عملية جنين.. تصعيد يلهب "بؤرة ساخنة" بالصراع الإسرائيلي الفلسطيني
بعملية توغّل هي الأوسع منذ نحو 20 عاماً، تخلّلها قصف جوي بطائرات مسيّرة، باتت جنين البؤرة الساخنة
بالصراع الفلسطيني الإسرائيلي أقرب للانفجار.
وصارت جنين مسرحًا للمواجهات بين الفلسطينيين والقوّات الإسرائيليّة التي كثّفت في الأشهر الماضية عملياتها في شمال الضفة الغربية مع تزايد هجمات يشنها مستوطنون على فلسطينيين وأملاكهم ومزروعاتهم.
- عملية جنين.. وضع كارثي على الأرض ومصر تبحث عن تهدئة
- اقتحام جنين.. الإمارات تدين الاعتداءات الإسرائيلية وتحذر من "تفاقم التوتر"
الوضع الميداني
ودفع الجيش الإسرائيلي بتعزيزات عسكرية جديدة إلى جنين، مؤكدا أنه "سيواصل العمل على تحييد خطر الإرهاب في جنين"، بحسب قوله.
وقال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، في بيان: "قواتنا دخلت عش الإرهابيين في جنين، وهي تدمر مراكز القيادة وتصادر كمية كبيرة من الأسلحة"، بحسب قوله.
بدوره، قال وزير الخارجية الإسرائيلي إيلي كوهين، إنّ القوات الإسرائيلية تضرب "بقوة كبيرة" منطقة جنين.
فيما دارت مواجهات بين فلسطينيين والقوات الإسرائيلية المتمركزة عند مدخل مخيم العروب شمال الخليل، قبل قليل.
ارتفاع القتلى
يأتي هذا فيما أعلنت وزارة الصحة الفلسطينية، ارتفاع عدد ضحايا العملية العسكرية الإسرائيلية في جنين إلى 9 قتلى و100 مصاب بينهم 17 في حالة خطيرة.
وبيّنت هويات القتلى في مخيّم جنين أنّ 3 منهم لا تتعدّى أعمارهم 17 عاماً، والبقية ما بين 18 و23 عاماً، من بينهم قتيل في مدينة البيرة أصيب خلال مظاهرة تضامن مع جنين.
وقال مدير جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني في جنين، محمود السعدي، إنّ "الهجوم الإسرائيلي يتمّ من الجو والبرّ".
وأضاف، في تصريحات لوكالة الأنباء الفرنسية: "قُصفت منازل ومواقع عدّة.. الدخان يتصاعد من كلّ مكان".
فيما ذكر بيان للجيش الإسرائيلي أن "جندياً أصيب بجروح طفيفة بشظايا قنبلة يدوية للجيش الإسرائيلي خلال عملية جنين وتم نقله إلى المستشفى".
ووصف عضو إقليم حركة فتح في محافظة جنين محمود حواشين الأوضاع في مخيم جنين بأنها "كارثية".
وقال، في تصريحات صحفية، بينما كان يتفقد الجرحى في مستشفى ابن سينا: "هذه معركة غير متكافئة بين قوات عسكرية هائلة وبين شعب أعزل لا يملك سوى إرادته".
وأعلنت السلطة الفلسطينية في بيان عقب اجتماع طارئ ترأسه الرئيس محمود عباس "وقف جميع الاتصالات واللقاءات مع الجانب الإسرائيلي".
وأضاف البيان أنّ مخرجات اجتماعات العقبة وشرم الشيخ "لم يعد لها جدوى ولم تعد قائمة" وذلك "في ظل عدم الالتزام الإسرائيلي" بها.
وأكّد الناطق باسم الرئاسة الفلسطينية نبيل أبو ردينة أنّ "ما تقوم به إسرائيل في جنين ومخيّمها جريمة حرب جديدة بحق شعبنا الأعزل".
وطالبت الخارجية الفلسطينية "بتحرك دولي عاجل لوقف العدوان فورا"، داعية المحكمة الجنائية الدولية إلى "الخروج عن صمتها والبدء بمحاسبة مجرمي الحرب الإسرائيليين".
تاريخ جنين
يعيش في الضفة الغربية من دون القدس الشرقية، نحو 2.9 مليون فلسطيني، بالإضافة إلى نصف مليون إسرائيلي في مستوطنات غير قانونية بموجب القانون الدولي.
وتحتلّ إسرائيل الضفة الغربية بما فيها القدس الشرقية منذ العام 1967.
