رئيس وزراء فرنسا.. مقعد شاغر ومكتب مثقل بالأزمات

فيما تقف فرنسا في مفترق طرق، وتبحث سبلا لاختيار رئيس حكومة جديد، تنتظر في الخلفية تحديات جمة، من الاقتصاد إلى الهوية.
ويرى خبراء فرنسيون، أن المرشح المنتظر لرئاسة الحكومة، سيواجه أعباء ضخمة على المستويين الداخلي والخارجي، لا سيما في سياق الأزمة السياسية الراهنة، والتوقعات القوية من الشارع، والحاجة إلى استعادة الثقة.
وبعد استقالة سيباستيان لوكورنو، يتداول الرأي العام أسماء عديدة لرئاسة الحكومة، من بينها جان-لويس بورلو، وبرنار كازنوف، لكن أي من سيُعين في المنصب، سيجد نفسه أمام الحكومة الأكثر هشاشة منذ سنوات.
ويبقى التحدي الأكبر هو كيف سيوازن رئيس الوزراء المنتظر بين الاستقرار السياسي، والإصلاحات الاقتصادية، وضغوط التكتلات البرلمانية، بحسب صحيفة "لا نوفل ربيبليك" الفرنسية.
من جانبه، قال الدكتور أوليفييه دابيان، الباحث في العلوم السياسية، والعضو الدائم في مركز الدراسات والبحوث الدولية، التابع لمعهد العلوم السياسية في باريس لـ"العين الإخبارية"، إن المرشح الجديد لتولي رئاسة الحكومة الفرنسية سيكون في موقع حرج من اليوم الأول، لأن البرلمان مشتت ولا أغلبية ثابتة تدعمه.
وأشار دابيان إلى أن أول اختبار سياسي واقتصادي سيكون إقرار الميزانية 2026، وهو ما يتطلب توافقًا بين المركز واليمين واليسار المعتدل، وهو توافق نادر في المرحلة الراهنة.
كذلك، يلفت إلى أن ارتفاع الدين العام وتراجع النمو يجعل أي وعد بإصلاح أو خفض الضرائب أمرًا صعب التحقيق دون خنق مالي أو احتجاجات شعبية.
بدورها، قال الخبيرة الاقتصادية في بنك فرنسا، كلير لِه جار، لـ"العين الإخبارية"، إن المرشح المنتظر سيحتاج إلى استراتيجية مزدوجة: إصلاح مالي سريع لتخفيف أعباء الدين، وإنجازات اجتماعية رمزية لامتصاص الغضب الشعبي.
وأشارت إلى أن إلغاء أو تعليق إصلاح التقاعد من دون تعويضات أو خطة بديلة سيُعتبر انتكاسة، وقد يؤدي إلى فقدان ثقة المواطنين في الحكومة، محذرة من أن الانحياز إلى اليمين أو اليسار بشكل صارخ قد يؤدي إلى تآكل في الوسط السياسي، ما قد يترك الحكومة في عزلة برلمانية.
4 محاور
ومضت قائلة إن أبرز التحديات التي ستواجه المرشح المنتظر لتولي رئاسة الحكومة الفرنسية تكمن في أربعة محاور مترابطة.
وأضافت أن الأزمة البرلمانية والانقسام السياسي يشكلان "العقبة الأولى أمام أي حكومة جديدة"، موضحة أنه "لا توجد أغلبية مستقرة في البرلمان يمكن الاعتماد عليها، ما يجعل تمرير أي مشروع قانون، خصوصاً الميزانية أو التقاعد، أمراً بالغ الصعوبة ومعرّضاً للرفض أو الجمود التشريعي".
وأشارت إلى أن الضغوط الاقتصادية تمثل بدورها "قنبلة موقوتة" أمام أي فريق حكومي جديد، في ظلّ ارتفاع الدين العام وتفاقم تكلفة المعيشة وتوقعات التضخم المتصاعدة، مؤكدة أن "الشارع الفرنسي ينتظر نتائج سريعة وملموسة، وليس وعوداً سياسية مؤجلة".
كما لفتت الباحثة إلى أن الملفات الاجتماعية الحساسة، مثل إصلاح التقاعد والضرائب والأجور والمساعدات الاجتماعية، "ستكون اختباراً مبكراً لشعبية الحكومة المقبلة"، مضيفة أنّ "أيّ خطأ في مقاربة هذه الملفات قد يعيد مشهد الاحتجاجات العمالية إلى الشوارع مجدداً".
وتابعت أن "أحد أكبر التحديات سيكون استعادة المصداقية والثقة العامة"، موضحة أن "تغيير رئيس الوزراء أكثر من مرة في أقل من عامين أضعف ثقة الفرنسيين في مؤسسات الحكم، ما يعني أن المرشح القادم سيحتاج إلى بناء صورة قائمة على الشفافية، والاستقلالية، والقدرة على التفاوض مع مختلف الأطراف السياسية والاجتماعية، كي لا يُنظر إليه كمجرد امتداد لقصر الإليزيه".
aXA6IDIxNi43My4yMTYuMjE3IA== جزيرة ام اند امز