"جْهاز والتَّصديرة".. "ترسانة" الفتاة المقبلة على الزواج في الجزائر
فصل الصيف ليس للاستجمام والسباحة والعطل فقط في الجزائر، بل هو الفصل المفضل لإقامة حفلات الزفاف.
ولأهل الجزائر عادات وتقاليد وطقوس خاصة في حفلات الزفاف، تختلف من منطقة لأخرى، ولكل منها موروثها الشعبي والثقافي المستمد منذ مئات السنين، كثير منها لازال شائعاً إلى يومنا هذا.
- احتفالات أمازيغ الجزائر.. تمسك بالهوية وترسيخ للأجيال
- "مهيبة العيد".. طقوس تكريم "كنة" المستقبل في الجزائر
ولا جدال في القول إنه مهما اختلفت عادات كل منطقة جزائرية في حفلات الأعراس، فإنه جميعها تشترك في التقاء أجواء الفرح والمرح والترفيه عن النفس والتكافل الاجتماعي، وإبراز الموروث الشعبي الذي تتباهى به العائلات الجزائرية وتتسمك به.
ولحفلات الزفاف في الجزائر طقوس خاصة جدا، إذ أن كثيرا من المناطق الجزائرية خصوصاً الشاوية الأمازيغ وأهالي المناطق الجنوبية يبدأ عرسهم سواء عن العريس أو العريس 15 يوماً قبل موعده، بالتحضيرات والزغاريد وحفلات الرقص النسوية، حتى إن هناك مثلا شائعاً يقولون فيه: "عرس ليلة تدبيرته عام".
وكما للعريس يومه الخاص به، فإن للعروس أيضا يومها "الذهبي" الذي تكون فيه "أميرة العرس" لـ3 أيام متتالية خلال أسبوع حفلة الزفاف، وبعد حفلة الخطوبة.
اليوم الأول يسمى يوم "الخروف" أو "النعجة" أو "الكبش" أو "يوم العشاء"، ففي عادات الجزائريين منذ القدم، أن يأخذ أهل العريس لأهل العروس يومين قبل يوم الزفاف "موكباً خاصاً" يتقدمه خروف أو نعجة على حسب عادات كل منطقة.
ولا يكتفون بذلك، إذ تأخذ والدة العروس معها لوازم مأدبة العشاء التي سيقيمها أهل العروس في "يوم الحناء" من الخضر والفواكه وحتى الملح والحمص وغيرها، ويتم نحر الخروف تحت زغاريد النسوة دلالة على "الملح الواحد للعائلتين".
أما اليوم الثاني فيكون "يوم العروس" أو "يوم الحناء"، إذ يحضر أهلها وصديقاتها، وكذا عائلة زوجها، حيث تقام مراسم "الحناء" بالزغاريد والبارود، ويتم تخضيب يدي العروس بالحناء مع وضع قطعة من الذهب في يديها.
وتتحول العروس في هذا اليوم إلى "عارضة أزياء"، لأنه يوم "تصديرتها"، و"التصديرة" هي ارتداء العروس مختلف الملابس التقليدية سواء من منطقتها أو مناطق جزائرية أخرى، مثل "الكاراكو" و"الشدة" و"الملحفة" و"القفطان" وغيرها، فتقوم العروس بإبهار الحاضرات بأجمل وأرقى أنواع الألبسة التقليدية والتقليدية والعصرية.
إذ تقوم العروس بشراء ملابس تقليدية مختلفة جاهزة تباع بمحلات خاصة باللباس التقليدي، أو تلجأ إلى شراء أقمشة راقية وتعمل على خياطتها عند خياطات متخصصات في اللباس التقليدي.
و"التصديرة" التي تعد من أقدم الموروث الشعبي في الجزائر، هي كلمة مشتقة من الكلمة العربية "تصدّر" والتي تعني "صدر المجلس والمكان".
واليوم الثالث هو "يوم العريس" ويوم ذهاب العروس إلى بيت زوجها، في مواكب "خرافية" تحت أصوات زمامير السيارات والبارود والمفرقعات وزغاريد النسوة.
لكن، كيف تنتقل العروس الجزائرية إلى بيت زوجها؟ وماذا تأخذ معها من لوازم وملابس وغيرها؟ وهذا ما تستعرضه "العين الإخبارية" في هذا التقرير.
"ْجهاز".. ترسانة العروس
كثيرون في الجزائر يفضلون تسميتها بـ"ترسانة" العروس التي تنقلها معها إلى بيت زوجها، وتتمثل في "الشورى" و"جهاز"، إذ أن "الشورى" من مالها الخاص، و"جهاز" تكون ضمن شروط أهل العروس.
حيث أن كل ما يخص "الشُّورى" من لوازم تشتريه العروس من مالها الخاص، ولا علاقة للزوج به، حيث يظم ألبسة تقليدية وألبسة صيفية وشتوية، ومجموعة من أغطية بيوت المنزل وأغطية خاصة بقاعة الاستقبال وأفرشة ووسادات مصنوعة من الصوف، وستار لكل نوافذ المنزل، إضافة إلى سجادات مختلفة الحجم، وبعض التحف النحاسية التقليدية الجزائرية، وقطع من الذهب من أساور والخواتم، وكل ما يخص الحمام، ومجموعة من الأحذية النسوية خاصة ما تعلق منها بأحذية الأعراس.
كما يمكن وصف "المْحَزْمَة" بأنها تاج العروس الجزائرية، وتعرف أيضا في الجزائر بـ "مَحَزْمَة اللْويزْ"، وهي عبارة عن مجموعة من قطع الذهب على شكل قطع نقدية أو دنانير الذهب، ومترابطة فيما بينها على قطعة من الحرير، وتلف على الخصر، حيث تعتبر أهم قطعة ذهبية للعروس وترتديها في اليوم الثاني بعد دخولها إلى بيت زوجها.
حيث تتميز بكثرة الزخارف والنقوش، ومصنوعة من الذهب الخالص، أما وزن كل واحدة منها فمن 1 غرام إلى 5 غرامات.
أما "جهاز" أو ما يسميه البعض "تروسو" فهو مكون من كل ما يخص المرأة، بدء من الملابس الداخلية، ومختلف أنواع الأحذية، وملابس النوم الصيفية والشتوية.
وطكذا ملابس "الضيافة" لاستقبال الضيوف، وملابس خاصة بالمناسبات القادمة مثل الأعياد والأعراس، وملابس للخرجات.
بالإضافة إلى مختلف أنواع قطع الذهب من أساور وخواتم وغيرها، وخمارات وعطور وشامبوهات، وكريمات للعناية بالبشرة، ومختلف أنواع الماكياج.
وما يثير الإعجاب والانتباه أكثر في "جهاز" و"شورى" العروس الجزائرية، هو وضعها في سلات بمختلف الأحجام وبألوان ذهبية وبيضاء، تجعل من العروس "أميرة" أو "ملكة" زمانها.