تكريم قومية "جاموا" الإثيوبية.. حل النزاعات بـ"العشب الأخضر"
وزارة السلام الإثيوبية نظمت حفل تكريم لقيادات وأفراد قومية جاموا، لدورهم الريادي في إحلال السلام وتعزيز ثقافة التسامح بين الشباب
تتميز قومية "جاموا" الإثيوبية بتفردها بحل الخلافات والصراعات بآلية سلمية، عبر ما تحمله من قيم التسامح والتآزر والمحبة التي تتمتع به أفرادها الذين يعيشون في إقليم يقطنه 56 قومية.
ونجحت "جاموا" في أن تجعل من عاداتها وتقاليدها منهجا لحل الصراعات والنزاعات، باعتمادها على واحدة من تقاليدها الراسخة وتقوم على نشر حزمة من العشب الأخضر أمام المتخاصمين، في تقليد متعارف عليه بين أفراد القومية، وبموجبه ينتهي الصراع بين الطرفين ويعودان للحوار والتفاوض.
وبذات الطريقة المعروفة في الحروب بأن رفع الراية البيضاء دليل استسلام وتوقف للحرب، أيضا يعبر التلويح بالعشب الأخضر عند قومية جاموا نهاية الاقتتال والمواجهة والعودة إلى مائدة الحوار والتفاوض، فضلا عن تميزها بقيم التسامح والمحبة والتآزر بين أفرادها.
ونظمت وزارة السلام الإثيوبية حفل تكريم لقيادات وأفراد قومية جاموا، لدورهم الريادي في إحلال السلام وتعزيز ثقافة التسامح بين الشباب، إذ أسهمت في وأد الفتنة التي شهدتها ضواحي العاصمة منتصف 2019.
وحضر الاحتفالية وزيرة السلام الإثيوبية مفريحات كامل، ورئيس البرلمان الإثيوبي تاجسي جافو، وعمدة مدينة أديس أبابا تاكلي أما، بمشاركة أكثر من 20 ألف من أبناء القومية.
وتعود تفاصيل المشكلة التي شهدتها ضواحي العاصمة إلى تعدي مجموعات من قومية الأورومو على آخرين من جاموا بمنطقة "برايو" بإقليم أوروميا، فتدخل أعيان وقيادات قومية جاموا وحالوا بين أبنائهم الذين أرادوا الانتقام ملوحين بالعشب الأخضر.
ووجدت الخطوة إشادة من المجتمعات الأخرى، وعرفت بمبادرة "صلح ورتق النسيج الاجتماعي"، وفق عادات جاموا وتقاليدهم.
وقال صديقا سمي، زعيم قومية جاموا، إنهم تربوا على مبادئ التسامح والاحترام المتبادل وطاعة الكبار وهو ما يميز المنطقة، مشيرا إلى الدور الذي لعبه زعماء وأعيان القومية في الفترة الماضية.
وأضاف لـ"العين الإخبارية": "استطاعت جاموا أن تحقق الاحترام المتبادل في المنطقة بفضل طريقتها في تربية الأبناء على احترام الآخرين".
وأوضح أن الشباب يشاركون آباءهم في حل الخلافات وإحلال السلام بين المتخاصمين وإيقاف الحرب، معتبرا ذلك سببا في معرفتهم واحترامهم تقاليد القومية.
ودعا إلى استفادة المجتمعات الأخرى في إثيوبيا من تجربة قوميته، وقال إن قيم السلام والتعاون والمحبة أمور شائعة وقيم يجب تعزيزها عند جميع القوميات والشعوب الإثيوبية.
وطغى على الاحتفالية التي تزينت بالعشب الأخضر الزي التقليدي لهذه القومية، وشهدت عددا من الفقرات الموسيقية والأغنيات الشعبية والقومية في إثيوبيا.
يشتهر شعب قومية "جاموا" بمهارتهم في صناعة الملابس التقليدية القطنية، إلى جانب الزراعة، إذ تعرف المنطقة بـ"أرض الفواكه" لخصوبتها وملائمة الأراضي للزراعة، ما دفع الحكومة للتخطيط لجعل المنطقة مركزا لصناعة الفواكه والخضراوات.
عبر مليس جيدبو، أحد المشاركين في الحفل، عن فخره بالانتماء لقومية جاموا التي عرفت بتسامحها بين قوميات وشعوب إثيوبيا، وقال إن عادات وتراث قومية جاموا ينبغي أن تنشر وسط المجتمعات الأخرى في إثيوبيا.
وأضاف لـ"العين الإخبارية" أنهم تعلموا من آبائهم وأجدادهم قيم المحبة والتسامح وحب الآخرين وحل المشاكل بالاحتكام للعقل، موضحا أن ثقافة التسامح والتآزر أمر مهم في بناء السلام والاستقرار، مشددا على ضرورة توعية الجيل الجديد وتعليمهم ثقافة الاحترام المتبادل.
تعد مدينة "أربا منش" بجنوب إثيوبيا، وتعني باللغة الأمهرية الرسمية "أرض البحيرات الـ4"، مركزا لقومية "جاموا" ما جعل منها وجهة سياحية وشيدت بها فنادق ومنتجعات كثيرة.
وتعرف أيضا بأرض البحيرات الواسعة، وأدرجت بحيرتا "أبايا" و"تشامو" ضمن ثاني وثالث أكبر البحيرات في إثيوبيا، بعد بحيرة تانا منبع النيل.
والمدينة التي تبعد 434.7 كلم عن العاصمة أديس أبابا تتمتع بمواقع سياحية ساحرة ومناظر خضراء خلابة، فضلا عن العديد من المحميات الطبيعية وثرواتها المتعددة، إلى جانب ما تضفيه إليها عادات وتقاليد قومية جاموا.