الفتنة تطل برأسها في لبنان بعد اعتداء على مسجد وإمامه بجبيل
أثار اعتداء على إمام وجامع في منطقة جبيل، في جبل لبنان الشمالي، موجة استنكار من مختلف الأفرقاء، وسط مخاوف من تداعيات للأزمة.
وكانت معلومات قد أشارت مساء أمس عن حدوث اعتداء على مسجد "السلطان إبراهيم بن أدهم" وإمامه في جبيل، لتعود في وقت لاحق صباح اليوم وتؤكد أن القوى الأمنية أوقفت الفاعل الذي قام بتسليم نفسه والاعتراف بما قام به.
ولم تعلن السلطات اللبنانية هوية المعتدي على مسجد المدينة التي تقطنها غالبية مسيحية.
وعلق رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري على الاعتداء على المسجد في جبيل حيث كتب على حسابه على تويتر قائلاً: "مسجد جبيل من المعالم الدينية والتاريخية لمدينة عريقة مكانتها مميزة في الاعتدال والانفتاح والعيش المشترك، والاعتداء على المسجد هو اعتداء مرفوض على السلم الأهلي وعلى القيم التي تمثلها جبيل".
وأضاف: "ثقتنا بالقضاء بعد أن صار المتهم الرئيسي في عهدة القوى الأمنية، وثقتنا الأكبر بأهلنا في جبيل، مدينة العيش الواحد والوحدة الوطنية".
وصدرت الإدانات من سياسيين في المنطقة ورجال دين إضافة إلى مفتي الجمهورية عبداللطيف دريان الذي أعلن مكتبه أنه يتابع الحادث.
وقال المكتب الإعلامي في دار الفتوى إن "مفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ عبداللطيف دريان يتابع ما تم نشره عبر بعض وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي عن اعتداء على مسجد جبيل من بعض الشبان الذين تعرضوا بالضرب للمؤذن"، وطلب دريان من الأجهزة المعنية في الدولة "التحقيق فيما جرى ليبنى على الشيء مقتضاه".
واستنكر مفتي جبيل الشّيخ غسّان اللّقيس في بيان له، الاعتداء على جامع السلطان إبراهيم بن أدهم من قِبل مجموعة سخرت من الأذان وتلاوة القرآن ثم دخلت حرم المسجد لتعتدي على المؤذن بالضرب والشتم.
وقال "ما نخشاه أن تمتد يد الفتنة من فرنسا إلى مدينتنا جبيل ومن ثم إلى لبنان"، مؤكدا في الوقت عينه أن "جبيل عاصمة الحوار والعيش المشترك ما هكذا يتعامل بعض سكانها مع قيم الإسلام ومبادئه السمحة". ودعا "كل السلطات الأمنية لحماية مساجدنا وجوامعنا في مدينتنا من أي اعتداء وأطالبها بتوقيف الجناة والاقتصاص منهم كي يكونوا عبرة لغيرهم".
وعن هذا الاعتداء كتبت النائبة رولا الطبش في كتلة تيار المستقبل على حسابها على "تويتر" "حادث خطير، يُنذر بنوايا لاستدراج البلد نحو فتنة طائفية، قد نعرف كيف تبدأ، والله وحده يعلم كيف ومتى قد تنتهي. فلا يمكن وصف الاعتداء على مسجد السلطان إبراهيم بن أدهم في جبيل وإمامه، سوى بجريمة مقصودة تهدف إلى جرّ البلد إلى مواجهات طائفية، قد تكون ارتدادات من الخارج، بأيد من الداخل".
وتعليقا منه على ما حصل كتب رئيس "التيار الوطني الحر" النائب جبران باسيل على حسابه على "تويتر": "المسجد كما الكنيسة بيت الله، وأي اعتداء عليهما طعنة للبنان التلاقي. كل الإدانة لما تعرض له مسجد الإمام (السلطان) إبراهيم بن أدهم في جبيل، مدينة الانفتاح والحياة المشتركة التي أسقطت عبر تاريخها كل الفتن".
كذلك قال النائب عن جبيل في "حزب القوات اللبنانية" زياد حواط عبر "تويتر": "لا ولن نسمح للمزايدات. مدينة جبيل مهد الحضارات وتواصل وألفة ومحبة وأخوة بين الأديان. جبيل النموذج الحقيقي للعيش المشترك بين جميع مكوناتها. كفاكم تضخيما وتفرقة وكراهية".
الموقف نفسه عبّر عنه النائب في "التيار الوطني الحر" سيمون أبي رميا قائلا عبر حسابه على "تويتر": "بكل بساطة ومنعا للتجاذب الرخيص: ما حصل أمام مسجد السلطان إبراهيم بن أدهم في جبيل هو حادث فردي لا علاقة له بخلفيات طائفية. المطلوب عدم إعطاء الحادث حجما أكبر من حجمه".
وأكد على ضرورة أن تقوم الأجهزة الأمنية والقضائية بدورها الطبيعي بالتحقيق. ومشددا على أن "جبيل بمدينتها وقضائها معقل العيش الواحد".
لكن في المقابل، رفض النائب السابق عن منطقة جبيل فارس سعيد، الحديث عن فتنة شبيهة بتلك التي وقعت في فرنسا، وقال على حسابه على تويتر "أعترض بأوضح صور الاعتراض على كلام سماحة الشيخ غسان اللقيس الذي ربط باريس بجبيل، هذا حادث فردي تمّ توقيف الفاعل داعيا إلى وقف الجدل".
وكان سعيد قد أعلن أيضا رفضه المطلق للاعتداء مؤكدا "جبيل أرض العيش المشترك".
ومع المواقف المستنكرة والرافضة لم يمر الخبر مرور الكرام في مدينة طرابلس حيث عمد عدد من المحتجين صباحا على قطع الطريق عند ساحة عبدالحميد كرامي في المدينة بالإطارات المشتعلة، احتجاجا على الاعتداء وسط انتشار لعناصر الجيش وقوى الأمن الداخلي في محيط الساحة، وقد أدّى المحتجون صلاة الفجر وسط الساحة.
وعاش لبنان الذي يتميز بتنوع طائفي واسع تحت وطأة الحرب الأهلية لنحو 15 عاما من 1975 وحتى 1990.
وتختلط الملفات الطائفية والسياسية في البلاد التي تعاني من أعنف أزمة اقتصادية منذ الحرب الأهلية وسط عواصف متلاحقة من الأزمات السياسية ما يثير مخاوف من اقتتال طائفي على أرضية الوضع اللبناني الهش.