول جواز السفر الإماراتي منفردا في المرتبة الأولى عالميا في أحدث تصنيف لقوة جوازات السفر، وفقا للمؤشر العالمي "باسبورت اندكس"، وهو المؤشر الأكثر دقة وأهمية بين مواقع تصنيف قوة جوازات السفر في العالم، وذلك بعد أن كان يحتل المركز الرابع والعشرين عالميا في مثل هذا التوقيت من العام الماضي، هذا الإنجاز الفريد من نوعه عربيا وشرق أوسطيا لا يجب النظر إليه فقط من زاوية أنه جعل العالم مفتوحا أمام مواطني دولة الإمارات العربية المتحدة، وأتاح دخولهم إلى 167 دولة فيه دون الحاجة إلى تأشيرة مسبقة، ولكن يجب أن يتم تناوله بمنظور أعمق يستنبط الدروس والعبر والدلالات الكامنة وراءه، وهي دروس يمكن أن تلخص أسرار نهضة الإمارات وسر اعتزاز مواطنيها بها، فقوة جواز السفر لأي دولة في العالم تعكس قوة الدولة ذاتها ومدى تأثيرها ونفوذها على الساحة الدولية، ومدى الثقة في سياساتها ومدى الثقة في مواطنيها، ومن ثم يمكن الجزم بيسر أن قوة جواز السفر الإماراتي هي ترجمة مباشرة لما تتمتع به الإمارات من مكانة وتأثير وتقدير على الساحتين الدولية والإقليمية، بعد أن أصبحت واحدة من أكثر دول العالم إبداعا في مجال التكنولوجيا والتعليم والصحة والبنية التحتية، ورمزا للإنجاز والتفوق والتميز على المستوى العالمي، وانعكاسا مباشرا لمدى الثقة الدولية في المواطن الإماراتي، وهو ما جعل نحو 85% من دول العالم تمنحه حق دخول أراضيها متى أراد دون حاجة للحصول على إذن مسبق، وبالتأكيد لم تأت هذه الثقة من فراغ ولكنها كانت حصادا طبيعيا لسياسة إماراتية حكيمة وواعية وضعت المستقبل نصب عينيها، وتبنت مبدأ "الاستثمار في البشر" وجعلت من المواطن أولوية مطلقة، فوفرت له التعليم الجيد والرعاية الصحية والبنية التحتية والتكنولوجيا ووسائل التنقل العصرية وكل أسباب العيش الآمن والكريم وكل أسباب النجاح، ومكنت شبابه ونساءه وكباره وأطفاله، ووضعت سياسات وطنية لكل فئة من هذه الفئات، بما يضمن لها التمتع بجميع حقوقها ويمكنها من القيام بواجباتها تجاه الوطن، ووفرت أجواء الحب والاحترام، عبر دعم قيم الاعتدال والتعايش والتسامح ونبذ التعصب والتطرف، لذا كان طبيعيا أن يجني المواطن الإماراتي ثمار ما زرعته قيادته، وأن يعيش في دولة آمنة ومستقرة وناجحة في إقليم شديد الاضطراب، ولعل هذا ما يفسر قوة التلاحم والترابط والعلاقة الوثيقة بين قيادة الإمارات وشعبها، علاقة قد لا نجد لها نظيرا في صلابتها وتميزها.
فالإمارات تكاد تكون الدولة الوحيدة التي لا يلحظ من يعيش فيها فارقا بين حاكم ومحكوم، فالجميع في ركب الوطن سواء، يتشاركون الأفراح ويقتسمون الهموم رغم قلتها، والدلائل على ذلك كثيرة، آخرها ما أعلنه الشيخ محمد بن زايد، ولي عهد أبوظبي، بصرف دفعة جديدة من القروض والمساكن والأراضي السكنية بقيمة 18.3 مليار درهم لتعزيز الاستقرار الاجتماعي والحياة الكريمة للمواطنين، مؤكدا أن سعادة أبناء الوطن أولوية قصوى لقيادة الإمارات الحكيمة، ومهما اجتهد المؤرخون فلن يجدوا في تاريخ الدول واقعة واحدة تشير إلى أن حاكما اتصل هاتفيا بكافة مواطنية لتهنئتهم بمناسبة وطنية كما فعل نائب رئيس دولة الإمارات ورئيس مجلس وزرائها وحاكم دبي الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، عندما هنأ شعب الإمارات داخل الدولة وخارجها بعيدهم الوطني عبر اتصال هاتفي استقبله كل مواطن إماراتي، وعبر فيه عن أمله في مستقبل أفضل وأجمل للجميع، ووعد فيه باستمرار العمل على تحقيق تطلعات شعب الإمارات.. هذا يحدث فقط في الإمارات ولا يمكن توقعه في سواها.. وذلك ببساطة "لأنها الإمارات".
تحية إلى الإمارات في عيدها، وحفظ الله شعبها وقيادتها وأدام عليهم نعم التقدم والنمو والرخاء، ورحم الله بانيها ومؤسس نهضتها الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة