خبير أوروبي يرسم لـ"العين الإخبارية" سبل حل أزمة ليبيا
تتحرك الأمور أحيانا وتدخل في جمود أحايين أخرى، لكن الواقع على الأرض لا يعكس إلا انقساما وانسدادا سياسيا، وسط محاولات دولية ومحلية للحل.
هذا هو الوضع في ليبيا في الوقت الراهن، في ظل انقسام بين حكومتين؛ إحداهما المعينة من قبل البرلمان برئاسة فتحي باشاغا، والثانية هي تلك المنتهية ولايتها، بقيادة عبدالحميد الدبيبة.
وفي هذا الإطار، قال ماريو سافينا، الخبير الإيطالي في الشأن الليبي، ومنسق مركز "O SMED" البحثي الإيطالي بشمال أفريقيا، "في ليبيا، يستمر الجمود السياسي والانقسامات في زعزعة الاستقرار، في وضع معقد بالفعل ومعلق على الدوام".
وأضاف في حوار خاص مع "العين الإخبارية"، "أدت الرغبة في حكم البلد بأكمله بالنسبة لحكومة الاستقرار الوطني الوليدة، وقرار حكومة الوحدة الوطنية عدم تسليم السلطة، إلى دفع ليبيا إلى طريق مسدود".
ومضى سافينا قائلا "تُظهر التطورات التي حدثت في الأشهر القليلة الماضية كيف أن بناء ليبيا ما بعد (العقيد الليبي الراحل معمر) القذافي أصبح أكثر تعقيدًا مما كان يُعتقد سابقًا".
سبل الحل
وحول سبل الخروج من الوضع الراهن، أوضح الخبير الإيطالي "في الجدل السياسي الحالي، لا يُقال سوى القليل عن المشاكل الهيكلية التي يتعين حلها، بينما يتم إيلاء كل الاهتمام للانتخابات والأدوار التي يتعين شغلها للسيطرة على البلاد".
واستدرك قائلا "يجب أن يكون الطريق إلى صناديق الاقتراع متوازياً مع حل المشاكل الهيكلية الكبرى؛ قبل كل شيء: توحيد المؤسسات والدستور ودمج الجهاز العسكري والأمني.. كل ذلك لتحقيق الاستقرار النهائي للدولة الليبية".
"لذلك من الواضح أن ليبيا، بدون ولادة نظام دولة منظم، ستستمر في الإبحار في المجهول، مع الخطر المستمر المتمثل في إعادة إشعال الصراع"، يكمل الخبير الإيطالي حديثه.
خطر التصعيد
الخبير الإيطالي رأى أيضا أن "الوضع صعب، وهناك خطر حدوث تصعيد عسكري كما أظهرت الاشتباكات في طرابلس في الأسابيع الأخيرة".
ولفت إلى أنه "في الأشهر الأخيرة، تصاعدت التوترات بين الجماعات المسلحة الموالية لشخص أو آخر من القادة، وكان القتال في العاصمة هو الأخطر في ليبيا".
واستطرد "في هذا السياق، أخذت الجماعات المسلحة دور الأطراف الأساسية، بل أصبحت المليشيات وقادتها حاسمة في أي تطور في البلاد"، معتبرا أن صعود المليشيات "يشكل عقبة أمام أي جهد يهدف إلى توحيد وإصلاح قطاعي الدفاع والأمن في البلاد، وهي عملية أساسية لإرساء الديمقراطية".
المجتمع الدولي
وعن الأدوار الدولية، يقول ماريو سافينا "منذ سنوات، يحاول المجتمع الدولي إعادة تشكيل الإطار الليبي المجزأ من أجل بناء الاستقرار، وتعزيز مبادرات الانفراج"، مستدركا "نتائج هذه الجهود، التي قادتها الأمم المتحدة، صعبة الإثبات" في ضوء الوضع المتدهور باستمرار.
وأردف "في ليبيا، الأمم المتحدة هي أول مؤسسة تواجه مشكلة؛ حيث حاولت السير بمسار الانتخابات، لكن تأثير ذلك غير مجز مع وجود انعدام للأمن والاستقرار وعدم توافر الظروف الاجتماعية والسياسية المطلوبة للتمهيد للاقتراع".
وأكد الخبير الإيطالي أن الأزمة الليبية تمثل مشكلة لبلاده وأوروبا منذ سنوات، "من حيث ملف الأمن وزعزعة الاستقرار في المنطقة، وأيضًا لأنها أوجدت فرصًا للمنافسين الجيوسياسيين لزيادة نفوذهم في أفريقيا والبحر الأبيض المتوسط".
واختتم حديثه "في الوقت الحالي، يتمثل موقف إيطاليا في دعم خارطة الطريق التي تروج لها الأمم المتحدة من أجل تحقيق الوحدة والاستقرار في الدولة الواقعة في شمال أفريقيا".
يُذكر بأن ليبيا تشهد صراعا بين حكومتين الأولى بقيادة فتحي باشاغا المعينة من قبل مجلس النواب في مارس/آذار الماضي، والثانية التي انتهت ولايتها برئاسة عبدالحميد الدبيبة الذي يرفض تسليم السلطة.