القضاء في لبنان.. صمت على الفساد يحرق "بلاد الأرز"
أظهر القضاء اللبناني، مؤخراً، جانبا غامضا في تحركاته تجاه قضايا الفساد التي طالت عددا من السياسيين بالبلاد.
فساد يعرفه وعلى يقين به كل الشعب اللبناني، والذي يقف خلف الأزمات المتلاحقة التي عصفت بالبلاد ولا سيما منها الاقتصادية والمالية.
ورغم ذلك لم يحرك القضاء اللبناني الذي يفترض عليه أن يقوم بواجباته في هذا الإطار لأسباب أيضا يعرفها الجميع وهي التواطؤ بين كل المؤسسات من جهة وبين الضغوط التي قد تمارس على القضاة أنفسهم من جهة أخرى.
عدد من خبراء القانون اللبنانيين قال إنه لو كان هناك دولة حقيقية لكان القضاء تحرك ولاحق المتهمين بالفساء أو على الأقل قام بواجباته لجهة التحقيقات.
وأضافوا: "هذا لم يحدث، واكتفى رئيس الجمهورية ميشال عون بالطلب من واشنطن الحصول على المستندات التي تثبت الاتهامات بحق خليل وفنيانوس وباسيل".
ويشير الخبراء لكل من رئيس التيار الوطني الحر، النائب جبران باسيل والوزير السابق والنائب الحالي علي حسن خليل والوزير السابق يوسف فنيانوس.
وكانت الولايات المتحدة الأمريكية قد فرضت عقوبات على مسؤولين لبنانيين قالت إنهم متورطون في لملفات فساد.
وفي مماطلة واضحة، طلب البيان الأخير للرئيس اللبناني ميشال عون من وزير الخارجية في حكومة تصريف الأعمال شربل وهبة "الحصول على الأدلة والمستندات التي دفعت وزارة الخزانة الأمريكية إلى توجيه اتهامات للنائب جبران باسيل، وتقديمها للقضاء اللبناني لاتخاذ الإجراءات اللازمة في حال توافر أي معطيات".
لكن وبانتظار ما سيكون عليه الجواب الأمريكي، قال رئيس منظمة جوستيسيا الحقوقية في لبنان، الخبير الدستوري الدكتور بول مرقص لـ"العين الاخبارية": "لو كنا في دولة قانون لشهدنا تحقيقات من قبل القضاء اللبناني لأن هذه الاتهامات لا ترتبط فقط بأمور المتهمين الخاصة إنما بالشأن العام والأموال".
وأضاف: "بالممارسة لا يتحرك القضاء تجاه العقوبات الأمريكية لأنه ليس ملزما بذلك وفق النص والأمر نفسه بالنسبة لهيئة التحقيق الخاصة، على الرغم من أنه ليس هناك ما يمنعها من أن تتحرك وتضع إشارات احتياطية على العقارات العائدة للشخص المتهم والتي ستقفل حساباته المصرفية في لبنان بشكل تلقائي مع فرض العقوبات".
ولا يجزم مرقص بثبوت التهمة على المتهمين لكنه يرى ضرورة فتح تحقيق من قبل القضاء اللبناني لـ"منع التجني عليه".
ونبه إلى أن الخزانة الأمريكية قد لا تتجاوب مع الطلب اللبناني ولا تسلم مضمون الاتهامات للسلطات في بيروت، مضيفاً: "حتى أن هذا التحقيق قد يكون لمصلحة المتهم".
بدوره، قال رفيق غريزي المحامي في "حملة الدفاع عن المودعين في لبنان"، إن النيابة العامة التمييزية عليها أن تتحرك بناء على أي معلومات تنشر أو يعلن عنها".
وأضاف: "من بين المعلومات التقارير الإعلامية أو المعلومات المنشورة في الصحف وطبعا الاتهامات بالفساد التي وجهت بشكل مباشر لمسؤولين لبنانيين وأدت إلى فرض عقوبات عليهم، لا سيما وأنها مرتبطة بالمالية العامة للدولة".
وقال: "يفترض على النيابة اللبنانية في هذه الحالة أن تتحرك وتقوم بالتحقيق بشخصها عبر استدعاء الوزير المعني والاستماع إليه أو تحويلها للجرائم المالية للتحقيق بشأنها تحت إشرافها، والتي يفترض أن تتولى هي بنفسها التحقيق مع الوزراء".
وفي حالة عدم مبادرة القضاء اللبناني تجاه هذه الاتهامات، يرى غريزي أنه يمثل "تواطؤا مشتركا لأنه لا يمكن للجهات العدلية نفي علمها بهذا".
ومضى في تحليله: "في غياب قانون استقلالية القضاء، يصبح القاضي ساعيا لإرضاء السلطة خاضعا لها وللمسؤولين الذي يفترض هو أن يحاسبهم ما يفقده حريته واستقلاليته ويخل بقدرته على القيام بواجبه".
وتابع: "سبق أن رأينا في لبنان حالات عدة أمام القضاء كان للسياسة الكلمة الأخيرة فيها".
وكان وزير الخزانة الأمريكي ستيفن منوتشين قال إن الفساد الممنهج في النظام السياسي اللبناني "الممثل في باسيل" ساعد في تقويض أساس وجود حكومة فعالة.
وبينما أكدت السفارة الأمريكية في بيروت أن باسيل يغطي سلاح حزب الله والأخير يغطي فساد رئيس "التيار الوطني الحر"، أكدت معلومات ومصادر نقلا عن البيت الأبيض أنه سيتم في الأيام المقبلة فرض عقوبات على شخصيات لبنانية أخرى متّهمة بالفساد.
aXA6IDE4LjE4OC41OS4xMjQg جزيرة ام اند امز