خطوط بوتين الحمراء.. بايدن لا يأبه والغرب يجوب الأسواق بحثا عن أسلحة
على طريق الأزمة الأوكرانية التي لم تجد ميناء للرسو، ولا طاولة للسلام، بات البلد الأوراسي بمثابة ساحة لتصفية الحسابات وتجاوز الخطوط الحمراء.
فالعملية العسكرية التي شنها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في فبراير/شباط من العام الماضي، كانت بمثابة تجاوز للخطوط الحمراء بالنسبة للغرب وأوروبا، والذين ردوا عليها بحشد الدعم العسكري والسياسي لأوكرانيا، وإمدادها بأنواع من الأسلحة، اعتبرتها موسكو -كذلك- تجاوزًا للخطوط الحمراء.
آخر تلك الخطوط الحمراء التي اعتبرتها روسيا تجاوزًا غربيًا، كان قرار الرئيس الأمريكي جو بايدن الشهر الماضي بمساعدة أوكرانيا في الحصول على طائرات إف-16.
وكان الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، قد حذر سابقا من أن هذا القرار سيكون "نقطة تحول" في أحداث الحرب الحالية، وسيجر واشنطن وموسكو إلى صراع مباشر.
هل التهديدات جدية؟
ورغم التحذيرات شديدة اللهجة للزعيم الروسي، وافقت الولايات المتحدة تدريجياً على توسيع ترسانة أوكرانيا بصواريخ جافلين وستينغر وقاذفات صواريخ هيمارس وأنظمة دفاع صاروخي متطورة وطائرات مسيرة وطائرات هليكوبتر ودبابات إم 1 أبرامز، بحسب صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية، التي قالت إن مقاتلات الجيل الرابع من طائرات إف-16، ستنضم قريبًا إلى ذلك الطابور الطويل من الدعم العسكري.
وحول الأسباب الرئيسية لعدم الالتفات إلى تهديدات الرئيس الروسي بوتين، قالت الصحيفة الأمريكية، إن ذلك يعود إلى عدم جدية هذه التهديدات التي توالت منذ الأيام الأولى للحرب والتي لم ينفذ الرئيس الروسي أيام منها بمعاقبة الغرب على تقديم الأسلحة لأوكرانيا.
وأشارت إلى أن عدم جدية هذه التهديدات أعطت القادة الأمريكيين والأوروبيين قدرا من الثقة في قدرتهم على الاستمرار في القيام بذلك دون وقوع أي عواقب وخيمة حتى الآن بسبب هذه التهديدات.
الخبير الروسي في مؤسسة كارنيغي للسلام الدولي مكسيم ساموروكوف، قال: "خفضت روسيا من قيمة خطوطها الحمراء مرات عديدة عندما أطلقت تحذيرات بشأن حصول أوكرانيا على أنواع معينة من الأسلحة ولم تفعل شيئًا عندما حدث ذلك. المشكلة هي أننا لا نعرف الخط الأحمر الفعلي.. إنه في رأس شخص واحد، ويمكن أن يتغير من يوم إلى آخر".
مخاطر التصعيد
ويعتقد المسؤولون الأمريكيون، أن إدارة مخاطر التصعيد تظل واحدة من أصعب جوانب الحرب التي تواجه بايدن ومستشاريه للسياسة الخارجية، وخاصة فيما يتعلق بتحديد أنظمة الأسلحة الجديدة التي سيجرى تزويد أوكرانيا بها.
وتقول الصحيفة الأمريكية، إن بايدن ومستشاريه يركزون على أربعة عوامل رئيسية، في تحديد أنواع الأسلحة التي يزودون أوكرانيا بها؛ وهي: "مدى حاجتهم لها، وقدرتها على استخدامها، ومدى توافرها، وطبيعة الرد الروسي".
وأوضح مسؤول بارز بوزارة الخارجية الأمريكية، رفض الكشف عن هويته، أن إحجام روسيا عن الانتقام قد أثر على حسابات المخاطر لوزير الخارجية أنتوني بلينكن، الذي شجع الإدارة وحلفاء الولايات المتحدة على تقديم المزيد من الدعم لأوكرانيا.
وقد تمكنت الإدارة الأمريكية الحالية من التوفيق بين هذه المخاوف وضغط الصقور في الكونغرس، الذين يطالبون الرئيس بايدن بالتحرك بشكل أسرع في إرسال معدات أكثر تقدماً إلى ساحة المعركة، لاتخاذ نهج تدريجي.
ومع دخول الحرب الأوكرانية شهرها السادس عشر، شهدت استخداما مكثفا لقذائف المدفعية والدروع والصواريخ وجميع أنواع أسلحة القوات البرية الأخرى بمعدلات فائقة، تسببت في تقويض مخزونات كلا الجانبين بسرعة.
مناطق جديدة
وتقول "واشنطن بوست"، إن نفاد مخزونات الأسلحة الخاصة بحلف الناتو، خاصة في أوروبا، بشكل متزايد، دفع القوى الغربية إلى النظر إلى مناطق بعيدة بشكل متزايد للحصول على مزيد من الأسلحة لنقلها إلى أوكرانيا.
وفي الوقت الذي استكملت فيه روسيا قدرتها الموسعة لإنتاج الأسلحة عبر عمليات شراء محدودة من إيران وكوريا الشمالية، استفادت من القدرة الصناعية لمعدات القوة البرية التي يُعتقد أنها تفوق قدرات دول الناتو مجتمعة.
وفي أحدث الجهود الغربية للبحث عن مصادر جديدة للأسلحة، أشارت تقارير إلى أن الولايات المتحدة سعت هذا الشهر لشراء مادة "تي إن تي" من اليابان لتسهيل الإنتاج الموسع لقذائف المدفعية لأوكرانيا، وسط اعتقادات بوجود نقص كبير في تلك المادة مما يحول دون زيادة الإنتاج.
ورغم السياسة اليابانية التي تمنع توريد الأسلحة إلى مناطق الحرب النشطة، يتوقع أن تقوم طوكيو باستثناء على أساس أن لمادة "تي إن تي" استخدامات غير عسكرية كجزء من سياستها في دعم المجهود الحربي الأوكراني.
دول عربية على القائمة
إلى جانب اليابان وكوريا الجنوبية، برز المغرب والأردن كموردين مهمين للأسلحة لأوكرانيا، حيث قدمت الأولى دبابات تي-72 بينما أكدت تقارير قيام الأردن في 1 يونيو/ حزيران بتزويد أوكرانيا بمدافع جيبارد المضادة للطائرات ذاتية الدفع، والتي كان الأردن قد حصل على 60 منها من هولندا عام 2013 إلى جانب 350 ألف طلقة من ذخيرة عيار 35 ملم.
وكانت الدول الغربية حصلت من الأردن في السابق على أسلحة مضادة للدبابات وأنظمة دفاع جوي قصيرة المدى بهدف تسليح أوكرانيا، فيما أثيرت تكهنات حول إرسال دبابات تشالنغر 1 البريطانية التي خرجت من الخدمة من الأردن، إلى أوكرانيا.
فعلى الرغم من قدمها لا تزال أكثر قدرة بكثير من العديد من الدبابات الأخرى التي يتم إرسالها حاليًا إلى منطقة الحرب مثل دبابات ليوبارد 2A4 و M-55.
ووفقا للتقارير، فإن وكالات الاستخبارات البريطانية كانت نشطة بشكل خاص في الأسواق السوداء في أفريقيا والشرق الأوسط؛ سعياً لشراء الأسلحة المتاحة للجهود الحربية الأوكرانية.