بالفيديو.. الإرهابي جون ومقاتلو داعش بلا أقنعة لأول مرة
الأقنعة كانت تُخفي وجوههم دوما ولكن هذا الفيديو يكشفهم للعالم
قد يكون مشهداً من أي غرفة معيشة أو مقهى.. 4 شباب يضحكون أثناء شحن هواتفهم ويتحدثون عن أسبوعهم، إلا أنهم في الواقع يشكلون أخطر 4 إرهابيين وقتلة في تنظيم "داعش" الإرهابي سيئ السمعة في المملكة المتحدة، التي غادروها للقتال في سوريا.
حصلت صحيفة "تيليجراف" البريطانية على لقطات فيديو نادرة مصورة سراً لمقاتلين يظهرون معاً لأول مرة بلا أقنعة وبلا حماية، وهم محمد إموازي الذي ذبح بريطانيين و3 من الأمريكيين في فيديوهات دعائية مروعة، وجنيد حسين عضو في التنظيم وقناص إلكتروني وزوج أكثر امرأة مطلوبة لدى السلطات البريطانية سالي جونز، ورياض خان الذي جند العشرات من البريطانيين للقتال من أجل داعش، والقناص ريموند ماتيمبا.
التقى الأربعة بانتظام في هذا المقهى الموجود في مدينة الرقة السورية، التي تُعد عاصمة لما يسمونها الخلافة، قبالة شارع في وسط المدينة، ومن المفهوم الآن أنه من هناك تآمروا هم ومقاتلون أجانب آخرين لشن لهجمات على المملكة المتحدة والغرب.
صور هذا الفيديو الممتد لدقيقة ونصف رجل سوري في نوفمبر/تشرين الثاني 2014، وتمكن من تهريبه من الرقة في أوائل شهر سبتمبر/أيلول الجاري، بعد تحرير حيّه على يد القوات المدعومة من الولايات المتحدة.
طلب السوري إخفاء هويته لحماية أسرته التي لا تزال تعيش في ظل حكم داعش، وتمكن السوري من الحصول على ثقة المقاتلين وأصبح من القلة القليلة من المحليين المسموح لهم بدخول المقهى، الذي غالباً ما استخدمه المقاتلون البريطانيون والأوروبيون الآخرون.
يمكن سماع صوت حسين يتحدث باللكنة الإنجليزية البريطانية إلى الرجل الواقف وراء الكاميرا -مصدر تيليجراف- بشأن الحصول على كارت ذاكرة، ويتساءل عن كيفية دفع الأموال للحصول عليها، مع استحالة إرسال الأموال عبر ويسترن يونيون.
وقال المصدر إن الإرهابيين غالباً ما كانوا يستخدمون مكاتب تحويل الأموال للمدفوعات الصغيرة أو المحلية، وعملة بيت كوين الإلكترونية للمعاملات الدولية.
كان حسين مسؤولًا عن حملات شبكات التواصل الاجتماعي التي أغرت مئات من المُجنَّدين من المملكة المتحدة إلى "خلافتهم" الممتدة في العراق وسوريا، وأوضح المصدر أن جهاز الكومبيوتر "لاب توب" حسين لم يعد يحتوي على مساحة كافية، فقد كان مليئًا بفيديوهات عالية الدقة صورها الفريق الإعلامي للتنظيم.
يمكن رؤية ملصقات لشعارات تويتر وفيسبوك على الحائط الخلفي، فوق بندقية قنص بجوار ماتيمبا، وفي وقت التقاط الفيديو كان التنظيم يمتلك آلافا من الحسابات على هذين الموقعين، اللذين كانا يُستخدمان للتجنيد والتخطيط وإصدار التهديدات، وواجه الموقعان اتهامات بتسهيل الأمور للتنظيم للاستجابة المتأخرة للموقعين في إزالة الحسابات.
كما يظهر إموازي -معروف باسم الإرهابي جون- وخان وهما يجلسان على أريكة في الخلفية، ويتحدثان بهدوء فيما بينهما بعيداً عن المسامع، وهذه هي المرة الأولى التي يُلتقط فيها صور بالكاميرا لأي من المقاتلين في أراضٍ تسيطر علها داعش خارج فيديوهات التنظيم، ويكشف الفيديو علاقة غير معروفة سابقاً بين أكثر الرجال المطلوبين في بريطانيا.
من هذا المقهى ناقش المقاتلون أياً من الدول الأوروبية ستكون هدفهم التالي، وقال مصدر تيليجراف إنهم كانوا يتحدثون عن صناعة القنابل وكيفية ضمان إحداث أقصى عدد من الإصابات.
وفي إحدى المرات سمع المصدر، في منتصف 2015، فرنسيين ومقاتل بلجيكي يتآمرون لشن هجمات على عدة أهداف في العاصمة الفرنسية باريس، وبعد أشهر عاد أولئك الرجال إلى بلادهم بجوازات سفر مزورة، وارتكبوا مجازر باتاكلان واستاد دو فرانس التي أودت بحياة 130 شخصاً.
