قمة جدة.. تعزيز التوافق العربي في مواجهة التحديات
تنطلق القمة العربية العادية الـ32 بمدينة جدة السعودية، الجمعة، وسط تفاؤل بنجاحها في تعزيز التوافق العربي في مواجهة التحديات والأزمات.
تحديات تتطلب تنسيقا عربيا على أعلى مستوى، واستحداث آليات جديدة ومقاربات جديدة لمواجهة التحديات المشتركة، وتعزيز الأمن والاستقرار والازدهار في المنطقة.
4 اختراقات
يعزز فرص نجاح قمة جدة في تحقيق أهدافها أسباب عدة، من أبرزها نجاح المملكة في تحقيق اختراقات عدة لعدد من ملفات وأزمات المنطقة، تكللت بعودة سوريا إلى الجامعة العربية بعد غياب 12 عاماً، كإحدى أبرز ثمار حراك عربي لإعادة سوريا لحاضنتها العربية بدأته دولة الإمارات العربية المتحدة باستقبال الرئيس السوري بشار الأسد في مارس/آذار 2022 و2023، وأكملته المملكة.
أيضا شهدت الأزمة السودانية اخترتقات مهمة بتوصل أطرافها إلى إعلان مبادئ في جدة 11 مايو/أيار الجاري، في خطوة على طريق حل الأزمة، وسط استضافة المدينة ذاتها مباحثات سودانية-سودانية بالتزامن مع القمة العربية، وسط استمرار الاشتباكات التي اندلعت منذ 15 أبريل/نيسان الماضي، بين الجيش بقيادة عبدالفتاح البرهان، وقوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو المعروف بـ"حميدتي".
أيضا شهد الملف اليمني اختراقا مهما خلال الفترة القليلة الماضية، بعد انطلاق "نقاشات جادة ومكثفة" مع الحوثيين، أجراها وفد سعودي وآخر عماني في صنعاء شهر أبريل/نيسان الماضي.
ورغم محاولات مليشيات الحوثي عرقلة التحركات الدولية التي تقودها الرياض ومسقط والأمم المتحدة لإنضاج تسوية سياسية في اليمن، إلا أن الرياض تدفع باتجاه التوصل إلى سلام شامل في البلاد.
كذلك تنطلق القمة في وقت تشهد فيها المنطقة مصالحات تاريخية مع دول الجوار، وتحديداً تركيا وإيران، وسط مقاربة عربية جديدة تقودها السعودية والإمارات لتصفير أزمات المنطقة.
ثقل إقليمي ودولي
أيضا يعزز فرص نجاح القمة في تحقيق أهدافها الثقل الإقليمي والدولي للمملكة، وسط سعي دؤوب ودبلوماسية نشطة لتعزيز التضامن العربي.
التمثيل رفيع المستوى
كذلك يعزز التمثيل الرفيع المستوى للقادة العرب وممثليهم فرص نجاح القمة في تحقيق أهدافها، ويجسد إدراكهم لحجم التحديات التي تواجه المنطقة في الوقت الراهن.
كما يعكس وجود إرادة مشتركة لتحقيق توافق عربي لمواجهة تلك التحديات.
ووصل إلى المملكة، الخميس، قادة ورؤساء وفود 12 دولة عربية، فيما يتوالى وصول قادة بقية الدول العربية وممثليهم اليوم الجمعة.
ووصل إلى جدة، الخميس، الرئيس السوري بشار الأسد الذي يعود للمشاركة في القمم العربية بعد قرار من الجامعة العربية في السابع من الشهر الجاري، بعودة سوريا للمشاركة في اجتماعاتها، بعد أكثر من 11 عاماً على تعليق أنشطة دمشق إثر الاحتجاجات التي شهدتها البلاد.
وستكون مشاركته في قمة جدة هي الأولى منذ حضوره قمة سرت في ليبيا عام 2010.
كما وصل أمس كل من عاهل البحرين الملك حمد بن عيسى آل خليفة، والرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، ونظيره الفلسطيني محمود عباس، والموريتاني محمد ولد الشيخ الغزواني والتونسي قيس بن سعيد، والصومالي حسن شيخ محمود.
كما وصل أيضا كل من رشاد العليمي، رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني، ومحمد يونس المنفي، رئيس المجلس الرئاسي الليبي، وأسعد بن طارق آل سعيد، نائب رئيس الوزراء لشؤون العلاقات والتعاون الدولي والممثل الخاص لسلطان عمان، ورئيس وزراء لبنان نجيب ميقاتي.
وسيترأس وفد السودان في القمة السفير دفع الله الحاج علي المبعوث الخاص لرئيس مجلس السيادة عبدالفتاح البرهان.
