حوار السياسات بين الإمارات واليابان.. إضاءة على طريق التعاون
زيارة شينزو آبي رئيس وزراء اليابان إلى الإمارات تمثل نقطة أكثر إضاءة على طريق تعزيز أوجه التعاون الثنائي بين البلدين.
شهد الثاني من أبريل الجاري علامة بارزة ونقطة مضيئة في مسار علاقات التعاون بين الإمارات واليابان بانطلاق الاجتماع الأول لـ"حوار السياسات" بين البلدين.
انصب الاجتماع على بحث ومناقشة سبل تطوير وتعزيز العلاقات الثنائية بين دولتي الإمارات واليابان في المجالات كافة.
الاجتماع الذي ترأسه الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان، وزير الخارجية والتعاون الدولي الإماراتي، جاء تماشيا مع مذكرة التفاهم بشأن مشاورات السياسات التي تم توقيعها خلال زيارته الرسمية لدولة اليابان مطلع أبريل من عام 2017.
الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان أكد، خلال مؤتمر صحفي مع نظيره تارو كونو وزير خارجية اليابان، حرص دولة الإمارات على تعزيز أوجه التعاون المشترك مع اليابان في شتى المجالات.
وتمثل زيارة شينزو آبي رئيس وزراء اليابان الحالية إلى الإمارات والتي بدأت اليوم الأحد وتستمر على مدار يومين نقطة أكثر إضاءة على طريق تعزيز أوجه التعاون الثنائي بين البلدين، على الصعيدين السياسي والاقتصادي، وفرصة سانحة لاستفادة دولة الإمارات من المبادرات اليابانية فيما يخص العلوم والتكنولوجيا والتعليم وقطاع الطيران.
الجانب الاقتصادي كان من نقاط التماس الرئيسية في التعاون الإماراتي الياباني تتوجه الشراكة القائمة بين شركة بترول أبوظبي الوطنية "أدنوك" وشركة "إنبكس" اليابانية والتي تمثل نموذجا لعلاقة ثنائية يجتهد البلدان لتكون أكثر متانة وقوة ومتعددة المجالات.
ومن مؤشرات تميز وتطور العلاقات بين البلدين تزايد عدد السياح من كلا البلدين بشكل مستمر حيث بلغ عدد اليابانيين الزائرين إلى دولة الإمارات في عام 2017 أكثر من 91 ألف زائر ، في حين بلغ عدد الإماراتيين الزائرين إلى اليابان في 2017 أكثر من 6000 زائر.
وعلى ركب التطور الدائم لم تغفل دولة الإمارات تجربة اليابان الخلاقة في مجال التعليم، حيث استقطبت المدارس اليابانية في دولة الإمارات أبناء الدولة، فيما عبر الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان عن أمله بالتحاق طلبة إماراتيين بالمدارس الثانوية اليابانية.
تحديات سياسية متشابهة
مرارا أكدت دولة الإمارات العربية المتحدة استمرار دعمها لليابان فيما تواجهه من تحديات من جانب كوريا الشمالية نتيجة تجارب إطلاق الصواريخ الباليستية وما تشكله تلك التجارب من تهديد للأمن والسلم الدوليين.
وتواجه دولة الإمارات والمنطقة تحديا مشابها من جانب إيران التي تحاول فيه مد نفوذها لتحقيق مخططاتها التوسعية، بالإضافة إلى التدخل في شؤون دول المنطقة، واستمرار احتلالها لجزر الإمارات الثلاث؛ طنب الصغرى وطنب الكبرى وأبوموسى، ورفضها للطرق التفاوضية أو التحكيم الدولي لحل الأزمة.
وعلى ذلك فإن تصرفات كوريا الشمالية وإيران تمثل تحديات تواجه اليابان والإمارات كل على حدة، ولكنها متشابهة، حيث تعمل سول وطهران ضد المبادئ والأعراف الدولية واحترام سيادة دول الجوار.
تارو كونو وزير خارجية اليابان أكد، على هامش الاجتماع الأول لحوار السياسات بين البلدين، أن العلاقات الثنائية في تطور مستمر في العديد من المجالات ومنها المجالات السياسية والاقتصادية والتكنولوجية واستكشاف الفضاء.
ولفت تارو كونو في سياق التعاون إلى أن حق امتياز النفط الممنوح لليابان من قبل دولة الإمارات والذي انتهت مدته مارس الماضي تم تمديده، معربا عن امتنانه لهذا القرار الذي يعكس العلاقات الثنائية التاريخية بين البلدين الصديقين.
وأعرب الوزير الياباني عن أمله في أن تسهم هذه الشراكة بدفع عجلة التعاون في المجالات الأخرى بين البلدين.
