«حشمونائيم» إلى غزة.. تعرف على أول لواء إسرائيلي من «الحريديم»

في خطوة تعكس تصاعد جهود الحكومة الإسرائيلية لدمج المتدينين اليهود «الحريديم» في صفوف الجيش، يستعد لواء «حشمونائيم»، أول تشكيل عسكري من هذه الفئة، لتنفيذ أولى عملياته الميدانية في قطاع غزة.
ويُعد هذا الحدث سابقة في تاريخ الجيش الإسرائيلي، حيث لم يسبق أن خاضت وحدة منظمة من «الحريديم» عملية قتالية كاملة على الأرض، وفق تقرير للقناة الـ14 العبرية.
- أزمات لا تتوقف في إسرائيل.. دعوات لعقاب وإقالة وزير من «الحريديم»
- تجنيد الحريديم يعود للواجهة.. اختبار جديد لحكومة نتنياهو
ما هو «حشمونائيم»؟
هو لواء عسكري إسرائيلي متدين بطابع توراتي، وسيشارك بـ6 سرايا وسريتين إضافيتين ضمن تشكيله القتالي في أول اختبار ميداني بحرب غزة.
ويعدّ اللواء الذي أُنشئ رسميًا في العام الماضي تجسيدًا لمحاولة المؤسسة العسكرية الإسرائيلية خلق نموذج «الجندي الحريدي»، عبر تشكيلات تتناسب مع الخصوصيات الدينية لليهود الأرثوذكس، بما في ذلك الالتزام بالدراسة التوراتية، وضوابط الاحتكاك بين الجنسين، والطقوس الدينية اليومية.
ويؤكد العقيد عمِرام حيّون، قائد قاعدة التدريب الأساسية للواء، أن «الحافزية» والدافع الديني يشكلان جوهر تجربة «حشمونائيم».
إذ يدرس القادة والجنود التوراة على طريقة «الحافروتا» التقليدية، ويُفترض أن يكون جميع القادة من طلاب التوراة، ليس فقط من حيث المعرفة، بل في «السلوكيات الأخلاقية المستمدة من القيم الدينية».
توقيت حرج.. وجدل داخلي
وتأتي مشاركة اللواء في قطاع غزة في توقيت بالغ الحساسية، وسط تصاعد الغضب داخل إسرائيل من امتناع غالبية المتدينين الحريديم عن أداء الخدمة العسكرية، رغم الحرب المفتوحة في غزة، وسقوط آلاف القتلى والجرحى في صفوف الجنود والاحتياط.
ويُقدَّر عدد الحريديم الذين تنطبق عليهم شروط التجنيد بنحو 60 ألف شخص، إلا أن التجنيد لا يزال مرفوضًا في الأوساط الحريدية، التي تعتبر الخدمة في الجيش مخالفة لعقيدتها الدينية.
وقد زاد من حدة الجدل مؤخّرًا تداول مقطع فيديو لوزير الإسكان والبناء يتسحاق غولدكنوف، أحد قادة حزب «يهدوت هتوراه»، وهو يرقص في حفل زفاف على أنغام أغنية مناهضة للتجنيد تقول: «نموت ولا نخدم في الجيش».
وأثار المقطع ردود فعل غاضبة من وزراء ومسؤولين سابقين، بينهم بيني غانتس ونفتالي بينيت ويائير لابيد، مطالبين بطرد الوزير من الحكومة ووقف التمويل الحكومي للمؤسسات الحريدية التي تشجع على التهرب من الخدمة العسكرية.
التجنيد الطوعي أم التملّص المنظّم؟
ويُنظر إلى لواء «حشمونائيم» كأداة لتقويض سردية «الامتناع المطلق» لدى الحريديم. لكن منتقدين يرون أن هذه الوحدة تمثّل «ورقة توت» تُستخدم سياسيًا لتبرير استمرار الامتيازات الممنوحة للأحزاب الدينية المتشددة، دون أن تعبّر بالضرورة عن تحوّل جوهري في موقف الشارع الحريدي من التجنيد.
ورغم تصريحات حيّون عن ارتفاع الحافزية وازدياد الراغبين في الالتحاق باللواء منذ عيد الحانوكا، لا تزال معدلات التجنيد العامة في صفوف الحريديم ضعيفة.
وتشير التقديرات إلى أن 13.5% من سكان إسرائيل هم من الحريديم، يعيش أكثر من 40% منهم في القدس وبني براك، ويعانون من نسب فقر مرتفعة ومعدلات بطالة جزئية بسبب انخراطهم في الدراسات الدينية بدلاً من سوق العمل.
تجربة قابلة للتوسع؟
ويراهن الجيش الإسرائيلي على «حشمونائيم» كنموذج يُحتذى لتعميم فكرة التجنيد الحريدي، في وقت تحتاج فيه المؤسسة العسكرية إلى سد النقص الحاد في الجنود، لا سيما مع استمرار العمليات في غزة واستنزاف قوات الاحتياط.
لكن التجربة لا تزال موضع اختبار. فنجاح اللواء في تنفيذ عملياته دون ارتباك ديني أو عسكري، سيكون حاسمًا في تحديد ما إذا كانت هذه التجربة مؤهلة للانتشار، أم أنها ستبقى استثناءً رمزيًا، يُستَخدم لتهدئة الغضب الشعبي دون تأثير فعلي في بنية الجيش الإسرائيلي.
aXA6IDMuMjIuNjMuMTU0IA== جزيرة ام اند امز