أجندة القمة
أيضا يعزز فرض نجاح القمة في تحقيق أهدافها تنوع أجندة القمة ما بين ملفات سياسية وأمنية واقتصادية، في سعي لبلورة رؤية موحدة لتعزيز التضامن العربي على أكثر من صعيد.
ويتصدر أجندة القمة عودة سوريا للجامعة العربية وبحث سبل دعمهما لمواجهة أزمتها، إضافة إلى الأزمة السودانية، والقضية الفلسطينية التي تعد بندا ثابتا على أجندة القمم العربية.
كما تتضمن الأجندة الأزمات القائمة في ليبيا واليمن ولبنان، إضافة إلى مكافحة الإرهاب.
ويرتقب أن تدعو قمة جدة لإنهاء الفراغ الرئاسي الذي يعيشه لبنان منذ أكتوبر/تشرين الأول الماضي، ودعوة كافة الأطراف اللبنانية للحوار من أجل عبور الأزمة السياسية الحالية.
وإضافة إلى الملفات السياسية والأمنية يوجد على أجندة القمة الملفان الاقتصادي الذي يتصدره موضوع تطوير السياحة العربية والاجتماعي، الذي يتصدره موضوع العقد العربي الثاني للأشخاص ذوي الإعاقة.
على الصعيد الدولي تنطلق القمة في وقت دخلت فيه الحرب الروسية الأوكرانية عامها الثاني، فيما لا تلوح في الأفق نهاية وشيكة لها، وسط استمرار تداعياتها على الدول العربية، ولا سيما على صعيد الأمن الغذائي.. تحد سيكون حاضرا أيضا على أجندة القادة العرب.
وأكد الأمين العام للجامعة العربية أحمد أبوالغيط أن القمة العربية الـ32 تعقد في أجواء مفعمة بالتحديات والأزمات، متطلعًا إلى قمة ناجحة تكون عند مستوى تطلعات الرأي العام، وعلى قدر التحديات القائمة، التي ستُقدم حلولاً للمُشكلات العربية، وتُعزز من قوة هذه الكتلة الإقليمية وتماسكها، وتوحِّد كلمتها.
وأشار -خلال مشاركته في الاجتماع الوزاري التحضيري لمجلس جامعة الدول العربية على مستوى القمة في دورته الثانية والثلاثين الأربعاء- إلى ضرورة التشبث بالمصالح الوطنية لدولنا كبوصلة هادية لمواقفنا والاستمرار في التحرك والعمل ككتلة موحَّدة.
وقال: "إن العرب لن يتركوا إخوانهم في السودان وحدهم، وإنه تم تشكيل مجموعة اتصال لهذا الغرض في السابع من هذا الشهر الجاري بجهود كبيرة ومتواصلة للوساطة قامت بها المملكة العربية السعودية، ولكن الأمر مرهون في المحصلة بإرادة السودانيين وقياداتهم لوضع حدٍ لما يحدث، وإسكات البنادق في أسرع وقت".
وأشار الأمين العام للجامعة العربية إلى أن الأزمات في سوريا واليمن وليبيا حدث بالفعل تجاه تحريك للمياه الراكدة في عدد من هذه الأزمات، ومهَّد الطريق لانخراط عربي أكبر وأكثر فاعلية في تعزيز التسوية ومعالجة التبعات والآثار التي لحقت بسوريا ودول الجوار في السنوات الماضية.
61 قمة
وتعد قمة جدة هي القمة العادية رقم 32 والقمة العادية الثالثة التي تستضيفها المملكة والتاسعة في تاريخ القمم على مدار 77 عاما.
وعقدت أول قمة عربية عادية بالعاصمة المصرية القاهرة في يناير/كانون الثاني 1964، فيما عقدت آخر قمة عربية "عادية" وحملت رقم 31 في مطلع نوفمبر/تشرين الثاني الماضي بالجزائر.
وإضافة إلى 32 قمة عادية (بما فيها قمة جدة)، تم عقد 14 قمة طارئة، حيث عقدت أول قمة عربية في مدينة أنشاص المصرية، عام 1946 وحملت صفة طارئة، فيما عقدت آخر قمة عربية "طارئة" في مكة المكرمة في مايو/أيار 2019.
وإضافة إلى 32 قمة عادية و14 قمة طارئة، تم عقد 4 قمم اقتصادية تنموية، إضافة إلى 11 قمم عربية إقليمية (4 قمم عربية أفريقية و4 قمم عربية لاتينية، وقمة عربية أوروبية وقمة عربية إسلامية أمريكية وقمة عربية صينية)، بإجمالي 61 قمة.