بين التوراة والبندقية.. «الحريديم» على خط النار بغزة

يستعد جنود من لواء "الحشمونائيم" المكون من "الحريديم" للانضمام إلى الحرب في غزة ولكن أزمة تجنيد الطائفة الحريدية ما زالت قائمة.
وستكون هذه هي المرة الأولى التي ينضم فيها لواء المشاة الحريدي، وهو الأحدث في ألوية الجيش الإسرائيلي، هذا إلى الحرب.
وتأتي مشاركته، المتوقعة قريبا بحسب القناة 14 الإسرائيلية، في الحرب مع استمرار تصميم الأحزاب الدينية على الحفاظ على طابعها التاريخي وهو دراسة التوراة.
وكان تم إنشاء هذا اللواء بعد اندلاع الحرب في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 وعى إثر قرار المحكمة العليا إلزام المتدينين بالخدمة العسكرية.
وفي يونيو/حزيران 2024 وافق رئيس أركان الجيش الإسرائيلي السابق هرتسي هاليفي على إنشاء لواء خاص لليهود المتدينين "الحريديم" في الجيش الإسرائيلي على أن يضم 3000 جندي ليكون اللواء الأحدث في الجيش والأقل عددا.
ووفقا لقرار التأسيس فإن اللواء سيضم كتيبتي مشاة نظامية وكتيبة احتياط.
وفي حينه تقرر أن يستغرق التدريب الذي سيخضع له أفراد اللواء حوالي 7 أشهر.
وكان تم الاتفاق على عمل هذا اللواء مع حاخامات من الأحزاب الدينية حيث تم وضع خط أحمر وهو أنه لن يضم نساء ولا يهود متدينين قوميين.
وتم الاتفاق تشكيل لجنة قبول خاصة للتأكد من أن الجنود هم بالفعل من "الحريديم" وأن يكون جميع قادة اللواء أيضا من "الحريديم".
وأعلنت وزارة الدفاع الإسرائيلية أن هذه الوحدة مخصصة للجنود العزاب أو المتزوجين الذين يرغبون في الحفاظ على نمط حياتهم الحريدي أثناء الخدمة العسكرية، مع إمكانية الجمع بين الدراسة الدينية والخدمة العسكرية.
ويُطلب من المجندين التوقيع على وثيقة تلتزم بالحياة الدينية وفقًا للشريعة اليهودية، بما في ذلك إطالة اللحية، الحفاظ على البيوت، الامتناع عن الألفاظ النابية، والالتزام بزي متوافق مع الشريعة اليهودية.
وكانت المحكمة العليا الإسرائيلية قررت في 23 يونيو/حزيران 2024 إلزام المتدينين اليهود "الحريديم" بالخدمة العسكرية أسوة بباقي الإسرائيليين.
كما قررت المحكمة حرمان المؤسسات التعليمية الدينية من الدعم الحكومي إذا ما رفض طلابها الالتزام بالخدمة العسكرية.
وعلى إثر هذا القرار، وفق وزير الدفاع الإسرائيلي السابق يوآف غالانت في 18 يوليو/تموز 2024 على توصية الجيش بإصدار أوامر استدعاء إلى الحريديم للخدمة العسكرية، وصدرت الدفعة الأولى من الأوامر في 21 من الشهر ذاته.
ولكن القرار قوبل باعتراضات شديدة من قبل الحريديم وحاخاماتهم إلى حد أن أحد كبار الحاخامات دعا الى تمزيق أوامر الاستدعاء والقائها في المرحاض.
ولكن ذلك لم يمنع قيادة الجيش من المضي قدما في إنشاء لواء الحشمونائيم إذ قرر رئيس هاليفي في 4 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي وضع قرار تأسيس اللواء موضع التنفيذ.
وفي 5 يناير/كانون الثاني 2025، انضمت الدفعة الأولى من الحريديم إلى اللواء وضمت 60 جنديا في السرية النظامية و100 في سرية الاحتياط.
