جمال سليمان لـ"العين الإخبارية": أحلم بتقديم شخصية المتنبي
الفنان السوري جمال سليمان يؤكد أنه يميل حاليا إلى السينما المستقلة ويبدي إعجابه كفنان بتلك التجارب ويتمنى أن يأتي الوقت ليشارك بها
على مدار رحلة فنية تجاوزت 4 عقود نجح الفنان السوري جمال سليمان في أن يصنع لنفسه مساحة خاصة من الإبداع، حفر خلالها بموهبته واختياراته بصمة واضحة في تاريخ الدراما العربية، متجاوزاً الحدود الجغرافية واللهجات المتعددة لأفق أكثر رحابة عبر عشرات الأدوار.
أكثر من 70 مسلسلا، و10 أفلام، و8 مسرحيات قدمها جمال سليمان طوال تاريخه، نجح خلالها في الانتقال بسلاسة بين الشخصيات التي قدمها، فمن صلاح الدين الأيوبي القائد الشجاع الذي خلده التاريخ لعبدالرحمن الداخل في "صقر قريش"، لمندور أبوالدهب في "حدائق الشيطان"، ومن همام رسلان في "أفراح إبليس"، للمناضل خالد في "ذاكرة الجسد"، لأبوصالح في "التغريبة الفلسطينية"، والدكتور سعيد عودة في فيلم "المتبقي"، وهكذا من قائد لعاشق لصعيدي لشامي، ومن طيب لشرير، وفي كل مرة كان يلقى الإعجاب، ليثبت أنه فنان متمرد على القولبة أو السكون.
جمال سليمان كان ضيف "العين الإخبارية" وتحدث في ندوة عن أعماله وتجربة إنتاجه للأفلام الوثائقية، وفي المقابل كان التكريم بمنحه وسام الإنجاز الفني.. فإلى نص الندوة:
ما الذي جذبك للمشاركة في المسلسل الجديد "الحرملك"؟
ثراء الأحداث في فترة تاريخية هو ما جذبني للمسلسل، حيث يقدم صورة لحالة التفاعل الذي كان موجوداً أواخر فترة الوجود العثماني بدمشق، وهي الفترة التي شهدت التغلغل الغربي بالحياة السورية، بينما بدأت الدولة العثمانية تتفكك لتنتشر الجريمة وأعمال الجاسوسية، وقتها ظهر ما يسمى بـ"ليالي الأنس"، وكذلك ظهور مفهوم "البنسيون"، حيث تقديم الخدمات والسهر وكانت هذه الأماكن مثالية لأعمال التجسس.
أقدم في المسلسل شخصية "الكيخيا"، وهي ما تعني وقتها الرجل الذي يتولى قضايا الجيش والأمن، ويتولى الأمور على خلفية مقتل الكيخيا السابق، ما ينبئ ببداية انفلات وظهور جريمة منظمة داخل أطراف الإمبراطورية العثمانية، حيث أبدأ بالتحقيق في كيفية مقتل من قبلي، لنكشف من خلال الأحداث الحياة اليومية والصراعات الاجتماعية بمزيج من القصص المشوقة.
كيف تفسر انتعاش القطاع الخاص السوري في الإنتاج الدرامي؟
الإنتاج الخاص انتعش منذ عام 2000 بعد تراجع الإنتاج الرسمي كماً وكيفاً، وهو أمر طبيعي مع وجود شركات خاصة بعيداً عن الأعباء البيروقراطية مع خصوصية العمل الفني، ومن الوقائع الطريفة بهذا الخصوص أنهم كانوا يصورون فيلماً سينمائياً، وكانوا يحتاجون لحمار أبيض وبالبحث في منطقة التصوير قاموا بتأجير حمار من فلاح بمبلغ صغير، وأثناء التصوير مرض أحد أبطال الفيلم وتوقف العمل نحو شهر ونصف، ولأن الحمار تحول لـ"راكور" (أي أنه أصبح ثابتاً بنفس شكله وحجمه)، أصبح من المستحيل استبداله.
استغل الفلاح الفرصة وطلب مبلغاً كبيراً، وتم الإذعان لمطلبه، وبعد فترة جاءت جهة رقابية لتفتش في أوراق الفيلم فاكتشفوا أن أجر الحمار أكبر من أجر بعض الممثلين، وأن الثمن كان من الممكن أن يشتري حماراً وليس مجرد تأجيره، وهو ما يعني نوعاً من الفساد من وجهة نظر الإدارة، وهذه هي تكاليف البيروقراطية في الأعمال الفنية.
إلى أي مدى يقيد العمل السياسي الفنان؟ وكيف وفقت بين الاثنين؟
المسألة تختلف حسب طبيعة الموضوع، فإذا كنت تتعاطى مع السياسة من الزاوية الأيديولوجية فعليك ألا تقدم عملاً يتناقض مع توجهك الأيديولوجي، وهو أمر يقيد الفنان، لكن الأمر مختلف بالنسبة لي، وأنا أختلف مع من يرى أن ذلك يخسرك جزءاً من جمهورك.
ما الذي جذبك لإنتاج سلسلة أفلام وثائقية تتحدث عن تاريخ المسيحية في سوريا بعنوان "أعمدة النور"؟
ما دفعني لتقديم 5 أفلام وثائقية هو فكرة من أحد الأصدقاء على وقع زيارة البابا يوحنا إلى دمشق، ومدى أهمية هذه الزيارة لسوريا والسوريين، وأهمية إلقاء الضوء على دور سوريا في انتشار رسالة السيد المسيح بالعالم، خصوصا أن فلسطين كانت جزءاً من سوريا، وبمعزل عن ذلك فإن بولس الرسول بدأ رحلته للعالم من دمشق، حيث جاءها يهوديا كي يقتل المسيحيين وخرج منها مسيحيا لينقل رسالة السيد المسيح للعالم.
وقد بني في دمشق آنذاك أعظم الكنائس التي كانت موجودة على سطح الأرض بعضها كنائس صغيرة جدا، وكانت أول كنيسة منزلية هي كنيسة "حنانيا بباب توما"، وكان أول مسيحي يبني كنيسة بمنزله، وأول كنيسة بها مذبح مسيحي أيضا دون ثقب بكنيسة "معلولة"، وهناك كنيسة "مار سمعان العمودي"، وهي واحدة من الكنائس التي بنت أوروبا بعدها بـ500 عام كنيسة بحجمها، وهي كنيسة القديسة "هيلانابباريس"، وقد كنت المنتج الفني والمعلق بصوتي على هذه الأفلام وأعتز بهذه التجربة جداً.
أين أنت من السينما المصرية؟
قدمت للسينما المصرية تجربتين في فيلمي "حليم" و"ليلة البيبي دول"، لكن الآن في مصر توجد ظاهرة السينما المستقلة والتي أميل لها أكثر كفنان ومتذوق، وأتمنى أن يأتي الوقت المناسب للمساهمة في ذلك، كما أنني معجب بتجارب الشباب في مصر في السينما المستقلة التي هي مختلفة عن السينما العادية.