تهدئة الأوضاع وتوحيد الصف.. مصر على خط التصعيد بفلسطين
مع إعلان الجيش الإسرائيلي الأربعاء إنهاء عملية واسعة استمرت يومين في جنين بشمال الضفة الغربية، بدأت العاصمة المصرية القاهرة، التحرك على مستويات عدة، لتهدئة الأوضاع وتوحيد الصف الفلسطيني.
وباشرت القوات الإسرائيلية انسحابها من منطقة جنين مساء الثلاثاء، فيما أفادت متحدثة باسم الجيش الإسرائيلي الأربعاء، بانتهاء العملية رسميا ومغادرة الجنود منطقة جنين.
وضع بدا متوترًا لأيام عدة، مع انتهاء أوسع عملية في سنوات شنها الجيش الإسرائيلي فجر الإثنين، وأدت إلى مقتل 12 فلسطينيا وجندي إسرائيلي، وشارك خلالها عدد كبير من الجنود والمدرعات بمؤازرة مسيّرات شنت هجمات جوية وجرافات عسكرية.
جهود مصرية
ومع إصدار القاهرة إدانات للسلوك الإسرائيلي التصعيدي، بدأت تحركات على مستويات عدة، لتهدئة الأوضاع من جانب، وتوحيد الصف الفلسطيني من جانب آخر.
وكانت مصر، حذرت في بيان صادر عنها قبل أيام من المخاطر الجسيمة للتصعيد الإسرائيلى المستمر ضد الفلسطينيين، وما يؤدى إليه من "تأجيج لحالة الاحتقان ومفاقمة معاناة الشعب الفلسطيني، وتقويض للمساعى المبذولة من جانب مصر والشركاء الإقليميين والدوليين لخفض التوتر في الأراضي المحتلة".
وفي محاولة للتهدئة، وافقت مصر، اليوم الأربعاء، على استضافة اجتماع للأمناء العامين للفصائل الفلسطينية بعد دعوة أطلقها الرئيس الفلسطيني محمود عباس.
وأكد عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير نائب رئيس الوزراء زياد أبو عمرو، في بيان عقب اجتماعه في رام الله مع سفير مصر لدى فلسطين إيهاب سليمان، استعداد القاهرة لاستضافة اجتماع الأمناء العامين للفصائل"، مشيرًا إلى أن الاجتماع الذي لم يحدد موعده يستهدف "الاتفاق على رؤية وطنية شاملة وتوحيد الصف الفلسطيني".
المسؤول الفلسطيني شدد على "أهمية الدور الذي تقوم به جمهورية مصر العربية الشقيقة دفاعاً عن حق الشعب الفلسطيني".
دعم ومساندة
ونقل البيان عن السفير المصري استعداد بلاده "تقديم كل أشكال الدعم والمساندة على الأصعدة كافة لدولة فلسطين والشعب الفلسطيني، لنيل حقوقه المشروعة وفق قرارات الشرعية الدولية والقانون الدولي".
وكان عضو اللجنتين التنفيذية لمنظمة التحرير والمركزية لحركة فتح عزام الأحمد أعلن أمس عن اتصالات لترتيب اجتماع للأمناء العامين للفصائل في القاهرة.
وذكر الأحمد أنه تم اقتراح عقد الاجتماع في القاهرة "حتى لا يتم ترك فرصة لأحد بالتهرب من المشاركة في الاجتماع اعتراضا على مكان انعقاده"، لافتا إلى أنه يتم التنسيق مع المسؤولين المصريين بشأن ذلك.
وكان عباس دعا أول أمس الإثنين، خلال ترؤسه اجتماعا طارئ للقيادة الفلسطينية، الأمناء العامين للفصائل كافة لاجتماع طارئ عقب العملية العسكرية للجيش الإسرائيلي في مخيم جنين التي خلفت مقتل 12 فلسطينيا وعشرات الجرحى.
ودأبت مصر منذ سنوات على استضافة اجتماعات الفصائل الفلسطينية في محاولة لإنهاء الانقسام الداخلي المستمر منذ عام 2007 غير أن سلسلة اتفاقيات وتفاهمات لم تجد طريقها للتنفيذ.
مساع للتهدئة
وفي بيان اطلعت "العين الإخبارية" على نسخة منه، قالت وزارة الخارجية المصرية، الأربعاء، إن الوزير سامح شكري، تلقى اتصالاً هاتفياً من نظيرته الألمانية أنالينا بيربوك، للتشاور حول سبل تعزيز العلاقات الثنائية والتنسيق بشأن القضايا ذات الاهتمام المشترك.
وأوضح المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية المصرية السفير أحمد أبو زيد، أن الاتصال تطرق إلى الأوضاع الأمنية المتردية في الأراضي الفلسطينية، لاسيما عقب "الاعتداء الإسرائيلي ضد مدينة ومخيم جنين".
وأعرب وزير الخارجية المصري، عن "قلق بلاده البالغ تجاه استمرار الانتهاكات الإسرائيلية والاعتداءات على الحقوق الفلسطينية"، مؤكداً على ضرورة أن يتحمل المجتمع الدولي، لاسيما الدول المؤثرة دولياً، مسئوليته في وقف حلقة العنف القائمة وتوفير الحماية للشعب الفلسطيني.
واتفق الوزيران على استمرار التواصل والتشاور بشأن التطورات الإقليمية، والعمل سوياً من أجل حل الأزمة السودانية وتهدئة الوضع في الأراضي الفلسطينية.
وقالت وزارة الصحة الفلسطينية إن الهجوم الإسرائيلي أسفر عن سقوط "12 شهيدا، بينهم خمسة فتيان، وأكثر من 140 إصابة، بينها نحو 30 إصابة حرجة"، في المقابل، أكد الجيش الإسرائيلي مقتل أحد جنوده "بالرصاص الحي" مساء الثلاثاء خلال العملية.
والأربعاء، شوهدت أرتال مدرعات الجيش الإسرائيلي تنسحب من جنين ومخيمها اللذين اتشحا بالسواد جراء الدخان الكثيف الذي غطى المباني التي لحقت أضرار بعدد كبير منها.
وفي المخيم، تفقد السكان الدمار الواسع النطاق الذي خلفه الجيش الإسرائيلي، حيث دمرت جدران مبان أو أحدثت فيها فجوات وتُركت السيارات كتلًا محطمة، وتناثرت أغطية الرصاص الفارغ والزجاج المكسور في الشوارع.
وتسببت العملية العسكرية بنزوح ما لا يقل عن 3000 من سكان المخيم. وفتحت المدارس والكنائس في محيط جنين أبوابها لإيوائهم.