وتضم مدينة جنين في شمال الضفة الغربية، مخيما مكتظا باللاجئين يحمل الاسم نفسه ويبلغ عدد سكانه نحو 14 ألفا من أحفاد فلسطينيين هُجّروا لدى قيام إسرائيل عام 1948، وتنحدر عائلاتهم من مناطق تشمل حيفا والناصرة.
وتقول وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) إن "مخيم جنين يعاني أعلى معدلات البطالة والفقر ضمن 19 مخيما للاجئين بالضفة الغربية.
ساحة معارك تاريخية
كانت جنين مسرحا لبعض من أسوأ أعمال العنف خلال الانتفاضة الثانية، التي بدأت بعد فشل محادثات السلام برعاية أمريكية في عام2000، وتحولت إلى ساحة صراع بين إسرائيل والفصائل الفلسطينية.
وفي عام 2002، شنت إسرائيل هجوما كبيرا على مخيم جنين للاجئين في إطار عملية أوسع في الضفة الغربية قالت إنها "تهدف إلى وقف هجمات المسلحين"، بحسب قولها.
وقالت الأمم المتحدة في تقرير صدر في أغسطس/آب 2002 إن 52 فلسطينيا قُتلوا في جنين، نصفهم من المدنيين، بينما فقدت إسرائيل 23 جنديا هناك.
ساحة مواجهات متكررة
وباتت جنين بؤرة ساخنة خلال موجة من العنف الإسرائيلي الفلسطيني تهز الضفة الغربية منذ أكثر من عام.
وأصبحت المواجهات المميتة في المنطقة تحدث بشكل منتظم، وآخرها الشهر الماضي، عندما درات مواجهات استمرت ساعات في جنين قُتل خلالها 6 فلسطينيين وأصيب أكثر من 90 فلسطينيا، و7 إسرائيليين.
وفي يناير/كانون الثاني، قتلت القوات الإسرائيلية سبعة من الفصائل الفلسطينية المسلحة، ومدنيين 2 في مداهمة بجنين.
كما قُتلت الصحفية الأمريكية من أصل فلسطيني شيرين أبو عاقلة بالرصاص في أثناء تغطيتها مداهمة للجيش الإسرائيلي في جنين العام الماضي.
نزوح اللاجئين
كما فاقم التصعيد معاناة اللاجئين الفلسطينيين، في مخيم جنين الذي يقيم به نحو 18 ألف فلسطيني.
وأفاد مسؤول فلسطيني بأن "نحو 3 آلاف من سكان مخيم جنين غادروا منازلهم منذ بدأ الجيش الإسرائيلي عملية كبيرة في المنطقة الواقعة بشمال الضفة الغربية المحتلة.
وصرّح نائب محافظ جنين كمال أبو الرب، أن "حوالى 3000 شخص غادروا المخيم حتى الآن"، مضيفا أنه يجري اتخاذ الترتيبات لإيوائهم في مدارس وملاجئ أخرى في مدينة جنين.
وأكدت المتحدثة باسم وكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا) جولييت توما أن "سكانا غادروا المخيم".
إدانات دولية ودعوات للتهدئة
وشهد التصعيد الإسرائيلي إدانات دولية واسعة ومطالب بالتهدئة.
وأدانت دولة الإمارات، في بيان لوزارة الخارجية "بشدة، الاعتداءات التي قامت بها قوات الاحتلال الإسرائيلية".
وشددت، في البيان، على "ضرورة الوقف الفوري للحملات المتكررة والمتصاعدة ضد الشعب الفلسطيني".
من جهتها، أعلنت جامعة الدول العربية عقد اجتماع طارئ، الثلاثاء.
أما الولايات المتحدة، فقالت على لسان متحدّث باسم خارجيتها: "نحن ندعم أمن إسرائيل وحقّها في الدفاع عن شعبها، ونحث على ضرورة اتّخاذ جميع الاحتياطات الممكنة للحيلولة دون مقتل مدنيين".
وأعرب الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش، اليوم الاثنين، عن قلقه إزاء التطورات الجارية في مخيم جنين بالضفة الغربية في فلسطين.
وقال فرحان حق، المتحدث باسم غوتيريش، في بيان عبر موقع الأمم المتحدة "الأمين العام يشعر بقلق عميق إزاء التطورات في جنين".
وأضاف: "يؤكد أن جميع العمليات العسكرية يجب أن تتم في ظل الاحترام الكامل للقانون الدولي الإنساني".