خبير فرنسي لـ«العين الإخبارية» اليمين في أزمة هوية والاتحاد مجرد وهم

«حدث سياسي استثنائي» يعيشه اليمين الفرنسي اليوم، وفق توصيف جون إيف كامو الخبير الفرنسي البارز في شؤون الأحزاب واليمين السياسي.
كامو أكد في حوار مع «العين الإخبارية» أنّ فرنسا تشهد «إعادة تشكّل عميقة للمشهد السياسي»، تتجاوز الانقسامات الحزبية التقليدية لتضع اليمين أمام أزمة هوية غير مسبوقة.
- رئيس وزراء فرنسا.. مقعد شاغر ومكتب مثقل بالأزمات
- فرنسا 2050.. باريس ترسم مستقبلها الاقتصادي وسط اضطراب سياسي حاد (حوار)
واعتبر أن هذا الاتحاد لن يصبح ممكنًا إلا إذا واجهت فرنسا حالة استقطاب حاد بين أقصى اليسار ممثلًا بـ«فرنسا الأبية» بزعامة جان لوك ميلانشون، وأقصى اليمين ممثلًا بحزب «التجمع الوطني» بقيادة مارين لوبان.
«وهم اتحاد اليمين»
يقول جون إيف كامو إن جذور الأزمة داخل اليمين الفرنسي تعود إلى «تآكل الهوية السياسية» لحزب «الجمهوريون» منذ خسارته المتكررة للانتخابات الرئاسية، مقابل نجاح «التجمع الوطني» في إعادة تشكيل صورته وإضفاء شرعية سياسية تدريجية على خطابه القومي.
ويضيف أن تصريحات قادة مثل برونو ريتايو ولوران فوكييه تعبّر عن هذا الانزلاق الرمزي، موضحًا أن الحاجز الفاصل بين اليمين الجمهوري وأقصى اليمين بات «باهتًا» مقارنة بما كان عليه في العقود الماضية.
لكن، وفق كامو، لا يمكن قيام اتحاد يميني حقيقي إلا في حالة واحدة: «إذا وُضعت فرنسا أمام مواجهة مباشرة بين أقصى اليسار وأقصى اليمين، حينها فقط سيتوحّد اليمين حول هدف واحد هو إسقاط اليسار الراديكالي».
يمين الهوية والمحافظة الجمهورية
ويرى الخبير الفرنسي أن شخصيات مثل برونو ريتايو تمثل ما يمكن وصفه بـ«يمين الهوية»، تيار يجمع بين التشدد في قضايا الأمن والهجرة وبين الدفاع عن القيم التقليدية، دون أن يخرج عن الإطار الجمهوري.
ويضيف أن ريتايو «يحاول الجمع بين معارضة ماكرون والتميّز عن لوبان، وهو توازن صعب للغاية في السياسة الفرنسية الراهنة»، مؤكدًا أن هذا التيار يعكس التوتر العميق بين «الهوية القومية» و«المحافظة الجمهورية» داخل معسكر اليمين.
هل تمر الحكومة الجديدة؟
وتأتي تصريحات كامو في ظل مناخ سياسي متوتر عقب استقالة رئيس الحكومة المكلف لوكورنو، الإثنين الماضي، بعد 14 ساعة على تشكيل حكومته "لعدم توافر الظروف" لاستمرارها. وقد أعاد ماكرون تكليفه مساء الجمعة.
ومساء الأحد، أعلن لوكورنو تشكيلة حكومية جديدة تضم سياسيين وعددا من التكنوقراط وشخصيات من المجتمع المدني، في محاولة لتجنيب البلاد مزيدا من التأزم السياسي.
وفي ما يبدو أنه مسعى لإبعاد شبح تقديم مذكرة فورية لحجب الثقة، قال لوكورنو إن الحكومة الجديدة مهمتها منح البلاد "موازنة قبل نهاية العام".
وتقع على عاتق رولان ليسكور المنتمي إلى معسكر ماكرون إعداد مشروع موازنة للعام 2026 قادرة على نيل ثقة البرلمان، في حين بلغ الدين العام للدولة 3300 مليار يورو، أي أكثر من 115 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي.
وتمر البلاد بفترة طويلة من انعدام الاستقرار السياسي منذ حل الرئيس إيمانويل ماكرون الجمعية الوطنية في يونيو/حزيران 2024، ما أسفر عن برلمان من دون غالبية ومشرذم بين ثلاث كتل هي اليسار واليمين والوسط واليمين المتطرف مع تعاقب أربعة رؤساء وزراء لقيادة الحكومة.
وفي الحكومة الجديدة التي "شُكّلت لكي تحظى فرنسا بموازنة قبل نهاية العام"، أسند لوكورنو حقيبة الداخلية إلى قائد شرطة باريس لوران نونيز، خلفا لزعيم حزب الجمهوريين برونو روتايو، وحقيبة العمل إلى الرئيس السابق لشركة السكك الحديد "إس إن سي في" جان-بيار فاراندو.
وأعيد إسناد حقيبة الخارجية إلى جان-نويل بارو، فيما ذهبت حقيبة الدفاع إلى وزيرة العمل في الحكومة المستقيلة كاترين فوتران.
وشدد لوكورنو في منشور على منصة إكس على أن الأهم "مصلحة البلاد"، شاكرا الوزراء "المشاركين في هذه الحكومة بكامل حريتهم بعيدا من المصالح الشخصية والحزبية".
ومن بين الوجوه الحكومية الجديدة مونيك باربو، موفدة ماكرون الخاصة إلى مؤتمر "قمة الكوكب الواحد" التي أسندت إليها حقيبة التحول البيئي، فيما أسندت حقيبة التربية الوطنية إلى إدوار جوفريه، خلفا لإليزابيت بورن.
ومصير الفريق الحكومي الذي سيقوده لوكورنو سيكون مهددا جدا. فباستثناء الحزب الاشتراكي، دعت كل القوى اليسارية من الآن إلى عدم منح حكومته الجديدة الثقة، فضلا عن التجمع الوطني، واتحاد اليمين من أجل الجمهورية بزعامة إريك كوتي.
أما المجموعة الاشتراكية في الجمعية الوطنية التي تضم 69 نائبا فتهدد أيضا بذلك بسبب استيائها جراء مداولات غير مثمرة بشأن مطالبها منذ أربعة أسابيع.
aXA6IDIxNi43My4yMTYuMjE3IA== جزيرة ام اند امز