أضحية الأردنيين.. روحانيات ومباهاة ومآرب أخرى
على الرغم من الظروف الاقتصادية، يحرص الأردنيون على تجاوز كل العقبات، للالتزام بشراء الأضحية في عيد الأضحى
يأتي عيد الأضحى هذا العام بالتزامن مع موسم تسجيل الأبناء بالمدارس وما يتطلبه ذلك من تجهيزات، إلا أن الأردنيين يحرصون على تجاوز كل الظروف الاقتصادية للالتزام بشراء الأضحية في عيد الأضحى.
بعضهم يفعل ذلك حرصًا على روحانيات المناسبة، والبعض الآخر يفعلها من باب المباهاة والفخر، وما بين الاثنين مآرب أخرى تختلف من شخص لآخر.
وترفع هذه الأسباب مجتمعة معدل الاستهلاك السنوي من مختلف أنواع الأضاحي، ليتراوح بين 200 إلى 250 ألف أضحية.
المدرس محمد الخالدي، من مدرسة علي رضا الركابي الحكومية، لجأ إلى الجمعية الشهرية التي من خلالها يدفع مبلغا صغيرا لا يشعر من خلاله بالتوتر، وقبل العيد بأيام يحصل على مبلغ 200 دينار يستخدمها لشراء الأضحية.
يقول الخالدي: "في الحقيقة لا أستطيع أن يأتي عيد الأضحى ولا أشتري الأضحية، فهي أهم طقس من طقوس العيد، ومن خلالها أعلم أطفالي أهمية الالتزام بقواعد الإسلام ومشاركة المحتاجين وإسعادهم يوم العيد".
ويرفض الخالدي مبرر الظروف الاقتصادية كسبب يجعله يحجم عن هذا الالتزام السنوي.
ويضيف: "من ينوي أن يشتري يستطيع أن يجد طريقة من خلالها يؤمن سعر الأضحية، لا سيما أن أسعارها انخفضت هذا العيد بنسبة 20% حسب التصريحات الرسمية، ومن ثم منحنا فرصة للشراء بشكل أسهل".
أما لحام منطقة صويلح نبيل حياصات، فيرى أن الناس لا يشترون فقط الأضاحي لأنها من الشعائر المهمة في عيد الأضحى، بل يدخل عنصر المباهاة الاجتماعية كجزء أساسي في عملية الشراء.
ويستند حياصات في رأيه إلى معرفته بالأوضاع الاقتصادية للكثير من الأسر التي تشتري أضاحي بأعداد تفوق وضعها المادي لذبحها في بيت العائلة وتوزيعها، على الرغم مما يترتب على ذلك من صعوبات مادية.
ويقول: "أعمل في هذه المهنة منذ 20 عامًا وأكثر.. وأرى أناسًا مختلفين، القادرين على شراء أضحية واحدة فقط، وآخرين لا يشترون الخراف بل الجمال لذبحها وهي مكلفة، ومع ذلك يصرون على الشراء، على الرغم من أن الله عز وجل لا يكلف نفسًا فوق طاقتها".
ويضيف: "بعضهم يبرر الشراء ليس كونه تقربًا لله، بل سيلاحقه الخجل الاجتماعي بين إخوانه وعشيرته إن لم يشترِ الأضحية لهذا العيد".
ويبلغ سعر الخروف البلدي من 150 دينارًا إلى 250، حسب وزنها، أما المستورد من 120 إلى 160، وبعد الذبح والسلخ تنقص الأضحية ما يقارب النصف من وزنها.
وما بين التقرب إلى الله والمباهاة، مبررات أخرى تستند إليها بعض الأسر، إحداها يذكرها تاجر الأغنام، صلاح العواملة.
ويقول العوالمة: "بعض الأسر لا تهتم بإحياء الشعيرة بالشكل المتعارف عليه وهو شراء الأضحية وذبحها وتوزيع لحومها، بل كل ما يهمهم هو وصول لحومها للعائلات المحتاجة، حتى ولو كان ذلك يتم دون إشراف منهم".
ويوضح العوالمة، أن هذه الأسر تلجأ إلى ما يعرف بـ"الأضاحي الإلكترونية"، التي تقوم على فكرة شراء أضحية من خلال مؤسسة ما وتكون الأضحية مستوردة وسعرها أقل وتوزع على العائلات المحتاجة حسب سياسة المؤسسة، ودون إشراف من قبل المشتري، ويكون سعرها بالمتوسط 100 دينار.
وتمثل هذه الأسر قطاعا صارت شريحته تتزايد في المجتمع الأردني، بما أثر على معدل بيع الأضاحي لهذا العام، التي سجلت انخفاضًا عن الأعوام السابقة، حسب العوالمة.
شكوى العوالمة من انخفاض معدلات البيع، يبررها رئيس مجلس إدارة مجموعة شركات حجازي وغوشة المتخصصة باستيراد اللحوم، عصام حجازي، بأن كميات الأضاحي المتوفرة في السوق المحلية تزيد عن احتياجات المواطنين.
ويقول حجازي، إن "الاستهلاك السنوي من مختلف أنواع الأضاحي يتراوح بين 200 إلى 250 ألف أضحية، وإن الأضحية ذات الأصل الروماني هي الأكثر طلبًا بين المستورد، ويتراوح سعر الكيلو قائمًا من 3.5 الى 4 دنانير".
ويقدر حجازي، حجم إنفاق الأردنيين على شراء الأضاحي لهذا العام بحوالي 33 مليون دينار على أساس متوسط سعر الأضحية 130 دينارًا.
ويؤكد الناطق الإعلامي باسم وزارة الزراعة، الدكتور نمر حدادين، ما ذهب إليه حجازي.
فبينما لا يتعدى الاستهلاك السنوي من مختلف أنواع الأضاحي 250 ألف أضحية، يقول إن الوزارة بالتعاون مع أمانة عمان وفرت 500 ألف أضحية في مواقع محددة، ومن بينها 300 ألف أضحية مستوردة تتميز بالسعر الأقل.