"قصر اليونيسكو" يفك أسر البرلمان اللبناني من حصار كورونا
وخارج القصر كانت هناك مناسبة لعودة التحركات الشعبية للشارع ولكن هذه المرة بشكل جديد.
بعد غياب لأكثر من شهرين بسبب ظروف كورونا، استأنف البرلمان اللبناني، الثلاثاء، جلساته التشريعية من قصر اليونيسكو، وسط تحركات شعبية مطالبة بإصلاح عاجل.
وبعد آخر جلسة له حين منح الثقة لحكومة حسان دياب، اتخذ البرلمان قرارًا بعقد جلساته خارج مقره في وسط بيروت، لعدم توفّر الشروط المطلوبة لجهة المسافة المطلوبة بين النواب.
ووقع الاختيار على ما يعرف بـ"قصر اليونيسكو" في بيروت، حيث جُهّز لاستقبال الجلسات على مدار 3 أيام (الثلاثاء والأربعاء والخميس) للبحث في جدول أعمال مكون من 66 بنداً أبرزها اقتراح قانون العفو، وتشريع زراعة القنّب (الحشيش)، إضافة لأخرى مرتبطة بتعزيز القطاع الاستشفائي ومواجهة وباء كورونا والأزمة المالية والاقتصادية.
وأزيح الستار عن قصر اليونسكو في العام 1948، بعد 5 سنوات من استقلال لبنان؛ حيث ارتبط باستضافته المؤتمر الدولي الثالث لمنظمة اليونسكو التابعة للأمم المتحدة.
آنذاك، وصف مؤتمر اليونسكو بأنه إطلالة أولى للجمهورية اللبنانية على الساحة الدولية، حتى صار موقعاً مركزياً لاستضافة أنشطة محلية وعالمية.
غير أنه في عام 1982، استهدف الغزو الإسرائيلي هذا المركز الثقافي بقصف جوي، ما أدى إلى تدمير المسرح بما فيه من تجهيزات ومعدات، ثم جرى ترميمه في مارس/آذار 1998.
وبعد أن اكتملت التحضيرات اللوجستية وانتشار القوى الأمنية على المداخل المؤدية إلى قصر اليونسكو وقطع الطرق من حوله، خضع النواب لعملية تعقيم كما ثبّت جهاز لقياس الحرارة ووُزعت الأقنعة على النواب والجسم الإعلامي.
ويتغيب سعد الحريري رئيس الحكومة السابق ورئيس كتلة المستقبل النيابية عن الجلسة، لالتزامه بالحجر المنزلي لمدة 14 يوما بعد عودته من فرنسا إلى بيروت الأسبوع الماضي.
وكان لافتا ما تطرق إليه النائبان في "حزب الكتائب" سامي ونديم الجميل، حيث اعترضا في بداية الجلسة على وجود عناصر حزبية مسلحة عند مدخل قصر اليونسكو، وهو ما نفاه رئيس البرلمان نبيه بري.
وتوجّه الجميل إلى بري قائلا: "تأكدنا أن العناصر الموجودة في الخارج ليست عناصر أمن بل عناصر حزبية مسلحة، ومنطق الدولة والدستور لا يسمح لنا كأبناء دولة بأن نمر أمام مسلحين".
ليعود بري ويجدد تأكيده أن العناصر هم من أمن الدولة بلباس مدني.
ويتوقع أن تشهد الجلسة خلافات بين الأحزاب حول قانون العفو العام المطروح؛ لاختلاف مقاربته بين الخصوم والحلفاء، على حد سواء، أي حزب الله وحركة أمل من جهة والتيار الوطني الحر من جهة أخرى، وهو الذي يعارض بدوره طرح "تيار المستقبل"، حيث من المرجح أن يتم إعادة المشروع للجان المشتركة لإعادة بحثه.
وبحسب نائب رئيس مجلس النواب إيلي الفرزلي فإن العفو العام يجب أن يقوم على دراسة تفصيلية لكل سجين، بحيث يأتي القانون ليخفف الاكتظاظ في السجون، مع ضرورة عدم شموله الذين هددوا أمن الناس وقاموا بأعمال إرهابية.
من جهتها، أوضحت النائبة في كتلة المستقبل رولا الطبش أن "نحو ألفي سجين وموقوف من أصل 9 آلاف سيستفيدون من اقتراح قانون العفو العام ومعظمهم للأسف غير محاكمين".
لكنها أشارت إلى أن هناك جرائم بمثابة خط أحمر لن يشملها اقتراح العفو العام مثل قتل عسكريين أو قضايا الإرهاب، والعمالة مع العدو أو تجارة المخدرات.
وقضية ميشال سماحة المتّهم بنقل متفجرات إلى لبنان من ضمن جرائم الإرهاب، وبالتالي لن يشمله قانون العفو العام، وفق النائبة.
وخارج قصر اليونيسكو، ورغم الانتشار الأمني للحماية من كورونا بدا واضحا أن الجلسات التشريعية كانت مناسبة لعودة التحركات الشعبية للشارع، والذي انطلقت منه مظاهرات دفعت حكومة سعد الحريري للاستقالة في 17 أكتوبر/تشرين الأول الماضي.
وحرص الناشطون الذي دعوا إلى التحركات على الالتزام بإجراءات الحماية من كورونا، رغم أن الدعوات لم تكن لتجمعات إنما لمسيرات بالسيارات، على ألا يكون في السيارة أكثر من شخصين، والتزام الجميع بوضع الكمامات والتباعد الاجتماعي.
وارتكزت الدعوات للتحرك من الوضع المعيشي والاقتصادي الصعب في غياب أي إجراءات من الحكومة التي مرّ على تشكيلها 100 يوم.