شجرة المهراس الأردنية.. زيتونة أسطورية تحجز مكانها على قائمة اليونسكو
أعلنت اللجنة الحكومية الدولية لصون التراث الثقافي غير المادي التابعة لليونسكو إدراج شجرة الزيتون الأردنية الشهيرة بـ"المهراس" ضمن قائمتها التمثيلية، وذلك خلال اجتماعها المنعقد في العاصمة الهندية نيودلهي.
الخطوة لاقت احتفاء رسميًّا واسعًا، نظرًا لما تمثله هذه الشجرة من جذور تاريخية تمتد عميقًا في الذاكرة المحلية.
وأوضح وزير الثقافة الأردني مصطفى الرواشدة أن تسجيل "المهراس" في القائمة الأممية يعكس قيمة هذا الموروث العريق، لافتًا إلى أن الشجرة ليست مجرد نبات قديم، بل جزء من هوية اجتماعية تتقاطع فيها الحكمة الشعبية والضيافة والعلاقات اليومية بين الناس. وأضاف أن هذا الاعتراف لا يحمل بعدًا ثقافيًّا فحسب، بل يفتح المجال أمام فرص اقتصادية وسياحية تعزز حضور الأردن عالميًّا.

حكاية شجرة لا تشبه غيرها
تُعد شجرة "المهراس" واحدة من أقدم السلالات الزيتونية في المنطقة المتوسطية، وتمتاز بقدرتها الفريدة على الصمود في وجه المناخ الجاف والتقلبات البيئية القاسية. وتنتج الشجرة ثمارًا ذات تركيز مرتفع من الزيت، إذ تصل نسبة استخلاص الزيت منها إلى نحو 30%، وهي نسبة عالية مقارنة بالسلالات الأخرى.
ويتمتع زيت المهراس بصفات حسية متفردة؛ نكهة فاكهية عميقة، ومرارة خفيفة تُعتبر علامة جودة في الزيوت البكر الممتازة، إضافة إلى لونه الذهبي المائل إلى الأخضر. وما يميّز هذا الزيت أكثر هو ثباته العالي أثناء التخزين، وقدرته على الاحتفاظ بنكهته وقيمته الغذائية لأمد طويل.
وتشير الدراسات الحديثة إلى أن زيت المهراس غني بحمض الأوليك الذي يدعم صحة القلب، فضلًا عن مجموعة كبيرة من مضادات الأكسدة التي تساهم في حماية الخلايا وتعزيز المناعة، ما يجعل الزيت ليس مجرد منتج غذائي، بل مادة تستعمل كذلك في العلاجات التقليدية.
وكشفت التحاليل الجينية أن شجرة المهراس ترتبط بسلالات الزيتون الأصلية في إسبانيا وإيطاليا وقبرص، ما يعزّز فرضية أن الأردن كان أحد المراكز الأولى لانتشار الزيتون في الحوض المتوسطي. كما تنتشر هذه الشجرة في عدد من المناطق الأردنية مثل عجلون، الطفيلة، جرش، وادي رم، وإربد، وتحمل في الذاكرة الشعبية أسماء متعددة كـ"الرومي" و"العتيقة" و"الكفري".
ويرجع اسم "المهراس" إلى تشبيه الشجرة بالجمل الكبير في سنه ووقاره، وهي استعارة شعبية تؤكد عظمة هذه الزيتونة التي صمدت عبر الزمن، وها هي اليوم تجد مكانًا يليق بها على خارطة التراث الإنساني العالمي.