كانت محررة تيليجراف جوزي إنسور على تواصل شبه أسبوعي مع المصدر لأكثر من عامين، وكانت المحادثات في بعض الأوقات عن موضوعات عادية مثل الطعام الذي تناوله على العشاء اليوم، وفي أوقات أخرى كان يتحدث عن أهوال العيش تحت حكم داعش، وكان غالباً ما يمزح حول كيف أصبحت الرقة مثل الأمم المتحدة، مدينة أصبحت مضيفة للأجانب من جميع أنحاء العالم.
كان المصدر عالقاً في الرقة أغلب الوقت وعاجزاً عن الهرب، فقد كانت نقاط تفتيش داعش تعني أنه لا يُسمح لأي شخص بالخروج إذا لم يحمل التصريح المناسب، وتقول المحررة إنها كانت غالباً ما تقلق بشأن سلامته، ولا سيما بعد فترات غياب طويلة من وسائل الإعلام الاجتماعية.
تمكن المصدر من تصوير الفيديو عبر إخفاء هاتفه المحمول ذي الكاميرا أسفل معطف، وهو يعلم أنه سيواجه عقوبة الإعدام إذا انكشف أمره، فبينما تمتع المقاتلون البارزون بالاستخدام الكامل للهواتف مُنع المدنيون الذين يعيشون في "الخلافة" المزعومة من استخدام الإنترنت أو التواصل مع الذين يعيشون خارج "الخلافة".
وقال المصدر لتيليجراف عبر تطبيق تليجرام إنه كان قلقاً على حياته إذا أمسكوا به وهو يصور الفيديو، موضحاً أن العالم أجمع كان يريد رؤية الرجل الموجود وراء القناع، ولكن بعد تصويره الفيديو أدرك أنهم سيقتلونه إذا خرج الفيديو للنور لذلك أخفاه لمشاركته في المستقبل.
وأوضح المصدر أن المقاتلين البريطانيين دائماً ما كانوا يسيرون في المدينة وهم يرتدون الأقنعة، ولا يخلعونها نهائياً خوفاً من تحديد هويتهم، وكان المقهى المكان الوحيد الذي كانوا يكشفون فيه وجوههم فضلًا عن منازلهم التي كانت قريبة.
وأشار المصدر إلى أن جميعهم ارتدوا أقنعة سوداء، وكان الإرهابي جون مميزاً، حيث ارتدى قناعاً أخضر يرتديه فوق رأسه في الفيديو، والتقط هذا الفيديو بعد أشهر من ذبحه العامليين في الإغاثة البريطانيين ديفيد هاينز وآلان هينينج، فضلًا عن 3 من الأمريكيين في لقطات فيديو أذهلت العالم.
ومن المثير للاهتمام ما قاله المصدر إن المقاتلين بدأوا في مناداة إموازي باسم جون، وكانت الوسائل الإعلامية قد منحته اسم "الإرهابي جون" بعد أن ظهر أنه كان جزءاً من خلية من 4 مقاتلين بريطانيين، أطلق عليها اسم البيتلز، عذبت المساجين في سجون داعش.
وفي محادثات مع مجندين محتملين على مواقع مثل "آسك.إف إم"، دائماً ما أنكر خان والآخرون معرفتهم بالهوية الحقيقية لجون، وأوضح المصدر أن إموازي كان عنيفاً في الإعلام فقط، ولكن في الحياة العادية كان شخصاً هادئاً، وقليل الكلام ويتحدث بهدوء وكان يتجنب أي تواصل مع المدنيين في الشارع.
وقال المصدر إن جنيد كان المسئول عن تكنولوجيا المعلومات، وكان القائد والأكثر إثارة للخوف، وعندما كان يدخل المقهى كان يقف الآخرون جميعهم وينظرون إليه.
قُتل حسين (21 عاماً) وإموازي (27 عاماً) في أغسطس/آب ونوفمبر/تشرين الثاني 2015 على التوالي في غارات أمريكية لطائرات بدون طيار، وكان خان أول بريطاني يُقتل في ضربة جوية نفذتها طائرة بدون طيار تابعة لسلاح الجو الملكي أثناء تحركه في سيارته في أغسطس/آب من العام نفسه.
ثمة معلومات ضئيلة معروفة عن ماتيمبا، الذي لم يكن يُعتقد سابقاً أنه عضو مهماً، ويكشف الفيديو عن علاقة وثيقة مع أبرز مقاتلي التنظيم، ويقول المصدر إنه كان مسئولاً عن تدريب المجندين الغربيين على القنص.
لم تتمكن تيليجراف من معرفة ما إذا كان ماتيمبا (30 عاماً) حياً أم ميتاً، مما يثير احتمالية أنه لا يزال طليقاً، وقالت والدته للصحيفة الأسبوع الماضي إنها لا تمتلك تأكيداً بعد أن قطعت جميع تواصلها مع نجلها وغيرت رقمها في 2015.
وقال المصدر إنه بينما أغلب المقاتلين البريطانيين الذين سافروا إلى سوريا قتلوا في المعارك أو غارات التحالف التي تقودها الولايات المتحدة في الرقة، إلا أن العشرات غادروا إلى معقلهم المتبقي في دير الزور، موضحاً أنهم لم يرغبوا في تبديد الغربيين في تلك المعركة فقد احتاجوهم أحياء لشؤون أضخم.
aXA6IDE4LjIyMi4xNjMuMTM0IA== جزيرة ام اند امز