الطاقة المتجددة والفضاء.. رؤية متطابقة
من القضايا التي تكاد تتطابق فيها رؤية دولتي الإمارات واليابان النظرة إلى المستقبل، خاصة ما يتعلق بالفضاء والطاقة المتجددة.
ففي حين تسعى اليابان لجعل الطاقة المتجددة مصدرا رئيسيا للطاقة، وفي سبيل ذلك وضعت في خطة استراتيجات الطاقة حتى عام 2050 كهدف بناء وهو التحرك باتجاه إزالة الكربون تماشيا مع اتفاق باريس لمكافحة التغير المناخي الذي دخل حيز التنفيذ في عام 2016 وجعل الطاقة المتجددة "مصدر طاقة رئيسيا مستقلا" باستخدام تقنيات تخزين الكهرباء والتكنولوجيا الرقمية والمتعلقة بالهيدروجين.
أما دولة الإمارات فتقود الدور الريادي عربيا وفي المنطقة عموما في قطاع الطاقة المتجددة عبر مشاريع عديدة نفذتها وتنفذها الإمارات في هذا القطاع، تدعم الابتكار لتحقيق التنمية الشاملة المستدامة.
وتتبنى دولة الإمارات خططا طموحة لتوليد نحو 50% من احتياجات الطاقة لديها من مصادر متجددة بحلول عام 2050، تضاف إلى جهودها لخفض تكاليف الطاقة المتجددة من خلال عطاءات تنافسية، والإجراءات التي تقوم بها لتوفير مناخ استثماري جاذب.
وتتعزز هذه المكانة مع وضع الطاقات المتجددة في صميم الاستراتيجيات الرامية إلى تحفيز النمو الاقتصادي، وتوفير فرص العمل، وضمان أمن الطاقة على المدى الطويل.
ويفتح الطموح المشترك للبلدين آفاقا مشتركة للتعاون في مجال الطاقة المتجددة على نحو يقود لمستقبل أفضل للأجيال القادمة وجميعها عوامل تمنح الدولتين مكانة رائدة في الاقتصاد المستقبلي المستدام.
ومن اللافت أيضا تشارك وجهات النظر بين الإمارات واليابان في تعزيز التعاون المتبادل في مجال الفضاء، حيث حرصت وكالة الإمارات للفضاء منذ تأسيسها على التعاون مع الشركاء الدوليين في مجالات علوم الفضاء والاستكشاف السلمي للفضاء الخارجي.
وفي سيبل هذا الهدف وقعت وكالة الإمارات للفضاء مذكرة تفاهم مع وكالة استكشاف الفضاء اليابانية بهدف تعزيز التعاون في أنشطة استكشاف الفضاء الخارجي والاستفادة منه في أغراض سلمية، في مارس 2016.
وتشجّع المذكرة على تنمية التبادل التعليمي من خلال تشارك التجارب والدراسات والبحوث ذات الصلة بالفضاء، إلى جانب التحفيز على إجراء الزيارات والمحاضرات والمؤتمرات المتخصصة بقطاع الفضاء، والتي تسهم في الارتقاء بسوية جهود وبحوث الاستكشاف السلمي للفضاء الخارجي وتعزيز الاستفادة العملية منها.
السلام العالمي غاية واحدة
أكدت دولة اليابان مرارا عزمها المساهمة بشكل أكثر فاعلية لتحقيق السلام والاستقرار في العالم، بما فيها منطقة الشرق الأوسط من الناحية السياسية، من خلال المساهمة الإيجابية لتحقيق السلام تقوم على مبدأ التعاون الدولي، وهو ما رحبت به بشدة دولة الإمارات باعتبار أن غاية الدولتين واحدة وهي تحقيق السلام العالمي، لا سيما في منطقة الشرق الأوسط.
وفي إطار السعي لتحقيق السلام العالمي قرر الجانبان الإماراتي والياباني العمل معاً من أجل هذه الأهداف المشتركة مثل الأمن البحري، بما في ذلك سلامة الممرات البحرية، ومكافحة القرصنة، وعدم انتشار أسلحة الدمار الشامل، ومكافحة الإرهاب، والإغاثة في حالة الكوارث.
وخلال الزيارة التي قام بها الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة إلى طوكيو خلال الفترة من 25 إلى 26 فبراير 2014 أكد الجانبان أهمية مواصلة تبادل التعاون في مجال الدفاع، وكذلك تبادل الزيارات بين كبار مسؤولي الدفاع.
وأكدت الإمارات بدورها الحرص على تعزيز أوجه التعاون المشترك بين البلدين في المجالات كافة، ومنها العسكرية والدفاعية، فيما أشادت اليابان بدور دولة الإمارات ومبادراتها لدعم جهود المجتمع الدولي لإحلال الاستقرار والسلام في أنحاء العالم كافة.