حل جمعية الإخوان.. عزلة تنظيمية وتآكل للإسلام السياسي بالأردن

بعد إعلان جمعية الإخوان بالأردن حل نفسها، رأى خبراء أن الخطوة تعكس انحسار موجة الإسلام السياسي بالمنطقة نتيجة تراجع الطلب على "الشعارات الجوفاء".
وأعلنت جمعية جماعة الإخوان المرخصة وفق قانون الجمعيات السياسية، أمس الثلاثاء، حلّ نفسها، وسط تصاعد حملة رسمية ضد التنظيم الإخواني في الأردن، بعد قرار الحكومة حظر الجماعة الأم في أبريل/نيسان الماضي.
وتوقع سياسيون أردنيون في أحاديث لـ"العين الإخبارية"، أن تشهد الفترة المقبلة تشديدًا أكبر في الرقابة على تمويل حزب جبهة العمل الإسلامي (الذراع السياسية للإخوان) وأنشطته.
وزعمت جمعية الإخوان أن القرار يأتي طوعًا، في ظل ما وصفته بـ"التطورات السياسية الراهنة" ومراعاة "التوجهات الوطنية".
وفي بيان رسمي، قالت الجمعية، التي حصلت على الترخيص في عام 2015 بعد انشقاقها عن الجماعة الأم غير المرخصة، إنها قررت إنهاء وجودها التنظيمي.
واعتبر المحلل السياسي الأردني مأمون المساد، في حديث لـ"العين الإخبارية"، أن القرار يعكس التراجع الواضح لنفوذ الإسلام السياسي، ليس فقط بسبب الضغوط التنظيمية، بل أيضًا بفعل التحولات الفكرية لدى المجتمع الأردني، وخاصة الشباب.
وبات الشباب، وفقًا لرؤية المساد، يبحث عن برامج وطنية واقتصادية حقيقية، لا عن شعارات أيديولوجية مستهلكة.
وعن دلالة حل جمعية الإخوان نفسها طوعًا، أكد المحلل السياسي الأردني أن جمعية جماعة الإخوان المرخصة في الأردن تطوي سنوات من الجدل القانوني والتنظيمي والسياسي حول مشروع (الإخوان الشرعيين) الذين وُلدوا عام 2015 كبديل للجماعة التاريخية غير القانونية.
كما جاءت الخطوة لتعكس رغبة الجمعية المرخصة في الانسجام مع قانون الأحزاب الجديد، الذي يشترط تمثيلًا جغرافيًا ونسبِيًا وجندريًا حقيقيًا، وهو ما لم تتمكن الجماعة من توفيره، لتغدو خارج السياق السياسي الجديد الذي تشكّله الدولة.
ووفقًا للمجريات السياسية الحالية، توقع المحلل السياسي الأردني أن تشهد الفترة المقبلة تشديدًا في الرقابة على تمويل حزب جبهة العمل الإسلامي وأنشطته، وفرض التزام صارم بقانون الأحزاب.
لكن المساد استبعد إقدام الحكومة الأردنية حاليًا على حظر حزب جبهة العمل الإسلامي، ما دام التزم بالقوانين الناظمة للعمل الحزبي.
وفي تقدير المحلل السياسي الأردني منذر الحوارات، فإن الخطوة تأتي في سياق إعادة ترتيب جمعية الإخوان صفوفها، لكن باسم جديد، وبشخصيات جديدة، لتؤدي دورًا على الساحة السياسية الأردنية، بعدما فقدت الاقتناع الشعبي بدورها السابق.
وقال الحوارات في حديث لـ"العين الإخبارية": إن جمعية الإخوان تحاول البحث عن اسم جديد يجمّد تبعات المرحلة السابقة، ويطلقها من جديد بدور مغاير كما يبدو.
وأضاف: حلّ جمعية الإخوان لنفسها ربما جاء اتقاءً لتبعات الاسم، إذ ستكون هناك ملاحقات قانونية لجماعة الإخوان.
ونوّه أيضًا بأن جمعية الإخوان كان وجودها هامشيًا في الحياة السياسية، ولم تستطع أن تحظى بالمكانة التي كانت تحظى بها الحركة الأم.
من جانبه، فسّر هشام النجار، الخبير في شؤون حركات الإسلام السياسي، في حديث لـ"العين الإخبارية"، خطوة قيام جمعية جماعة الإخوان بحل نفسها كـ"محاولة لامتصاص صدمة الإجراءات التي تتخذها الدولة ضد فرع الإخوان في الأردن".
وقال الخبير المصري إن الخطوة بمثابة هروب إلى الأمام لإنقاذ ما يمكن إنقاذه، خاصة مع الإجراءات القانونية الجادة الحالية بشأن تتبع مصادر التمويل، وملفات الفساد المالي، وإنفاق الموارد المالية الآتية من مصادر مجهولة أو من جهات خارجية على أنشطة غير مشروعة.
وخلص النجار إلى أنها "محاولة يائسة للتنصل من جرائم وممارسات الفساد المالي التي بدأت تنكشف على خلفية التحقيقات والإجراءات التي تقوم بها الدولة".
ويأتي إعلان الحل في سياق حملة رسمية متصاعدة ضد التنظيم الإخواني في الأردن، بلغت ذروتها في أبريل/نيسان الماضي حين أعلنت الحكومة، عبر وزير الداخلية مازن الفراية، حظر جماعة الإخوان ومصادرة جميع ممتلكاتها، واعتبارها "جمعية غير مشروعة".
وأكّد الوزير حينها أن القرار سينفّذ فورًا عبر الأطر القانونية، مؤكدًا أن الحكومة لن تتهاون مع أي تنظيم يهدد أمن الدولة الأردنية.
aXA6IDIxNi43My4yMTcuNSA= جزيرة ام اند امز