إخوان الأردن.. انشقاقات وتكتيكات خداع تنتهي بـ"الحل"
مراقبون حذروا من استمرار وجود خطر الجماعة، رغم حلها، على أمن الأردن، في ظل وجود الذراع السياسي للجماعة «حزب جبهة العمل الإسلامية».
قرار الأردن حل فرع جماعة الإخوان على أراضيه لم يضع حدًا لسنوات من الملاحقات القضائية ضده فحسب، وإنما أعاد للواجهة أيضا مسارًا ملغومًا بالانشقاقات والخلافات التي تضرب الهيكل التنظيمي للفرع وقياداته منذ أكثر من عقد.
وبات واضحاً أن عقد الإخوان في الأردن انفرط؛ إذ اتخذ النائب العام الأردني قراراً السبت بوقف مجلس نقابة المعلمين الذي يسيطر عليه التنظيم، وإغلاق مقراتها لمدة سنتين.
وبالعودة إلى القرار الصادر مؤخرا عن أعلى محكمة بالمملكة، والقاضي باعتبار الجماعة في الأردن منحلة حكمًا وفاقدة لشخصيتها القانونية والاعتبارية، فإنه يعد الخطوة التي حسمت الوجود القانوني للفرع الإخواني.
إلا أن الأخير انتهى فعليا قبل ذلك بكثير، متأثرا بانشقاقات وبتراجع حاضنته الشعبية باكتشاف حقيقة نواياه الرامية للتغلغل بمفاصل الدولة لتحقيق أجندته، لتُطوى بذلك صفحة أخرى من صفحات الجماعة الإرهابية بالمنطقة العربية.
وقبل أكثر من أسبوع، أصدرت محكمة التمييز في الأردن، أعلى سلطة قضائية بالمملكة، قرارها الحاسم باعتبار جماعة الإخوان منحلة حكمًا وفاقدة لشخصيتها القانونية والاعتبارية، على خلفية عدم قيامها بتصويب أوضاعها القانونية وفقا للقوانين المحلية.
خلافات وانشقاقات
المحلل السياسي التونسي، بسام حمدي، اعتبر أن الانشقاقات داخل التنظيمات والحركات المتطرفة تعد أمرا طبيعيا باعتبار قيامها تنظيميا على الرابط الأيديولوجي نفسه، واصطدامها بديناميكية الحياة السياسية، فتولد اصطداما واختلافات بين قادة وأفراد التنظيم.
وبخصوص فرع الجماعة بالأردن، أوضح حمدي، في حديث لـ"العين الإخبارية"، أنه تأسس العام 1946 كفرع للتنظيم الأم في مصر، وأسس في 1992 "جبهة العمل الإسلامي"، الحزب الذي اتخذه ذراعه السياسية وتسلل عبره إلى الحياة السياسية والبرلمان.
وبالنظر إلى طبيعة التنظيم، قال: كان من البديهي أن تشقه الخلافات التي ظهرت إلى العلن، بشكل مدو، في 2008، ثم تجلت بشكل أبرز، بعد 5 سنوات، حين أسست بعض قيادات الجماعة" المبادرة الأردنية للبناء" أو ما عرف اختصارا بـ"زمزم".
انشقاق أخرج الخلافات إلى الواجهة، رغم محاولات التنظيم المستميتة للتكتم عليها، وكلف 3 قيادات من الجماعة قرارا بالفصل صدر ضدهم في أبريل/ نيسان 2014، حيث اعتبر ما يسمى بـ«المحكمة الداخلية لجماعة الإخوان» أن المفصولين خالفوا أنظمة ولوائح الجماعة بتأسيس مبادرة سياسية «خارج إطار الجماعة».
وبالنسبة لـ«حمدي»، شكلت المبادرة في حينه ضربة قاصمة للجماعة، لما فيها من اعتراف بفشل الأحزاب الدينية، وعجزها عن الانفصال عن أيديولوجيتها التي تجعل أهدافها بعيدة عن مصلحة المواطن والبلاد، خصوصا حين أعلن مؤسسو المبادرة، في مارس/ آذار 2016، تحويلها إلى حزب سياسي سيكون مبعث عمله «وطنيا بامتياز في ظل سقوط الأحزاب الدينية».
