هل تعيد سياسة رفع الفائدة أمريكا لذكريات "فولكر"؟
يتوقع الخبراء أن يعلن الفيدرالي الأمريكي اليوم عن زيادة جديدة في سعر الفائدة على الدولار، ما يعيد للأذهان فترة أزمة "فولكر".
و"أزمة فولكر" تنسب إلى رئيس الفيدرالي الأسبق بول فولكر، عام 1979 عندما رفع سعر الفائدة على الدولار بنحو 20%، ما تسبب في ارتفاع قياسي بمعدلات البطالة، وانخفض سعر الدولار بنسبة 12%، وانهارت وول ستريت.
كان الاحتياطي الفيدرالي رفع أسعار الفائدة لأول مرة في نحو 4 سنوات خلال مارس/أذار الماضي بنسبة 0.25%، ثم رفعها بنسبة 0.5% في اجتماع مايو/أيار، ثم بنسبة 0.75% في يونيو/حزيران وهي أعلى نسبة رفع منذ عام 1994، بعد أن وصل معدل التضخم السنوي في الولايات المتحدة إلى أعلى مستوياته في أكثر من 40 عاما خلال يونيو/حزيران الماضي عند مستوى 9.1% مقابل 8.8% في مايو/أيار، وكانت المرة الرابعة التي رفع فيها الفيدرالي سعر الفائدة في يوليو/ تموز الماضي بنسبة 0.75%.
وأغلب السيناريوهات المحتملة لنتائج اجتماع لجنة السياسات النقدية لمجلس الاحتياطي الاتحادي الفيدرالي اليوم، هي زيادة سعر الفائدة على الدولار بنسبة تتراوح بين 75 إلى 100 نقطة أساس.
يعتقد مايكل جريجوري، نائب كبير الاقتصاديين في BMO Capital Markets، أن الاحتياطي الفيدرالي سيرفع سعر الفائدة على الأموال الفيدرالية بمقدار 75 نقطة أساس (0.75%) إلى نطاق 3%.
وقال: "إن المكاسب الضخمة في تضخم أسعار المستهلك الأساسي في أغسطس/أب أبرمت الصفقة لحركة بمقدار 75 نقطة أساس وعززت احتمالات التحرك بمقدار 100 نقطة أساس، ليصبح إجمالي زيادة الفائدة 3.25% منذ مطلع العام الجاري".
وتتمسك بعض المؤسسات، مثل بنك الاستثمار الياباني نومورا، بتوقعات التحرك بمقدار 100 نقطة أساس (1%).
حيث إنه قبل الارتفاع المفاجئ في تضخم المستهلك الأساسي في أغسطس/آب والذي سجل 8.3%، اعتقد الاقتصاديون أن بنك الاحتياطي الفيدرالي سيخفض تشدده في نوفمبر/تشرين الثاني ويتجه إلى رفع بمقدار ربع نقطة مئوية فقط.
الآن قد يترك باول الباب مفتوحًا لحركة رابعة بمقدار 75 نقطة أساس في 1-2 نوفمبر/تشرين الثاني، وفقًا بنك الاستثمار الياباني نومورا.
وخلال الفترة الأخيرة طالب العديد من خبراء أسواق المال أن يلتزم الفيدرالي الأمريكي برئاسة "باول" بطرح سعر فائدة محايد (وهو سعر الفائدة الذي يحافظ على توازن السوق ولا يحفزه)، وهنا دعا البعض بأن تكون زيادة الفائدة على الدولار في اجتماع سبتمبر/أيلول الجاري بنحو 0.25% فقط، على أن ترتفع النسبة في نوفمبر/تشرين الثاني تدريجياً، لضمان تحريك السوق وحمايته من الركود.
هل سياسات باول تنذر بـ"فولكر" جديد؟
يسير جيروم باول، رئيس الفيدرالي الأمريكي، على نهج بول فولكر، رئيس الفيدرالي الأمريكي الأسبق، وهو الزيادة الكبيرة في معدلات الفائدة لكبح التضخم، ولكن باول رفع الفائدة حتى الآن بنسبة 3% فقط، بينما فولكر رفعها حينها بنسبة وصلت إلى 20%، وترتب على ذلك أزمة اقتصادية حادة.
وعين الرئيس الأمريكي جيمي كارتر، في أغسطس/أب 1979 الاقتصادي الأمريكي بول فولكر رئيسًا لمجلس الاحتياطي الفيدرالي، وكان فولكر حينها من صقور التضخم المعروفين، وقال للرئيس أنه سيتحمل التضخم ويخرجه من النظام بالقوة.
في يناير/كانون الثاني 1979، كانت تعيش أمريكا حالة من التضخم الجامح بحيث الغلاء وصل إلى جيوب المستهلكين وقفزت الأسعار بأكثر من 7% وضعفت عملة الدولار عبر فقدانها 12% من قيمتها.
قام فولكر بممارسته الشجاعة والجريئة، برفع أسعار الفائدة إلى أن وصل إلى 20% والتي جاءت صدمة عنيفة كان من أثرها ارتفاع البطالة إلى 7% وهذا معدل مرتفع للغاية والسياسيين الأميركيين والمسؤولين ليسوا على استعداد لتحمل هذا العبء.
في هذه المرحلة القاسية، دخل الاقتصاد في مرحلة الركود الحاد يوازي ذلك ارتفاع في معدل البطالة لتصل ذروته عند 10% مع معاناة الشركات في مشاكل السيولة، واختفاء الشركات الصغيرة ناهيك عن تأثر الحالة المعيشية إلى السيئة للأسر الأمريكية.
ثم في عام 1982، وجهت الدعوات من مجلس النواب الأمريكي إلى فولكر بالاستقالة، مع إرسال العديد من التنبيهات إليه لكن فولكر ما زال صامدا على موقفه، بحلول عام 1983، انخفض التضخم إلى أقل من 4% منهية فترة التضخم المرتفع في أميركا التي أصبحت تعرف باسم “التضخم العظيم".
لتبدأ حقبة الانتعاش في الاقتصاد والدخول في فترة جديدة من الاستدامة، النمو، التضخم المنخفض، وانخفاض معدل البطالة مع قدرة البنك المركزي على ضبط وإدارة التضخم.
aXA6IDMuMTIuMzQuMTUwIA== جزيرة ام اند امز