الفن الصخري في حائل.. أرشيف 10 آلاف عام من الإنسانية
الموقع انضم لقائمة التراث العالمي لليونسكو في عام 2015، ويتكون الموقع التراثي المختلط "ثقافي/ طبيعي" من موقعين صحراويين في منطقة حائل.
يعد الفن الصخري الذي يضم ألواحا من الرسومات والنقوش المنحوتة على جبل أم سنمان في جبة وجبال المنجور وراطا في الشويمس في منطقة حائل بالمملكة العربية السعودية، من أكبر وأقدم الفنون الصخرية في العالم، حيث يقدر بنحو 5431 نقشا ثموديا يجسد مناظر حيوانية وبشرية ونباتية ورمزية، ورسومات لحيوانات مختلفة يمتد تاريخها إلى 10.000عام.
الموقع انضم لقائمة التراث العالمي لليونسكو في عام 2015، ويتكون الموقع التراثي المختلط "ثقافي/ طبيعي" في منطقة حائل من موقعين صحراويين يوجد بهما جبل أم سنمان في مدينة جبة الأثرية الواقعة في الشمال الغربي من مدينة حائل على بعد 100 كيلومتر داخل صحراء النفود، وجبال المنجور وراطا في الشويمس، ويضمان 5431 نقشا ثموديا تجسد مناظر حيوانية وبشرية ونباتية ورمزية، و194 رسما لحيوانات مختلفة منها 1378 رسماً لجمال بأحجام وأشكال مختلفة، وبلغ عدد الرسوم الآدمية 262 رسما.
موقع جبة الأثري في عصر ما قبل التاريخ:
وتعد مدينة جبة واحدة من أكبر وأهم مواقع النقوش والرسوم الصخرية في المملكة العربية السعودية، وهى متحف فني من متاحف الشعوب القديمة، ووجهة سياحية تراثية صحراوية في المنطقة، وتضم أقدم المواقع الإنسانية التي تعود إلى العصور الحجرية، حيث عاش الإنسان حياته في الكهوف والمغارات معتمداً في قوته على الصيد وجمع الأطعمة، واستمر العصر الحجري آلاف السنين في الجزيرة العربية.
تضم مدينة جبة الأثرية آلاف الرسوم والنقوش الصخرية التي تحكي قصة الإنسان وحياته اليومية في فترة ما قبل التاريخ، وأهم الأنشطة الاقتصادية والممارسات الدينية والعادات والتقاليد في تلك الفترة، وهي تعد مادة غنية وفريدة لدراسة تاريخ الإنسان في عصر ما قبل التاريخ وأساليب تكيفه مع البيئة المحيطة.
في دراستها الأثرية التحليلية عن "أسلوب جبة بمنطقة حائل في الفنون الصخرية بالجزيرة العربية" تناولت الباحثة سارة بنت فالح الدوسري، أسلوب جبة الفني الذي نقشت به الصخور في الجزيرة العربية في فترة ما قبل التاريخ، وكشفت عن وجود نشاط كبير لجماعات بشرية عاشت فيها، وكانوا يمارسون الصيد بالعصِيِّ الملتوية، والقوس، والسهم، والرمح، والشبكات، والقوس، وغيرها، ومكانة هذه الحيوانات جلية في نقشها على الصخور التي وجدت في مناطق البحث بجبة".
أما سلسلة مرتفعات "أم سنمان" فهي تشرف على بحيرة من المياه العذبة لم يبق منها أثر في الوقت الراهن، كانت توفر المياه للناس وللحيوانات في الجزء الجنوبي من صحراء النفود الكبرى. وقد ترك أسلاف الجماعات السكانية العربية الحالية آثاراً تدل على وجودهم، وذلك في العديد من ألواح النقوش الصخرية والكثير من النقوش الأخرى. وتؤلف جبال المنجور وراطا منحدرات صخرية لواد تغطية الرمال في الوقت الحاضر ويمثل عدداً كبيراً من الأشكال الآدمية والحيوانية .
المراحل التاريخية للنقوش الصخرية
تنقسم المراحل التاريخية للنقوش الصخرية في حائل إلى 4 مراحل، هي: العصر الحجري القديم ويمتد من 7 إلى 12 ألف عام ق.م، والعصر النحاسي من 5600 -4500 ق.م، والعصر البرونزي 2500 ق.م، وأخيرا العصر الحديدي قبل 1500 قبل الميلاد، وهي فترات تاريخية اعتمد فيها الإنسان في نشاطه الاقتصادي من أجل الغذاء على صيد الحيوانات وتربيتها، وبواكير المحاصيل التي تنبت في الواحات، وعلى ضفاف الأودية وفي الأرضي الخصبة عقب السيول.
جسدت النقوش والرسومات الصخرية بمراحلها الأربع، رحلة تطور الإنسان ونضجه الفني والفكري من ناحية، ونشاطه الاقتصادي من ناحية أخرى، فقد تميزت الرسوم في بدايتها بالبدائية في تصوير أشكال الرجال والنساء على هيئة عصي، حيث مرحلة الحيوانات غير المستأنسة مثل الوعول والإبل والخيل، بالإضافة إلى رسومات لقطط وكلاب في مرحلة الصيد، ثم مرحلة أكثر نضوجا على المستوى الفني، وتمثل مرحلة متقدمة في تطور النشاط الاقتصادي والثقافي للإنسان في تلك المنطقة حيث استئناس الإبل، وظهور النقوش الكتابية، والزخارف الهندسية.
لذا تعد الفنون الصخرية في منطقة حائل سواء في موقع جبل"أم سنمان" أو موقع جبال "المنجور" و"راطا" في "الشويمس" أرشيفا تاريخيا مصوراً لرحلة الإنسان وحياته، وتطور نشاطه الاقتصادي والاجتماعي والثقافي عبر آلاف السنين.