جيل بايدن إلى ناميبيا وكينيا.. "اختراق ناعم" يجس نبض أفريقيا
قبل أشهر اختارت واشنطن إرسال وزيرة ماليتها في جولة أفريقية حملتها إلى السنغال وجنوب أفريقيا وزامبيا، ولم يكن اختيار امرأة عبثيا بالمرة.
ففي النصف الثاني من ديسمبر/ كانون الأول الماضي، حطت طائرة وزيرة الخزانة الأمريكية جانيت يلين بالقارة السمراء، محملة بأجندة ثقيلة وموضوعات مختلفة تتقاطع عند هدف شامل يختزل مساعي واشنطن لإعادة البريق للوجود الأمريكي في أفريقيا.
وحينها، جاءت زيارة يلين مباشرة بعد أخرى أجراها وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف إلى جنوب أفريقيا، في إطار جولات تكثفت بالأشهر الستة الأخيرة لعدد من دول أفريقيا.
على خطى يلين
ولم يمض الكثير من الوقت على جولة يلين، قبل أن يعلن البيت الأبيض، الثلاثاء، أن السيدة الأولى جيل بايدن ستزور هذا الأسبوع كلا من ناميبيا وكينيا "لتعزيز الشراكة" بين الولايات المتحدة والبلدين الأفريقيين.
وفي بيان، قالت الرئاسة الأمريكية إن زيارة السيدة الأولى ستبدأ اليوم الأربعاء، وتتواصل حتى الأحد المقبل، وستتخللها اجتماعات ومحادثات تتمحور حول "النساء والشباب، والجهود المبذولة لمعالجة انعدام الأمن الغذائي، وتعزيز قيمنا الديمقراطية المشتركة".
وأوضح البيت الأبيض أنّ هذه الزيارة ستكون الأولى للسيدة بايدن إلى ناميبيا والثالثة إلى كينيا.
وفي كينيا، ستتطرق جيل بايدن في محادثاتها بشكل خاص إلى الجفاف التاريخي الذي يضرب منطقة القرن الأفريقي والذي يعاني بسببه الملايين من الجوع.
وتأتي جولة السيدة الأمريكية الأولى في أعقاب قمة حول أفريقيا استضافها الرئيس جو بايدن بواشنطن في ديسمبر/ كانون الأول الماضي، ودعا خلالها إلى قيام شراكة واسعة مع القارة السمراء.
كما تأتي الزيارة إلى البلدين الأفريقيين في وقت تسعى فيه واشنطن لتعزيز وجودها بالقارّة في مواجهة الاستثمارات الصينية المتزايدة فيها.
أدوات ناعمة؟
تماما كما اختزلت جولة يلين خطوة ناعمة نحو القارة السمراء، تأتي الزيارة المرتقبة لجيل بايدن للبلدين الأفريقيين في إطار خطة التعاون بين واشنطن وأفريقيا، والتي بدأت بحملة لإدارة بايدن لإعادة الارتباط بقارة يبلغ عدد سكانها 1.3 مليار نسمة وتعتبر مستقبل سلة اقتصاد العالم.
خطط وضعها بايدن بشكل أساسي خلال قمة واشنطن في ديسمبر/ كانون الأول الماضي، وأكدها نائب وزير التجارة الأمريكي دون جريفز، بالقول: "لقد أبعدنا أعيننا عن أفريقيا، والآن على المستثمرين والشركات الأمريكية أن تلعب دورا أكبر".
أما يلين فكانت واضحة في تصريحاتها عندما قالت إن "استراتيجية الولايات المتحدة تجاه أفريقيا تتمحور حول إدراك بسيط بأن القارة السمراء ستشكل مستقبل الاقتصاد العالمي".
وأضافت: "نعلم أن ازدهار أفريقيا هو في مصلحة الولايات المتحدة"، لافتة إلى أن "أفريقيا المزدهرة سوقا كبيرا لسلعنا وخدماتنا، وهذا يعني المزيد من فرص الاستثمار لشركاتنا".
وبدا من تصريحات الوزيرة أن واشنطن دخلت مرحلة تسريع خطواتها لإعادة بناء العلاقات مع أفريقيا بمواجهة تنامي الوجود الاقتصادي الصيني في قارة تعتبر موطئ القدم الدبلوماسي لروسيا في أجزاء منها.
تصفية حسابات
تمتلك واشنطن ذراعا عسكرية بأفريقيا تتمثل بالخصوص في قيادتها العسكرية بالقارة أو ما يعرف اختصارا بـ"أفريكوم"، لكن هذه الوحدة لا تكتفي بمهامها الأساسية بل تضطلع أيضا بدور خفي يشمل ترسيخ المكانة السياسية والعسكرية الأمريكية بالقارة، وموازنة بل وحتى تطويق القوى العالمية الأخرى.
ذراع تشكل القوة الصلبة لواشنطن، فيما تحاول معاضدتها بأخرى ناعمة تتمثل في المساعدات والإغاثة على غرار حفر آبار المياه وإنشاء المراكز الصحية والتعليمية وغيرها، علاوة على زيارات رفيعة لشخصيات مثل يلين وجيل بايدن.
لكن وفي ضوء تنامي الوجود الصيني، ودخول روسيا على الخط بشكل سافر، خصوصا بعد حرب أوكرانيا، كل ذلك يبدو أنه دفع نحو خطة أمريكية متعددة الأبعاد تقوم على تطويق القارة عبر قوى ناعمة تستهدف تعزيز موطأ قدمها لكن تحت يافطة الشراكة الاستراتيجية والتعاون.
خطة من شأنها أن تحول أفريقيا إلى مسرح لتصفية الحسابات بين القوى الكبرى، فواشنطن لم تنس موقف عواصم القارة من حرب أوكرانيا، حيث امتنعت أغلبها عن إدانة العملية الروسية وذلك خلال التصويت في الجمعية العامة ومجلس الأمن، الذي يضم 3 دول أفريقية من بين الأعضاء الـ10 غير الدائمين، وهي الغابون وغانا وموزامبيق.
حينها، أدركت واشنطن أن وزنها بالقارة بحاجة ماسة للتدارك بمواجهة الدب الروسي والتنين الصيني، وما أكد وجهة نظرها الزيارة اللافتة التي أجراها في يونيو/حزيران الماضي الرئيس السنغالي -الرئيس الدوري للاتحاد الأفريقي- ماكي سال إلى موسكو، وتأكيده أن أغلبية دول أفريقيا "تجنبت إدانة روسيا".
aXA6IDE4LjExNy4xNTguMTI0IA==
جزيرة ام اند امز