ويخضع الجنود في اللواء للتدريب الذي يشمل التخصص في الرماية والحرب في المناطق المبنية والمفتوحة والقتال الليلي والتخفي والإغارة، وفي النهاية يصبح المجندون جنود مشاة.
ومدة الخدمة في اللواء هي 32 شهرا.
وعلى الرغم من إنشاء هذا اللواء فإن نسبة المنخرطين بالجيش الإسرائيلي من الحريديم منخفضة للغاية مقارنة مع باقي أفراد المجتمع الإسرائيلي.
وتشير معطيات رسمية إسرائيلية إلى أنه من بين آلاف استدعاءات الخدمة في الجيش فإنه لم يرد إيجابا إلا عشرات منهم فقط.
وبواصل متدينون تنظيم احتجاجات في إسرائيل رفضا للخدمة في الجيش، وكثيرا ما تؤدي هذه الاحتجاجات إلى اشتباكات مع الشرطة الإسرائيلية.
وتقول أحزاب المعارضة الإسرائيلية العلمانية والقومية إن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو يدفع باتجاه قانون جديد يعفي قطاعات واسعة من المتدينين من الخدمة العسكرية.
وتتهم هذه الأحزاب نتنياهو بأنه يريد دفع ما تسميه "قانون التهرب" من أجل الحفاظ على بقائه السياسي إثر تهديد الأحزاب الدينية بالانسحاب من الحكومة حال فرض التجنيد الإجباري على المتدينين.
وما زالت هذه الأحزاب وعلى رأسها "شاس" و"يهدوت هتوراه" تهدد بالانسحاب من حكومة نتنياهو في حال عدم إقرار قانون يعفي المتدينين من الخدمة العسكرية.
ومن شأن انسحاب هذه الأحزاب من الحكومة سقوطها والتوجه إلى انتخابات مبكرة وهو ما لا يريده نتنياهو الذي يطالب هذه الأحزاب بالانتظار لتمرير القانون قريبا.
وطرد نتنياهو وزير الدفاع السابق يوآف غالانت من منصبه على خلفية معارضته لهذا القانون.
وينظر إلى قضية قانون تجنيد المتدينين باعتبارها القضية الأكثر اشتعالا الآن والتي تهدد بقاء حكومة نتنياهو.
ويشكل "الحريديم" نحو 13% من عدد سكان إسرائيل البالغ قرابة 10 ملايين نسمة وسط تقديرات بارتفاع أعدادهم في السنوات القادمة.
ويقول "الحريديم" إنهم يكرسون حياتهم لدراسة التوراة باعتبارها "من يحمي إسرائيل ويحمي الجيش الإسرائيلي أيضا".
وكانت القناة 14 الإسرائيلية قد قالت "سيقوم لواء حشمونائيم، اللواء الأرثوذكسي المتشدد، بنشاط عملياتي محدد في قطاع غزة لأول مرة في المستقبل القريب، مع فصائله الست وسريتين".
وأضافت: "بحسب قائد اللواء، المقدم عمرام حيون، فإن لواء الحشمونائيم يتمتع بتفرد قيادي يتم التعبير عنه على عدة مستويات: في نهاية كل أسبوع يتم تدريب المجندين، بينما يخرج القادة للحفاظ على الكفاءة الملاحية والتدريب القتالي مع الوحدات الخاصة.. بالإضافة إلى ذلك، يتم النشاط التشغيلي قبل تدريب القادة في جميع القطاعات".
وأوضح هيون أن التوراة شيء مهم يرافق جميع الأفراد، من القادة إلى المجندين.
ولكن في الإشارة إلى عدم مشاركة "الحريديم" بالأعداد التي كان يأملها الجيش، قال: " الأرقام مهمة، لكنها ليست القصة، هناك نمو ودافع كبير".
aXA6IDMuMjIuMjA5LjExNSA= جزيرة ام اند امز