رئيس الوزراء الإيطالي كونتي.. "محامي الشعب" على صفيح التحديات
![جوزيبي كونتي رئيس الوزراء الإيطالي - أرشيفية](https://cdn.al-ain.com/lg/images/2019/8/29/79-220124-italian-conti-advocate-challenges_700x400.png)
مرحلة جديدة يقود فيها كونتي إيطاليا إثر موافقة حركة (5 نجوم) والحزب الديمقراطي على العمل معا ضمن ائتلاف جديد.
حتى تقلده رئاسة وزراء إيطاليا، في يونيو/حزيران 2018، لم يكن جوزيبي كونتي شخصية معروفة لدى الرأي العام المحلي، بل كان خبيرا قانونيا مغمورا بعيدا عن السياسة.
ورغم سطوع نجم "كونتي" سريعاً مدفوعاً بأهمية المنصب الذي تقلده، قادت الأزمة السياسية الخانقة المنبثقة عن انهيار الائتلاف الذي شكله وزير الداخلية السابق ماتيو سالفيني مع حركة (5 نجوم) إلى استقالته قبل أيام.
ورافق استقالة رئيس الوزراء الإيطالي جوزيبي كونتي، اتهامه وزير الداخلية السابق (سالفيني) بتقديم مصالحه الانتخابية الخاصة قبل البلاد.
واليوم، يعود كونتي مجددا إلى الأضواء، مقدما نفسه على أنه "محامي الشعب"، عقب تكليفه من قبل الرئيس الإيطالي سيرجو ماتاريلا بتشكيل حكومة جديدة، بعد اتفاق تاريخي أخرج البلاد من أزمة امتدت لأسابيع، وجنبها انتخابات مبكرة.
مرحلة جديدة يقود فيها كونتي بلاده إثر موافقة حركة (5 نجوم) والحزب الديمقراطي (يسار وسط) على العمل معاً، ضمن ائتلاف جديد يحل محل السابق الذي انسحب منه حزب الرابطة بزعامة سالفيني.
وبتكليفه، يتوقع أن يحصل كونتي على بضعة أيام لإجراء مشاورات سياسية للتحقق من ضمان غالبية بالبرلمان في مسار من المرجح أن يشكل تحديا بالنسبة لرجل يعتبره زعيم (5 نجوم) لويجي دي مايو "ضمانة" لحركته، وبالتالي لـ60 مليون إيطالي ممن تركهم سالفيني بلا حكومة، في إشارة إلى تسبب الأخير في انهيار الائتلاف الذي استمر 14 شهرا فقط.
كونتي بين حكومتين
يدخل كونتي التاريخ كأول رئيس وزراء يقود حكومة قاعدتها اليمين المتطرف، قبل أن يتحول، في بضعة أسابيع فقط على رأس حكومة يسار، في مسار سياسي يمضي أيديولوجيا، من النقيض إلى النقيض، وهذا ما جعل الرجل محل إجماع في بلاده وخارجها أيضا.
فـ"كونتي" حصل، حتى قبل الاتفاق، على مباركة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، والذي أشاد بـ"رجل محترم وموهوب جدا"، معربا عن أمله في أن يستمر بمهامه رئيسا لوزراء إيطاليا.
ولد كونتي في 8 أغسطس/آب 1964، ببلدية فولتورارا أبولا في مقاطعة فودجا بإقليم بوليا الإيطالي، وهو محام وأستاذ قانون.
ويرجح مراقبون أن كونتي لم يحتك خلال دراسته الجامعية بأي من الزعماء أو القيادات الحزبية، بل ظل بعيدا عن السياسة، وأكاديميا بحتا، ولعل هذه من الخصال التي ثمنها فيه الشعب الإيطالي الذي سئم العلاقات الحزبية الضيقة.
حصل رئيس الوزراء البريطاني على شهادات جامعية دولية عدة، بدأ مساره الأكاديمي عام 1992 بجامعة يال الأمريكية، ثم انتقل لمعهد الثقافة الدولية بالعاصمة النمساوية (فيينا)، ثم السوربون بفرنسا، مرورا بكامبريدج فجامعة نيويورك.
وكونتي يساري الهوى، وهذا ما جعله لاحقا يعجب بحركة (5 نجوم) وبزعيمها دي مايو، ليبدأ معه أولى خطواته في عالم السياسة، حيث رشحه الحزب، في مرحلة أولى، لمنصب "مسؤول الإدارة العمومية"، ثم وزير أول.
عمل أستاذا للقانون الخاص بجامعة فلورنسا ببلاده، وفي جامعة خاصة بالعاصمة روما، ويعرف عنه علاقاته الوطيدة بنقابة العمال الإيطاليين، كما أنه يتقن العديد من اللغات، وهذا من مميزاته أيضا مقارنة بالطبقة السياسية المحلية التي لا تتقن، في مجملها، سوى الإيطالية.
محامي الشعب
أما الصفة الأقرب إلى قلبه، كما يقول حين يطلب منه تقديم نفسه، فهي "محامي الشعب"؛ بل إن معظم خطاباته التي ألقاها كانت في الغالب تحوم حول هذه العبارة أو مشتقاتها اللغوية، حيث يفتخر بمساره السياسي القصير، معتبرا أنه تكنوقراط بعيد عن الحسابات الحزبية والفساد المهيمن عليها.
في منشوراته عبر مواقع التواصل الاجتماعي، يظهر تباهيا كبيرا بإرادته وطموحه، وتزدان الشبكة العنكبوتية بالعديد من صفحاته، كما أنه لا يتوانى في الكثير من الأحيان عن التواصل شخصيا مع متابعيه والرد على تعليقاته، معتبرا أن ذلك يجعله قريبا من مواطنيه ومن مشاكلهم.
اليوم، يعود كونتي إلى السلطة من نفس الباب الذي خرج منه مؤخرا، مع تغيير بسيط في تركيبة الائتلاف، مقبلا على مرحلة من التحديات عقب أسابيع من الأزمة الخانقة، ووسط مؤشرات متهاوية للاقتصاد المحلي.