تصفية علامة «Jennyfer».. انهيار رمزي لقطاع الأزياء الفرنسي

أعلنت شركة جينيفر Jennyfer الفرنسية الرائدة في بيع الملابس الجاهزة للمراهقين، الأربعاء، عن تقدمها بطلب التصفية القضائية.
وتهدد التصفية بشكل مباشر نحو ألف وظيفة في فرنسا، وتُنذر بنهاية مؤلمة لعلامة شكلت جزءًا من الذاكرة الجماعية لجيل كامل من الفرنسيات.
من النهوض إلى الانهيار.. عام واحد فقط بعد خطة الإنقاذ
تأسست Jennyfer عام 1984، وشهدت على مدار عقود موجات صعود وهبوط، لكن اللحظة الحاسمة كانت في يونيو/حزيران 2023، عندما دخلت في مرحلة "الإنقاذ القضائي" (redressement judiciaire) بسبب ارتفاع تكاليف التشغيل والتضخم غير المسبوق.
وأعلنت الشركة لاحقًا خروجها من الأزمة منتصف عام 2024، مدعومة بـ استثمار قدره 15 مليون يورو (16.9 مليون دولار) وبدء خطة طموحة لتحديث هويتها وتوسيع شريحتها المستهدفة، لكن هذه المحاولة فشلت في استعادة ثقة الزبائن.
وقالت إدارة الشركة في بيان، الانفجار في التكاليف، وتراجع القدرة الشرائية، والتحولات الجذرية في سوق الأزياء، والمنافسة الدولية الشرسة، كلها عوامل جعلت نموذجنا الاقتصادي غير قابل للاستمرار.
رغم عدم إغلاق أي من متاجرها البالغ عددها 220 في فرنسا و80 في الخارج، إلا أن الشركة فقدت قدرتها على الصمود في ظل الانكماش الاستهلاكي وسرعة تغير اتجاهات السوق.
احتجاج نقابي وغضب اجتماعي
الاتحاد العام للعمل (CGT) أعرب عن غضبه الشديد، متهمًا الدولة بـ"التواطؤ" في التخلي عن مراقبة خطط إعادة الهيكلة السابقة، ما أدى برأيه إلى "إهمال مصير مئات العاملين".
وقال بيان النقابة: "الإعلان الوحشي عن التصفية يُلقي بالموظفين في هوة الهشاشة.. الدولة كان يجب أن تضمن رقابة حقيقية بعد عدة خطط اجتماعية فاشلة".
- سوريا توقع عقداً مع شركة فرنسية لتطوير وتشغيل «ميناء اللاذقية»
- تصعيد اقتصادي فرنسي ضد واشنطن.. دعوات للرد بالمثل على حمائية ترامب
الهوية التجارية لم تصمد
في محاولة لتجديد نفسها، أطلقت الشركة حملة تحت اسم "Don’t Call Me Jennyfer" عام 2023، لتجذب جمهورًا أوسع وأكثر نضجًا، إلا أن هذا التغيير لم يلق قبولًا، ما دفعها للعودة سريعًا إلى اسمها الأصلي مطلع 2024.
المدير العام الجديد يان باسكو حاول إنقاذ الموقف بتأكيده على "الحفاظ على الحمض النووي للعلامة" وسعيه للتوسع نحو فئات عمرية جديدة (15-24 عامًا)، لكن الوقت لم يسعفه لتنفيذ هذه الرؤية.
جينيفر ضحية نموذج استهلاك فرنسي "يتآكل"
من جانبه، اعتبر الباحث الاقتصادي المختص في سلوك المستهلك في مركز "معهد استراتيجيات النمو، كليمان دوفرين" لـ"العين الإخبارية" أن تصفية جينيفر تعكس "أزمة أعمق تضرب قطاع التجزئة والأزياء التقليدية في فرنسا".
وأوضح دوفرين:"ما يحدث اليوم لـ"جينيفر" ليس مجرد فشل إدارة، بل هو نتيجة واضحة لتغير أنماط الاستهلاك لدى الشباب. هذا الجيل أصبح أكثر حساسية للموضة السريعة عبر الإنترنت، ولديه وعي أكبر بالاستدامة، وهو ما لم تنجح العلامة في استيعابه أو التفاعل معه".
وأضاف دوفرين:"تراجع القدرة الشرائية لعب دورًا، لكن ما يفاقم المأزق هو أن العلامات الفرنسية الصغيرة والمتوسطة أصبحت عاجزة عن المنافسة مع العمالقة الرقميين مثل Shein أو Zara أو H&M، الذين يمتلكون أدوات تحليل بيانات ومخزونًا مرنًا وأسعارًا يصعب مجاراتها".
كما نبه دوفرين إلى أن فشل إعادة التموضع الاستراتيجي للعلامة هو درس تحذيري لكل الفاعلين في القطاع، مؤكدًا على ضرورة أن تستثمر العلامات التقليدية في التحول الرقمي وتحليل بيانات العملاء، وليس فقط في تسويق واجهات جديدة.
رمزية الانهيار.. نهاية مرحلة من الذاكرة الجماعية
بعيدًا عن الأرقام والتحليلات، حمل خبر تصفية جينيفر طابعًا وجدانيًا للكثير من الفرنسيات، خاصة من الجيل الذي نشأ في أوائل الألفية، حيث كانت هذه العلامة تُعد خيارًا رئيسيًا للمراهقات الباحثات عن الاستقلال والهوية.
وتابع: "ربما لم تكن الملابس ذات جودة عالية، لكنها كانت تحمل طعم الحرية".
بينما علّقت إحدى المدونات عبر منصة "إكس"، قائلة: "إنها نهاية شيء ما في ذاكرتنا... مثل وداع ممثل طفولتك".
أزمة Jennyfer مرآة لسوق هش
وأضاف دوفرين أن قصة جينيفر هي أكثر من مجرد إفلاس شركة. إنها انعكاس لتحديات اقتصادية كبرى تواجه قطاع التجزئة في فرنسا وأوروبا: تراجع الاستهلاك، صعود التجارة الرقمية، فشل السياسات الحكومية في حماية القطاعات الضعيفة، وقبل كل شيء، صعوبة التكيف مع جيل جديد من المستهلكين.