ولاحقا، شكلت المبادرة نقطة بداية لانشقاقات أكبر تمثلت في إعلان عبد المجيد الذنيبات، المراقب العام السابق للجماعة في الأردن، في مارس/ آذار 2015 تأسيس كيان منشق عنه حمل اسم «جمعية جماعة الإخوان المسلمين»، قدمها على أنها تأتي في إطار «التصويب القانوني للوضع القانوني للجماعة» حيث ضرب التنظيم في مقتل.
أراد الذنيبات فك ارتباط الفرع الأردني عن التنظيم الأم في مصر، لكنه اصطدم بمعارضة قيادات الجماعة التي وصفت خطوته بـ«الانقلاب على شرعية الجماعة»، ليبدأ الكر والفر والهجمات الكلامية بين الجانبين، وتتفاقم الانقسامات والاصطفافات مع هذا الجانب أو ذاك.
صراعات داخلية ظلت السمة الأبرز المهيمنة على الجماعة بالأردن، بحسب حمدي الذي أشار إلى أن قرار محكة التمييز كتب شهادة وفاة الإخوان بالمملكة، جمعية وجماعة، بما أنه قضى بعدم اعتبار الجمعية التي تأسست عام 2015 خلفا قانونيا أو واقعيا للجماعة التي تأسست عام 1946، كما قضى باعتبار الأخيرة منحلة.
لكن في المقابل، يحذر مراقبون من استمرار وجود خطر الجماعة، رغم حلها، على أمن الأردن، في ظل وجود الذراع السياسية للجماعة وهو «حزب جبهة العمل الإسلامية».
نحو السقوط الأخير
بحل الجماعة في الأردن، تتضاعف عزلة التنظيم الإرهابي بالمنطقة العربية، ويطوقه الرفض الشعبي من كل جانب، لتنضاف المملكة بذلك إلى كل من الإمارات والسعودية والبحرين ومصر، الدول التي حظرت الجماعة.
حمدي قال إن ارتفاع منسوب الانشقاقات خصوصا بين أذناب الجماعة الأم في مصر واستماتة كل فرع في تأكيد أنه الأصل، وعزوف الشباب عن الانخراط بصفوفها، سيكتب عاجلا فصل السقوط الأخير لجميع فروع الجماعة.
ففي ليبيا، تقف المليشيات الإخوانية على شفير الهاوية، بل يتوقف استمرار وجودها على ما ستؤول إليه موازين القوى على الأرض، ما يعني أن دحرها بالمعارك سيكتب شهادة وفاتها آليا.
أما في تونس، فيعيش فرع التنظيم على وقع ضغوطات غير مسبوقة، ترجح بقوة إخراجه عنوة من الحكم، أو إجباره على التقاعد السياسي، على خلفية ملاحقات قضائية في الأفق قد تطال حتى زعيمه راشد الغنوشي الذي دخل دائرة الاتهام بقضية مقتل المعارضين شكري بلعيد ومحمد البراهمي في 2013.
وفي السودان، تعيش فلول الإخوان عقب دحر نظام عمر البشير حالة من التخبط والرفض خصوصا عقب التعديلات القانونية الأخيرة.
لكن الآمال بأفول الجماعة بشكل نهائي لا يخفي مخاطر يطرحها احتمال توجه مختلف هذه الفروع إلى العنف، في طرح يدعمه تاريخ الإخوان وتصريحات سابقة لقيادات إخوانية تستبطن النزعة الإرهابية للجماعة.
حيث قال زكي بشايرة، قبل خمس سنوات، إن «حل جماعة الإخوان يعني الذهاب لحواضن الفكر المتطرف، خصوصًا فئة الشباب لما تتسم فيه من سرعة الانفعال والاندفاع».
فيما ذهب القيادي الإخواني نعيم الخصاونة إلى القول بأنه «لا خيار أمام المعتدلين الرافضين للتدخل الأمريكي والحرب الدولية على الإسلام إلا تأييد داعش».
aXA6IDE4LjIxOS4xOC4yMzgg جزيرة ام اند امز